1. سياسة
  2. سياق متصل

حماس في لبنان: من "مسيرة الأكفان" في مرج الزهور إلى شرم الشيخ

15 أكتوبر 2025
جنوب بيروت
لافتات لفصائل فلسطينية في جنوب بيروت (AFP)
نادر حجاز نادر حجاز

يراقب الشارع الفلسطيني في لبنان تطورات الأيام الأخيرة بخليط من المشاعر. فالفرح بات مشروعاً، إذ هدأت واحدة من أقسى الحروب التي شنّتها إسرائيل ضدهم، وخرج إلى النور مئات الأسرى من المعتقلات. غير أن اليوم التالي يربك الجميع، وسط تساؤلات حول أيّ مخطط ينتظر غزة والضفة الغربية، لا سيما حركة حماس.

يشكّل توقيع اتفاق شرم الشيخ محطة فاصلة بين مرحلة انتهت وأخرى بدأت للتو، من دون معالم واضحة لمستقبل قطاع غزة أو لدور حركة حماس فيه، ولمصير ترسانتها العسكرية. والأسئلة ذاتها تُطرح حول واقع الحركة في لبنان بعد الاتفاق.

لبنان الملجأ 

يحتضن لبنان قاعدة شعبية واسعة لحركة حماس، وكان حتى الثاني من كانون الثاني/يناير 2024 ما يزال يُعدّ مكانًا آمنًا وملجًأ لقياداتها، إلى أن تمكّن هجوم إسرائيلي بطائرة من دون طيار من اغتيال صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة وأحد أبرز مهندسي عملية "طوفان الأقصى"، داخل شقة في الضاحية الجنوبية لبيروت.

مثّل ذلك الهجوم إعلان حرب على الحركة خارج فلسطين، وهي حرب استمرّت فعلًا باغتيال عدد من قياداتها في دول مختلفة، من بينها طهران حيث اغتيل رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية.

يحتضن لبنان قاعدة شعبية واسعة لحركة حماس، وكان حتى الثاني من كانون الثاني/يناير 2024 ما يزال يُعدّ مكانًا آمنًا وملجأً لقياداتها، إلى أن تمكّن هجوم إسرائيلي بطائرة من دون طيار من اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري

منذ ذلك الحين، حاذرت قيادات حماس البقاء طويلًا في لبنان؛ إذ غادر معظمهم إلى وجهات أكثر أمنًا، فيما فضّل من بقي الابتعاد عن الأضواء بعد الظهور الإعلامي الكثيف الذي أعقب هجوم السابع من أكتوبر.

صرخة مرج الزهور

تعيدنا اللحظة الراهنة ثلاثة عقود إلى الوراء، حين كان لبنان الوجهة القسرية لمئات القياديين الفلسطينيين، في خطوةٍ هدفت من خلالها تل أبيب إلى التخلّص منهم وإخراجهم من فلسطين المحتلّة إلى غير رجعة.

ففي 17 كانون الأول/ديسمبر 1992، أقدم الجيش الإسرائيلي على إبعاد 415 قياديًا إلى مرج الزهور في قضاء حاصبيا بجنوب لبنان، معظمهم من حركتي حماس والجهاد الإسلامي. ولم يكن في حسبان الحكومة الإسرائيلية آنذاك أن تتحوّل تلك التلّة الوعرة إلى حدثٍ عالمي، ومقصدٍ لكبرى وسائل الإعلام الغربية، بعد أن نصب المبعدون خيامهم هناك، وصمدوا لعام كامل قبل أن تُرغم سلطات الاحتلال على إعادة أكثر من 300 قيادي منهم.

