10-أغسطس-2016

مقاتلون معارضون أثناء معركة فك الحصار عن حلب (Getty)

لا تزال المرحلة الجديدة من "ملحمة حلب الكبرى"، تشهد هدوءًا حذرًا، بين قوات المعارضة المشاركة فيها، وقوات النظام وحلفائه من جهة ثانية، وذلك بالتزامن مع الدعوة التي وجهتها الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، لوقف إطلاق النار في حلب، وتخوفها من حصار نحو مليوني مدني، بينهم 300 ألف مدني، يعيشون في الأحياء الشرقية منها.

التحركات العسكرية في حلب تسير في اتجاه، والمبادرات الدولية لوقف إطلاق النار تسير في اتجاه آخر، وستحسم الأيام المقبلة أيهما سيفرض إرادته

الدعوة الموجهة من قبل الأمم المتحدة، لاقت انتقادًا من قبل معارضين سوريين رأوا فيها محاولة لإنقاذ النظام في حلب، واتهموها بالصمت وقت ما كان النظام لا يزال يحاصر مناطق المعارضة.

اقرأ/ي أيضًا: أردوغان في روسيا..رسالة للغرب

رافق ذلك اللقاء المرتقب بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره التركي فلاديمير بوتين، والذي استبقه الحديث عن أن الأزمة السورية، ستكون على جدول أعمال اللقاء، ما يفسر إن أمكن القول، إبرام هدنة غير رسمية بين جميع الأطراف في مدينة حلب.

إلا أن المؤتمر الصحفي، الذي أعقب الاجتماع بين الطرفين، لم يتطرق بالشكل اللازم للأزمة السورية، والذي اكتفى بوتين بالتأكيد على أنهما سيبحثان عن "حل مشترك مقبول"، وهو ما يعكس هدوء الجبهتين الشرقية والغربية في مدينة حلب، بعد أن كسرت قوات المعارضة الحصار المفروض على الأحياء الشرقية، وربطت بين المنطقتين.

ذلك في الوقت الذي تحدث فيه مسؤولون أتراك أن وفدًا بزعامة رئيس المخابرات التركي، سيستكمل المناقشات مع موسكو حول الوضع السوري وكيفية الوصول لحل سياسي.

لكن الأحاديث الدولية عن ضرورة وقف إطلاق النار، لم يؤثر في التصريحات المتبادلة بين المعارضة والنظام، حيث مازالت قوات المعارضة تتحدث عن نيتها خوض معركة جديدة للسيطرة على مدينة حلب بالكامل، بعدما نجحت منذ أيام بفك الحصار عن مناطق سيطرتها فيها.

وفي المقابل، ذكرت العديد من وسائل الإعلام العربية، منها مقربة من النظام السوري، أن الأخير بدأ يحشد قواته لاستعادة السيطرة على سلسلة الكليات في "مدفعية الراموسة". كما تحدثت وسائل إعلام إيرانية، عن إرسال حركة "النجباء" العراقية، ألفي مقاتل عراقي إلى حلب، وإرسال "حزب الله" اللبناني، قوات النخبة، المعروفة بمسمى "قوات الرضوان" إلى حي "الحمدانية"، والذي أعلنته قوات المعارضة منطقة عسكرية.

اقرأ/ي أيضًا: حلب..الشرقية تلتقي بالغربية

المقاتلات الروسية بدورها، لم تهدأ منذ سيطرة المعارضة على "مدفعية الراموسة"، وإعلانها بدء معركة السيطرة على حلب كاملًا، إذ نفذت عشرات الغارات الجوية، بالقنابل الفسفورية، على الأحياء الشرقية من المدينة، إضافة لإدلب وريفها، علاوةً على تصدي قوات المعارضة، لمحاولات اقتحام قوات النظام مناطق تسيطر عليها، والقصف المتبادل بين الطرفين.

أما بالنسبة للشق الدبلوماسي، الذي تستمر عجلته بالدوران، وكان آخرها تصريحات المندوب الروسي في الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، من ناحية إصراره على عقد الجولة الجديدة من مباحثات السلام السورية، دون أي شروط مسبقة، وهو ما ترفضه هيئة "المفاوضات العليا" للمعارضة، دون أن يتم تحديد موعد واضح، بعد أن كان من المتوقع عقدها نهاية الشهر الحالي.

وعليه، في النظر مجملًا إلى المسارات العسكرية والدبلوماسية، خلال اليومين الماضيين، نجد أن اللقاء التركي-الروسي، كان له التأثير الأكبر على جبهات حلب، بعد أن أعلنت قوات المعارضة، استمرارها في التقدم، وأصدرت بيانيّن منفصلين، الأول باسم "الجيش السوري الحر"، والثاني باسم "جيش الفتح"، طلبًا من قوات النظام المسارعة للانشقاق، أو تحييّد أنفسهم عن القتال.

وأخيرًا، فإن تصريحات وزير الخارجية التركي، جاويش أوغلو، صباح اليوم الأربعاء، عن أنه من غير المقبول حصار حلب، ويجب الاتفاق على وقف إطلاق النار، وإرسال المساعدات الإنسانية، والبحث عن حل سياسي، تشي برغبة دولية بوقف التصعيد العسكري حتى حين، إلا أن التحركات العسكرية والتصريحات النارية المتبادلة بين المعارضة والنظام، تسير في اتجاه آخر، وستحسم الأيام المقبلة قدرة الأطراف الدولية على التدخل لوقف التصعيد من عدمه.

اقرأ/ي أيضًا: 

النازحون في العراق..مخيمات الموت المهملة

2016..النظرية التي تفسر عامًا سيئًا للغاية