10-يوليو-2017

اتُّهمت تيريزا ماي بعرقلة التحقيقات حول تمويل التطرف "محاباة للسعودية" (بندر الجلود/ الأناضول)

حاز التقرير الذي أصدرته مؤسسة هنري جاكسون قبل أيام، والذي صنّف السعودية كأبرز داعمي وممولي الإرهاب في بريطانيا؛ على اهتمام الصحافة الأجنبية والبريطانية خاصة، والتي تناولت ما جاء فيه باهتمام بالغ.

واتفقت الصحف البريطانية على ضرورة عدم قمع التقرير من قبل الحكومة البريطانية، مع التأكيد على ضرورة فتح تحقيقات شفافة ومباشرة حول نتائجه وما أفضى إليه، مُطالبة المؤسسات الخيرية الإسلامية والمساجد، بالإفصاح علنًا عن مصادر تمويلها، وهو نفس ما أشار إلى ضرورته تقرير هنري جاكسون.

الصحف البريطانية.. لهجة حادة ضد السعودية والحكومة البريطانية

نشرت صحيفة ديلي ميل البريطانية، مقالًا بعنوان "تقرير هنري جاكسون يضع السعودية على رأس قامة أهم الدول الممولة للإرهاب في العالم"، أشار إلى أنّ مصادر التمويل التي غذت الإرهاب في بريطانيا، تمثلت في المنح والهبات المالية التي تصل إلى المساجد المنتشرة داخل أنحاء البلاد، وكذا فكريًا من خلال المناهج التي يتم تدريسها في معاهد الدعاة.

اتُّهمت تيريزا ماي بعرقلة التحقيقات البريطانية حول تمويل الجماعات المتطرفة "محاباةً للسعودية"

وقالت ديلي ميل، إنّ هذه الممارسات هي التي دعمت الاتجاه السلفي الوهابي في التنامي ببريطانيا، مُضيفةً أنها "خلقت تحديًا كبيرًا للأصوات المعتدلة، وشجعت الأصوات الأخرى الأكثر تطرفًا".

اقرأ/ي أيضًا: السعودية عرابة الإرهاب.. تقرير "هنري جاكسون" يُذكّر بما يعرفه الجميع

وأشارت الصحيفة إلى التحقيق الذي فتحته وزارة الداخلية البريطانية حول تمويل الجماعات المتطرفة في بريطانيا عام 2015، لافتةً إلى الاتهامات الموجهة لرئيسة الوزراء البريطانية الحالية تيريزا ماي بعرقلة التحقيقات والتكتم على نتائجها، والتي من بينها تقرير هنري جاكسون، وذلك في سياق ما أسمته الصحيفة "محاباتها للسعودية".

من جانبها، تبنت صحيفة التايمز البريطانية لهجة أشد حدّة، بمقال تحت عنوان "السعوديون يصدرون أيديولوجيا متطرفة إلى المساجد البريطانية"، قالت فيه إن تقرير هنري جاكسون و"الحقائق" الواردة فيه، "باتت تشكل ضغطًا كبيرًا على الحكومة البريطانية لفتح تحقيق شفاف ومستقل حول الأمر"، متهمةً الحكومة البريطانية بإخفاء نتائج تحقيقات خوفًا من إحراج السعودية!

ونقلت الصحيفة تصريحًا وصفته بـ"شبه الرسمي" عن دان جارفيس النائب العمالي، وقائد الجيش البريطاني السابق، والذي قال فيه إنّ "تقرير هنري جاكسون يعرض روابط مثيرة للقلق للغاية بين السعودية والتطرف في بريطانيا".

صحيفة التليغراف أيضًا طالبت بفتح تحقيق شامل في قضية "تمويل السعودية للإرهاب في بريطانيا". وبالجملة، لمن تكن التليغراف أقل حدة من التايمز، إذ قالت في متن تغطيتها لتقرير هنري جاكسون، إنّ "هناك علاقة أساسية ومتنامية بين الأموال التي تأتي أساسًا من السعودية، وبين الموجة الأخيرة من الفظائع التي ارتُكبت في بريطانيا وأوروبا"، مُضيفةً أنّ السعودية "تبنّت حملة الستين عامًا لرعاية وعدم الإرهاب حول العالم".

أمّا صحيفة الغارديان البريطانية، فكانت أكثر تفصيلًا في تغطيتها لتقرير هنري جاكسون، إذ أشارت إلى الإحراج الذي يمثله التقرير للسعودية في الوقت الحالي تحديدًا، لافتةً إلى قطع العلاقات مع قطر، إذ إنّ "نزاع السعودية مع قطر يستند إلى حدٍ كبير إلى اتهامها بأنّ قطر هي الممولة الرئيسية للإرهاب في الخارج".

