02-مايو-2018

تصاعدت دعوات مناهضة العنف في آسيا (أ.ف.ب)

ألترا صوت - ذي وورلد ويكلي

عندما انطلقت حملة "أنا أيضا MeToo"، لم تكن الاستجابة سريعة في كثير من الأماكن التي تبدو قضايا مناهضة التحرش الجنسي فيها ضرورة يومية. مؤخرًا، يبدو أن تأثير حملات مناهضة العنف الجنسي بدأ يتبلور في مجتمعات تتربع في صدارة الدول الأكثر ظلما للمرأة، وبدأ نقاش جدي عن ردع هذه الظاهرة يخرج للعلن، خاصة في مجتمعات شرق آسيا. في هذا التقرير المترجم عن مجلة "ذا وورلد ويكلي" الجنوب أفريقية، ترصد بايا سيمونز هذا النقاش في كل من الهند وباكستان واليابان.


"أعيش في بلد لا تكون فيه الفتاة آمنة داخل الرحم ولا خارجه "، "لا لحماية المغتصبين"، "العدالة لبنات الهند"، كانت تلك بعض الرسائل المكتوبة على اللافتات عندما  تظاهر الآلاف من الهنود  في الأسبوع الماضي احتجاجًا على سلسلة من حوادث العنف الجنسي.

كان رد الحكومة الهندية بطيئًا وخافتًا على واقعة اغتصاب جماعي لفتاة عمرها ثماني سنوات وقتلها

إن ما أثار موجة الغضب هذه، هو ما اعتبره الكثيرون ردًا بطيئًا وخافتًا من الحكومة على واقعة اغتصاب جماعي لفتاة عمرها ثماني سنوات وقتلها. تدعى الفتاة آصفة بانو، وقد عُثِر على جثتها في 17 كانون الثاني/يناير. ومن بين الرجال المعتقلين مسؤول حكومي متقاعد وأربعة ضباط شرطة. وقد أثارت الجماعات الهندوسية اليمينية، بما في ذلك وزيران من حزب بهاراتيا جاناتا الوطني الهندوسي الحاكم، الجدل عندما دعموا المشتبه بهم علانية.

اقرأ/ي أيضًا: "الكلام حاشاكم".. حديث مفتوح عن الجنس في المغرب

وقد وعد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بالانتقام من المجرمين، فقال في خطاب علني في 13 نيسان/أبريل: "ستحصل بناتنا على العدالة بكل تأكيد". لكن الكثيرون اعتبروا تعليقاته المقتضبة، التي جاءت بعد عدة أيام من الصمت حول هذه المسألة، غير كافية على الإطلاق.

في نهاية المطاف رد رئيس الوزراء مودي على الغضب الشعبي المتزايد من خلال الدعوة إلى اجتماع طارئ في 21 أبريل/ نيسان. ووافقت الحكومة بعد ذلك على عقوبة الإعدام في حالات اغتصاب الفتيات دون سن 12. كما زاد الاقتراح من العقوبة الدنيا لاغتصاب النساء فوق سن السادسة عشرة من سبع سنوات إلى 10 سنوات، ووعد بالإسراع بإجراءات المحكمة في قضايا الاغتصاب.

سارع المعترضون إلى وصف الاقتراح بأنه "حلوى سياسية" غير محسوبة. وقد صدم الكثيرون من افتقار التقرير إلى أي إشارة إلى اغتصاب الأولاد، لترسيخ الفكرة القائلة بأن الاغتصاب هو دائمًا نوع من الهيمنة على المرأة.

ازدهار حركات MeToo في  باكستان واليابان، البلدان اللذان غالبًا ما يتم انتقادهما بسبب سجلاتهما في مجال المساواة بين الجنسين، بالإضافة إلى الاحتجاجات في الهند، تشير إلى أن الغضب الشعبي على العنف الجنسي في آسيا يصل إلى نقطة الغليان. ومع أخذ الناشطين في البلدان الثلاثة زمام المبادرة، هل تستطيع الحكومات مواكبة المطالب المتزايدة بالتغيير؟

وصل  الغضب الشعبي على العنف الجنسي في آسيا إلى نقطة الغليان هذه الأيام

الشعور العام

شهد الأسبوع الماضي طفرة في عدد النساء في اليابان وباكستان اللاتي انضممن إلى حملة MeToo في اليابان، أشعلت إحدى الصحفيات البارزات موجة من الشهادات المتشابهة عندما تحدثت عن التحرش الجنسي الذي تعرضت له من أحد كبار موظفي وزارة المالية.