لم يكن ذلك التحدّي عاديًا، بل شكّل إحدى المحطات المفصلية التي أسهمت في خلق حاضنة جماهيرية واسعة لحركة حماس في لبنان. كما مثّلت الإقامة في "مخيم العودة" فرصةً ذهبية لمجموعة من مؤسّسي الحركة، بينهم عبد العزيز الرنتيسي وإسماعيل هنية، لمخاطبة العالم وكسر الصورة النمطية التي رسمها الاحتلال عنهم؛ فرفعوا لافتاتٍ كتبوا عليها "لسنا إرهابيين"، ونظّموا في نيسان/أبريل 1993 "مسيرة الأكفان"، حيث ارتدى المبعدون أكفانهم واتجهوا نحو الحدود الفلسطينية رفضًا لأيّ خيار سوى العودة إلى ديارهم.

احتفالية شرم الشيخ

يختلف المشهد اليوم عما كان عليه في زمن مرج الزهور. فالحصار يشتدّ في كل مكان، ليس فقط على حركة حماس بل على فكرة العمل الفلسطيني المسلح بأسره. وإذا كان اتفاق القاهرة عام 1969 قد منح الضوء العربي الأخضر للعمل الفدائي في جنوب لبنان آنذاك، فإن الصورة الصادرة من شرم الشيخ يوم الاثنين، 13 تشرين الأول/أكتوبر 2025، واحتفالية توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وفق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تبدو إيذانًا بتعبيد الطريق أمام مرحلة جديدة مختلفة تمامًا في تاريخ القضية الفلسطينية، ومباركة ضمنية لشعار "السلام بالقوة". فهل سيُلقى السلاح في كل مكان؟

سلاح المخيمات

وعليه، تتجه الأنظار إلى موقف حركة حماس في لبنان بعد اتفاق شرم الشيخ، وما إذا كان سيشهد تحولًا في مقاربتها لملف تسليم السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، وهي العملية التي انطلقت في آب/أغسطس الماضي بمشاركة حركة فتح، وبدأت بتسليم السلاح الثقيل والمتوسط للجيش اللبناني في عدد من مخيمات بيروت والجنوب، تنفيذًا لاتفاق الرئيسين الفلسطيني محمود عباس واللبناني جوزاف عون خلال قمة بيروت في أيار/مايو الماضي.

تحفظت حماس على الانخراط في هذه العملية، وإن أبقت الباب مفتوحًا أمام الحوار مع الدولة اللبنانية، خصوصًا بعد تلقيها تحذيرًا رسميًا من المجلس الأعلى للدفاع في 2 أيار/مايو، دعاها إلى عدم استخدام الأراضي اللبنانية في أي أعمال تمسّ بالأمن القومي.

وكانت الحركة قد اتُّهمت بتنفيذ عمليتي إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة من جنوب لبنان بتاريخي 22 و28 آذار/مارس 2025، كما أعلنت في 4 كانون الأول/ديسمبر 2023، بعد أيام من عملية "طوفان الأقصى"، عن تأسيس "وحدة طلائع طوفان الأقصى".

لقاء مرتقب

وسط هذه التحوّلات الكبرى، أشارت معلومات لـ "الترا صوت"  أنّ لقاءً قريبًا مرتقبًا بين لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني وحركة حماس في لبنان، موضّحةً أنّ الاجتماع كان محددًا في وقت سابق، لكن تمّ تأجيله بعد التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

ولفتت المصادر إلى أنّ فرص انعقاد اللقاء وصدور نتائج إيجابية عنه أصبحت أكبر بعد اتفاق غزة، وإن كانت الأمور لن تتمّ بين ليلة وضحاها، بل تحتاج إلى بعض الوقت لإنضاج الصيغ المقبولة.

وأوضحت المعلومات أنّ "ملف حماس" في لبنان مرتبط بملف الحركة في الخارج، وبالتالي فإنّ الموقف سيكون مشتركًا وعلى مستوى القيادة، ولن يكون محصورًا في لبنان وحده. وعليه، إذا قرّرت الحركة في غزة الانتقال إلى مرحلة جديدة من النضال ذات طابع سياسي لا عسكري، فإنّ ذلك سينسحب حكمًا على فروعها في الخارج، ومن ضمنها لبنان.