اقرأ/ي أيضًا: قطع العلاقات مع قطر.. "من هو الإرهابي؟"

وفي لفتة هامة، قالت الغارديان إنّه "رغم أنّ "قادة السعودية قد اعترفوا بالحاجة إلى كبح تمويل التطرف، بما في ذلك من خلال إنشاء مركز مكافحة التطرف هذا العام، إلا أنّ مستوى تمويل الوهابية آخذ في الازدياد"، في ربطٍ مُباشر بين الوهابية والتطرف المنسوب لكثير من الجماعات الإسلامية المسلحة.

أنفقت السعودية ما لا يقل عن ملياري دولار سنويًا لتعزيز انتشار الوهابية حول العالم، ثم تضاعف هذا الرقم منذ عام 2015

وتفصيلًا لوقائع تمويل السعودية انتشار الوهابية، أشارت الصحيفة البريطانية إلى ما ورد في تقرير هنري جاكسون، من أن السعودية أنفقت ما لا يقل عن ملياري دولار سنويًا لتعزيز انتشار الوهابية في جميع أنحاء العالم، وأنّه بحلول عام 2015، يُعتقد أن هذا الرقم تضاعف، ويظهر ذلك في أنّه في عام 2007 كانت أعداد المساجد في بريطانيا القائمة على السلفية الوهابية 68 مسجدًا، وبعد سبع سنوات ارتفع عددها إلى 110 مساجد. 

بالتوازي مع ذلك ازدادت أعداد أتباع المنهج السلفي الوهابي في أنحاء بريطانيا، عبر المؤسسات التمويل تمولها السعودية، إذ ذكر التقرير أنّه في عام 2014 قُدرت أعداد روّاد المساجد السلفية الوهابية في بريطانيا بـ44 الفًا و994 عضوًا.

حملة السعودية ضد قطر "نفاقٌ كامل"

صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية كانت أكثر تركيزًا على مفارقة اتهام السعودية لقطر بدعم الإرهاب، في الوقت الذي صدر فيه تقرير هنري جاكسون ليعيد الأمور إلى نصابها، إذ قالت الصحيفة في متن تغطيتها، إنّه "في الوقت الذي تتهم السعودية فيه قطر بنشر التطرف الإسلامي، يناقش السياسيون البريطانيون ما إذا كان السعوديون أنفسهم قد يستحقون المزيد من اللوم في هذا الشأن"، ناقلةً تعليق توم ويلسون محرر تقرير هنري جاكسون، على الحملة التي تقودها السعودية ضد قطر، إذ وصفها بـ"النفاق المحض".

وأشارت الصحيفة كذلك إلى دور تيريزا ماي في عرقلة ظهور نتائج تحقيقات حول دور السعودية في تمويل التطرف والإرهاب ببريطانيا، واصفة ذلك بـ"المحابات لحكام السعودية لحماية الصفقات التجارية البريطانية"

الحملة السعودية على قطر "نفاقٌ كامل"، لأنه في حين تتهمها بدعم التطرف، يتضح بالدليل أن السعودية هي الممول الأول للتطرف في العالم

وأوردت ما قاله تيموثي فارون زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي البريطاني في هذا الصدد، من أنّه "بتنا نسمع بانتظام عن صفقات الأسلحة السعودية أو الوزراء الذين سيتوجهون إلى الرياض لأداء فروض الولاء والطاعة أمام عائلتهم المالكة، لكن الحكومة لن تفرج عن تقرير ينتقد بوضوح السعودية في ظل وضع سياسي بهذا الشكل!"، مُضيفًا: "اعتقدت أن أمننا سيكون أكثر أهمية، لكنه لا يبدو كذلك".

اقرأ/ي أيضًا: السعودية والإرهاب.. جرائم بشهود وجلاجل

ولفتت نيويورك تايمز إلى جزئية هامة، وهي تعريف السياسة البريطانية للتطرف على أنّه "أيديولوجية معارضة للديمقراطية الليبرالية"، وأنها بذلك تبقي التعريف فضفاضًا بغرض "تجنب النزاعات مع الحلفاء العرب"، وفقًا لجين كينينمونت الباحثة في معهد تشاتام هاوس البريطاني، مُوضحةً أنّه بالنسبة للسعودية والإمارات فإن "الإخوان المسلمون متطرفون لأنهم يسعون إلى الإطاحة بالملكية، وفي المقابل التحالف مع الجماعة هو السبب الرئيسي لاتهام قطر من قبل السعودية والإمارات بالتطرف"، لكن في كل الأحوال لا يُعد هذا تعريفًا محددًا للتطرف، كما تقول جين كينينمونت.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بجاحة "الاعتدال" السعودي المزعوم

تقرير هنري جاكسون ومملكة الظلام.. سخاء على الإرهاب