وقدمت نساء بارزات أخريات في وسائل الإعلام أصواتهن من أجل "السماح للجمهور بمعرفة المشكلة عميقة الجذور في هذه المهنة التي يهيمن عليها الرجال، وحماية الصحفيات الأصغر سنًا من أن يصبحن ضحايا"، كما جاء في افتتاحية صحيفة "جابان تايمز".

في باكستان، أثارت العديد من النساء غضبًا هذا الأسبوع برواياتهن عن التحرش الجنسي. في 19 أبريل/ نيسان، قامت نجمة البوب ​​الباكستانية ميشا شافي بالتغريد عن تجربتها مع التحرش الجسدي من زميلها علي ظفر. قالت، "اليوم، أتكلم لأن ضميرى لا يسمح لي بأن أصمت بعد الآن". ومنذ ذلك الحين، حذت النساء مثل عارضة الأزياء فريحة ألطاف، ومصممة الأزياء ماهين خان، حذوها.

اقرأ/ي أيضًا: #أول_محاولة_تحرش_كان_عمري.. شهادات مرعبة!

تصنف كل من اليابان وباكستان في مستوى أقل بكثير من المتوسط ​​العالمي للمساواة بين الجنسين حسب التصنيفات التي قام بتجميعها المنتدى الاقتصادي العالمي، حيث احتلت اليابان المرتبة 114 من بين 144 دولة، بينما احتلت باكستان المرتبة 143 (1 هي الأكثر مساواة و 144 هي الأقل).

لقد كان الارتفاع المفاجئ في التقارير غير مسبوق، كما يشير المراقبون، مع الأخذ في الاعتبار الخطر على السمعة والمصداقية التي يواجهها العديد من الضحايا عندما يتحدثون عن التحرش الجنسي في العديد من هذه الدول. إن الرغبة في التغيير في كل من اليابان وباكستان والهند واضحة، ويطالب المزيد والمزيد من المواطنين بالعمل. حمل المحتجون الذين كانوا يصطفون في شوارع سريناجار في ولاية جامو وكشمير الهندية الأسبوع الماضي لافتات كتب عليها "أوقفوا هذا العار. الإعدام للمغتصبين" و"اشنقوا الجناة".

في اليوم التالي الذي اقترح فيه مودي عقوبة الإعدام، أظهر استطلاع للرأي العام أوردته صحيفة التايمز أوف إنديا أن 76% من المواطنين يؤيدون عقوبة الإعدام للمغتصبين.

 76٪ من الشارع الهندي يؤيدون عقوبة الإعدام للمغتصبين

البحث عن الرد المناسب

على الرغم من الدعوة واسعة النطاق للتغيير، لا يتفق الكثيرون على كيفية معالجة المشكلة. إن الدعوة إلى توقيع عقوبة الإعدام على المغتصبين في الهند تتعارض مع توصيات حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة، وقد انتقدت هيومن رايتس ووتش اقتراح السيد مودي بأنه "قاسٍ بطبيعته ولا رجعة فيه، مع قلة الأدلة على أنه يفيد في الردع".

يقول أحمد رضا، ناشط اجتماعي من باكستان، لمجلة The World Weekly، إن "معظم النشطاء الاجتماعيين يحثون الحكومة بالفعل على تعزيز نظام الإبلاغ والتحقيق في الشرطة إلى جانب الحماية الاجتماعية للناجين بدلًا من تطبيق عقوبة الإعدام. كان التحرك لإدخال المرسوم مبنيًا على الوحشية وليس على فهم ديناميكية سفاح القربى وإساءة معاملة الأطفال".

في الواقع، يرى العديد من المراقبين أن عقوبة الإعدام قد تعوق التقدم بالفعل عن طريق ردع الضحايا عن الإبلاغ عن الجرائم. يضيف رضا: "من الناحية التاريخية في غالبية هذه الحالات، فإن الجاني معروف للضحية. إن تطبيق عقوبة الإعدام سيؤدي إلى مزيد من الإحجام عن الإبلاغ عن مثل هذه الحالات، وقد يتسبب في مزيد من المشاكل لأسرة الضحية".

