يشتد النقاش داخل إدارة ترامب بين مؤيدين لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، وآخرين يدعون إلى التريث في اللجوء إلى الخيار العسكري. ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست"، فقد كان لافتًا استبعاد الرئيس ترامب لكل من وزير دفاعه بيت هيغسيث، المعروف بحماسته لضرب إيران، ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، من دائرة القرار الضيقة المعنية بالملف الإيراني.
ورأى محللو الصحيفة في هذه الخطوة مؤشرًا على توجّه ترامب نحو الاعتماد على أصحاب الخبرة في مقاربة التصعيد مع إيران، بدلًا من الوجوه الجديدة في إدارته، وهي شخصيات وُجهت لها انتقادات في الإعلام والأوساط الدبلوماسية باعتبارها تفتقر إلى الخبرة والكفاءة السياسية والأمنية. وقد انعكس ذلك في الصعوبة التي واجهها كل من هيغسيث وغابارد خلال نيلهما ثقة مجلس الشيوخ لتولي منصبيهما.
يُعد هذا الفريق المقرّب هو المخوّل بمساعدة ترامب على اتخاذ القرار بشأن قصف منشآت إيران النووية
الحلقة الضيقة حول ترامب بشأن إيران
لجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفقًا لمصادر صحيفة "واشنطن بوست"، إلى مجموعة صغيرة من المساعدين الأقل شهرة لكن الأكثر خبرة، للتشاور بشأن توجيه ضربة محتملة لإيران. وتضم هذه المجموعة كلًا من نائب الرئيس جي دي فانس، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ومدير وكالة المخابرات المركزية جون راتكليف، وقائد القيادة المركزية الأميركية مايكل كوريلا.
يُعد هذا الفريق المقرّب هو المخوّل بمساعدة ترامب على اتخاذ القرار بشأن قصف منشآت إيران النووية، في ظل التأكيدات بأن الجيش الأميركي وحده، بحسب أغلب المصادر، يمتلك القنابل القادرة على اختراق تحصينات مواقع مثل "فوردو".
مخاطر التصعيد العسكري: حسابات معقدة
تكمن الصعوبة في اتخاذ قرار الضربة العسكرية في تداعياتها المحتملة، إذ من شأن أي هجوم أميركي أن يشعل حربًا إقليمية واسعة لا يمكن التنبؤ بنتائجها، فضلًا عن تهديد القواعد الأميركية المنتشرة في المنطقة. كما يُحذّر الخبراء من أن تصعيدًا كهذا قد يؤدي إلى اضطراب اقتصادي عالمي، لا سيما إذا أقدمت إيران على إغلاق مضيق هرمز، شريان التجارة النفطية الدولي.
وفي تصريح أدلى به يوم الجمعة، قال ترامب إنه لم يتخذ بعد قرارًا نهائيًا بشأن ضرب إيران، مؤكدًا أنه يمنح طهران مهلة تمتد لأسبوعين من أجل التوصل إلى تسوية تؤدي إلى تفكيك برنامجها النووي.
انقسام داخل الإدارة: مؤيدون ومعارضون
خلال اجتماع عقد في منتجع كامب ديفيد في 8 حزيران/يونيو، عبّر مدير الـ"CIA" جون راتكليف عن دعمه لتوجيه ضربة عسكرية، مقدمًا تقييمات "متشائمة" للوضع، بحسب ما نقلت الصحيفة عن مصادر في البيت الأبيض. وأشارت هذه المصادر إلى أن مواقف راتكليف تتقاطع مع تحليل ترامب الشخصي، الذي يرى أن التدخل العسكري بات ضروريًا.
أما الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية، فقد أبدى تأييده ضمنًا للضربة، رغم أن مصدرًا آخر قال إنه اقتصر على تقديم الخيارات دون تأييد مباشر.
في المقابل، يعارض رئيس هيئة الأركان المشتركة دان كين فكرة الضربة، وتمكّن، بحسب الصحيفة، من إقناع نائب الرئيس جيه دي فانس، وكذلك وزير الخارجية بالوكالة ماركو روبيو، بوجهة نظره المتحفظة.
خلال اجتماع عقد في منتجع كامب ديفيد في 8 حزيران/يونيو، عبّر مدير الـ"CIA" جون راتكليف عن دعمه لتوجيه ضربة عسكرية، مقدمًا تقييمات "متشائمة" للوضع
تردد ترامب ومشاوراته الواسعة
تشير المعلومات إلى أن المعسكر المعارض للضربة استطاع التأثير في قرار ترامب، ما دفعه إلى إعطاء فرصة جديدة للعملية التفاوضية. وأكد جيه دي فانس، في تصريحات إعلامية، أن "ترامب هو من سيتخذ القرار النهائي"، مضيفًا أن "الوقت بدأ ينفد أمام الخيارات الدبلوماسية".
وتقول مصادر الصحيفة إن ترامب لا يزال "متمسكًا بمنع إيران من تطوير سلاح نووي، لكنه حريص أيضًا على تجنب الحرب". كما أنه كثّف مشاوراته مع مانحين وإعلاميين وشخصيات سياسية بارزة، في محاولة لرسم ملامح الموقف النهائي.
وربطت "واشنطن بوست" تردّد ترامب بإقالته الشهر الماضي لعشرات الموظفين المحترفين في مجلس الأمن القومي، الهيئة المسؤولة عن تنسيق عمل الوكالات الأمنية وتقديم التقييمات والخطط للرئيس، وهو ما اعتبرته الصحيفة عاملًا إضافيًا لإرباك آلية اتخاذ القرار في البيت الأبيض.