11-يوليو-2016

دبابة تابعة للمعارضة السورية خلال أحد المعارك في مدينة حلب (Getty)

تشهد مدينة حلب وريفها منذ أيام معارك عنيفة، بين قوات النظام من جهة، ومكون "جيش الفتح"، الذي يضم أكثر من فصيل إسلامي، من بينهم حركة "أحرار الشام الإسلامية"، وتنظيم "جبهة النصرة"، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، إلى جانب عدد من فصائل المعارضة السورية المسلحة، بهدف إبعاد شبح الحصار، الذي يحاول فرضة النظام السوري وحلفاؤه على حلب.

وتأتي محاولة إطباق النظام السوري الحصار على حلب، بعد الخسائر التي تكبدها خلال الأسابيع السابقة في ريف المدينة، وتقدم فصائل المعارضة فيه

النظام السوري، كان استبق عملية حصار حلب، بترويج إعلامي، عبر وسائل إعلامه الرسمية والمقربة، زامنها بتكثيف غاراته الجوية على أحياء المدينة الخاضعة لسيطرة المعارضة، وتكثيف مقاتلاته الحربية قصفها لطريق "الكاستيلو" شمالي حلب، الذي يصل المدينة بالريف، استثمار ما تعرضت له الأحياء المسيطر عليها في مدينة حلب، من قصف مدفعي مكثف، مجهول المصدر والهوية.

اقرأ/ي أيضًا: إسرائيل وعضوية الاتحاد الأفريقي..احتمالات وتداعيات

وعلى الرغم من عدم التزام النظام السوري بالهدنة التي أعلن عن تطبيقها على كافة الأراضي السورية لمدة 72 ساعة، أول أيام عيد الفطر، الثلاثاء 5 تموز/يوليو، وقام بتمديدها لمدة 72 ساعة أخرى، السبت 9 تموز/يوليو، في حين استطاعت المعارضة السورية أن تستعيد السيطرة يوم أمس على المواقع التي تقدم إليها النظام في حي بني زيد في مدينة حلب، قبل أن يستعيد السيطرة عليها مساء يوم الأحد، ويتقدم إلى داخل الحي.

وتأتي محاولة إطباق النظام السوري الحصار على المدينة، بعد الخسائر التي تكبدها خلال الأسابيع السابقة في ريف المدينة، وتقدم فصائل المعارضة إلى عدة مناطق مهمة، كان آخرها شنها يوم الأحد هجومًا واسعًا على مناطق سيطرته في منطقة الملاح الاستراتيجية، وانسحاب النظام من "التلة الجنوبية"، التي كان يرصد من خلالها طريق "الكاستيلو".

اقرأ/ي أيضًا: نتنياهو يفتح إفريقيا.. سر الزائر والزيارة

ولعل التصريحات السابقة، إن كانت من مسؤولي النظام السوري، أو من حلفائه في "حزب الله" اللبناني، وإيران وروسيا، أكدت أن معركة حلب ستكون مصيرية، كونها ستحدد الكفة المرجحة خلال مباحثات السلام السورية، المتوقع عقدها خلال الشهر الحالي أو القادم.

دخول النظام السوري وحلفائه إلى مساحات متقدمة في حي بني زيد الحلبي، تجعل حصار المدينة أقرب من أي وقت مضى، لأن الحي يقع إلى جانب حي الشيخ مقصود، الذي تسيطر عليه "وحدات حماية الشعب"، الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، والتي شنت أمس الأحد هجومًا مباغتًا، في محاولة منها السيطرة على طريق "الكاستيلو"، الذي يرصده مقاتلوها من حي الشيخ مقصود.

كما أن موقع الحي يجعله قريبًا من منطقة الملاح، التي علقت فصائل المعارضة عملياتها العسكرية فيها، بهدف إعادة ترتيب صفوفها، قبل أن تستهدف "جبهة النصرة" تجمعات النظام السوري بثلاثة عمليات انتحارية، فيما استمرت مقاتلات النظام الحربية، باستهداف طريق "الكاستيلو"، موقعة قتلى وجرحى، حيث لا يزال عشرات المدنيين عالقين على أطراف الطريق.

جميع المعطيات القادمة من الريف والمدينة، تشير إلى اقتراب حصار حلب، ومحاولة النظام السوري، استعادة زمام المبادرة فيها، بعد الخسائر الكبيرة التي تعرض لها، خلال شهر حزيران/يونيو الفائت، تموز/يوليو الحالي، محاولًا بذلك فرض شروطه على فصائل المعارضة.

معركة حلب الحالية من أكثر المعارك المفصلية منذ بداية الثورة في آذار/مارس 2011

كذلك، علينا عدم تجاهل تصريحات الأمين العام لـ«حزب الله» الأخيرة، والتي أكد فيها على أهمية معركة حلب، وإصراره على أنها ستغير معادلة القوى المسيطرة على الأرض، من ناحية الضغط على الحكومة التركية، والحلفاء الغربيين للمعارضة، من أجل التوقف عن دعمها.

على ما يبدو أن النظام السوري، يدخل المعركة الحالية، مصرًا على تحقيق تقدم واسع على حساب المعارضة السورية، خصيصًا، وأنها أصبحت الحديث الشاغل لوسائل إعلامه، بعد هزائمه المتتالية، في مدينة الطبقة في ريف الرقة، وفي ريف حماة، وريف حمص، وأخيرًا ريف اللاذقية الشمالي.

من جهتها تحاول فصائل المعارضة أن توحد جهودها، بهدف منع النظام وحلفائه من حصار حلب، وذلك من خلال إعادة ترتيب صفوفها، رغم معرفتها بصعوبة المهمة، كون النظام أعد خطة محكمة هذه المرة، لتفادي الخسائر السابقة، وهو ما يؤكده الدعم الروسي الجوي، ودخول "قوات سوريا الديمقراطية" على خط معركة السيطرة على طريق "الكاستيلو"، ما يجعل من مهمة فصائل المعارضة صعبة، قياسًا بالمعارك السابقة، لأن الطرفين يعرفان أن معركة حلب الحالية، من أكثر المعارك المفصلية منذ بداية الثورة في آذار/مارس 2011.

اقرأ/ي أيضًا:

الإفراج عن سيف الإسلام القذافي.. حقيقة أم إشاعة؟

نفايات إيطالية في المغرب واستياء شعب