في 1087 من أصل 38947 حالة اغتصاب مبلغ عنها في الهند في عام 2016، كان المتهم أحد أفراد الأسرة المقربين، وفقًا لبيانات من الحكومة الهندية

صدرت القوانين التي تقرر عقوبات على العنف الجنسي في باكستان في عام 2016. جميع أشكال الاعتداء الجنسي على الأطفال أصبحت غير قانونية للمرة الأولى، حيث كان يعاقب القانون على الاغتصاب فقط في السابق، وأصدرت أحكامًا إلزامية لمدة 25 سنة لأولئك المدانين بجرائم الاغتصاب وجرائم الشرف. ومع ذلك، تشير بيانات "ساهل"، وهي منظمة باكستانية غير حكومية ترصد إساءة معاملة الأطفال، إلى أن حالات الاعتداء الجنسي والقتل بعد اختطاف الأطفال ارتفعت من عام 2016 إلى عام 2017.

وأشارت الأمم المتحدة مرارًا إلى عدم وجود أدلة قاطعة تربط عقوبة الإعدام بتخفيض الجريمة في تقارير أعوام 2008 و2010 و2013 و2015، حسبما قال مايتري غوبتا، المستشار القانوني الدولي في الهند للجنة الحقوقيين الدولية.

تقول ميناكشي غانغولي، مديرة قسم جنوب آسيا في هيومن رايتس ووتش، لمجلة The World Weekly، "المطلوب هو إنفاذ هذه القوانين والسياسات القائمة، وضمان تعزيز المؤسسات، وتوافر التدريب والقدرات المناسبة". بدلًا من ذلك، تصف غانغولي استجابة الحكومة بأنها ليست أكثر من مجرد بادرة غوغائية. وتقول "من السهل الإعلان عن عقوبة الإعدام، لكنها لن تكون رادعة".

الأسباب الثقافية

قارن بعض المراقبين بين معدلات العنف الجنسي في الهند وباكستان وممارسة الإجهاض الانتقائي بسبب جنس الجنين، والذين يرون أن معظم الأجنة من الإناث يتم إجهاضهن في المراحل المبكرة من الحمل، لتجنب التكاليف المالية لتربية ابنة ودفع المهر قبل أن تتزوج.

وقد أدت هذه الممارسة غير القانونية إلى اختلال كبير في التوازن بين الجنسين، مما يترك فائضًا من الشبان غير المتزوجين. وارتبط اختلال التوازن بين الجنسين بارتفاع معدلات العنف الجنسي في أجزاء أخرى من آسيا.

في الهند، بالنسبة للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15-35، من المتوقع أن ينخفض ​​عدد النساء لكل 1000 رجل من 939 في عام 2011 إلى 898 في عام 2031، وفقًا لبيانات البنك الدولي.

ومع ذلك، يعارض آخرون مثل هذه التفسيرات المفرطة في التبسيط. يقول سوميت غانغولي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة إنديانا والمتخصص في شؤون جنوب آسيا، إن "الإجهاض الانتقائي وفقًا للجنس والاغتصاب، كلاهما أعراض لداء أعمق يصيب الهند: وضع المرأة المتدني بشكل عام. هذا أمر غريب، لأن هناك الكثير من التبجيل العام للنساء - ووضعهن في مكانة مرتفعة مجازًا، وحتى مقارنتهن بالآلهة. ومع ذلك، لا تترجم هذه المشاعر الجديرة بالثناء إلى أي مظهر من مظاهر المساواة الفعلية في الحياة اليومية".

مع وجود تذمر من الانتخابات المبكرة في اليابان، وإجراء انتخابات عامة في باكستان في وقت لاحق من هذا العام، وإجراء انتخابات عامة في عام 2019 في الهند، فإن ردود أفعال القادة تجاه العنف الجنسي - أو تجاهل المسألة - ستكون على الأرجح في أذهان الناخبين.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

نقاشات "#Me_Too" الغائبة عربيًا

 "#Metoo" أنا أيضًا ضحية تحرش.. حكايات مؤلمة وواقع مرير