وفيما لم يتطرّق اتفاق غزة إلى أوضاع الفلسطينيين في لبنان، يُشار إلى أنّ ملف السلاح خارج إطار الدولة، بشقَّيه اللبناني والفلسطيني، تحكمه القرارات الدولية 1559 و1701، وقرارات الحكومة اللبنانية في جلستي 5 و7 آب/أغسطس، القاضية بحصر السلاح بيد الدولة.

أوضحت المعلومات أنّ "ملف حماس" في لبنان مرتبط بملف الحركة في الخارج، وبالتالي فإنّ الموقف سيكون مشتركًا وعلى مستوى القيادة، ولن يكون محصورًا في لبنان وحده

الكلمة الفصل لحماس

صحيح أنّ حركة فتح باشرت بعملية تسليم السلاح، ولو بشكل رمزي، إلا أنها لا تملك الكلمة الفصل على الأرض في المخيمات الفلسطينية الـ12، التي تؤوي أكثر من 250 ألف لاجئ فلسطيني، بينهم نحو 100 ألف في مخيم عين الحلوة وحده.

وفي ظل واقع المخيمات المكتظة بالسكان، وانتشار عشرات الفصائل المسلّحة، فإنّ قرار حماس المرتقب سيشكّل نقطة تحوّل مفصلية، وقد يُعدّ إعلانًا غير مباشر لطيّ ملف السلاح الفلسطيني في لبنان.

ولا تُحسد الحركة في هذه الأيام الدقيقة من تاريخها، إذ تجد نفسها بين إرثٍ طويل من العمل الميداني وآلاف الشهداء من جهة، والواقعية السياسية والعسكرية التي دفعتها إلى القبول بـ"مقترح ترامب" لوضع حدٍّ لمأساة أهالي غزة، من جهة أخرى. لتعيش بذلك الحقبة الأصعب في تاريخها على الإطلاق.

كلمات مفتاحية
مظاهرة في لندن

محكمة الاستئناف البريطانية ترفض طعن مؤسسة "الحق" على حكم تصدير قطع غيار "إف-35" لإسرائيل

سعت مؤسسة "الحق" الفلسطينية إلى الطعن في حكم قضائي بريطاني يسمح للمملكة المتحدة بتصدير قطع غيار طائرات إف-35 الأميركية إلى إسرائيل

إيران

تصاعد التوتر حول ملف إيران النووي: تحذيرات دولية وعقوبات أميركية جديدة

جاء العدوان الإسرائيلي على إيران، والقصف الأميركي للمنشآت النووية عقب إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرًا خلص إلى أن طهران لم تلتزم بتعهداتها النووية

جون هيرلي

نبرة أميركية حازمة في بيروت.. واشنطن "تحاصر" حزب الله ماليًا

تغيّرت نبرة واشنطن في بيروت، وباتت أكثر حدّة من ذي قبل

مظاهرة في لندن
سياق متصل

محكمة الاستئناف البريطانية ترفض طعن مؤسسة "الحق" على حكم تصدير قطع غيار "إف-35" لإسرائيل

سعت مؤسسة "الحق" الفلسطينية إلى الطعن في حكم قضائي بريطاني يسمح للمملكة المتحدة بتصدير قطع غيار طائرات إف-35 الأميركية إلى إسرائيل

غلاف الكتاب (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات)
نشرة ثقافية

"النصّ التأريخي وترجمته" لسفيان عبد اللطيف: مقاربات في الفلسفة واللغة

صدور كتاب " "النصّ التأريخي وترجمته: مقاربات فلسفية ولغوية"

البرهان والسيسي
قول

سقوط الفاشر وتبدّل الحسابات المصرية: من الحياد المضبوط إلى الانخراط الإجباري

باتت رؤية مصر تجاه السودان محكومة بمعادلات أمنية حساسة (منصة إكس)

إيران
سياق متصل

تصاعد التوتر حول ملف إيران النووي: تحذيرات دولية وعقوبات أميركية جديدة

جاء العدوان الإسرائيلي على إيران، والقصف الأميركي للمنشآت النووية عقب إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرًا خلص إلى أن طهران لم تلتزم بتعهداتها النووية