14-مارس-2018

آخر الرياضيين ضحايا الأزمات القلبية، المدافع الإيطالي دافيد أستوري (Getty)

في أحد فنادق مدينة أودينيزي، وصبيحة مباراتهم ضد فريق المدينة، صُدم لاعبو فيورنتينا بزميلهم وقائد فريقهم دافيد أستوري (31 سنة) جثة هامدة في سريره بعد توقف قلبه عن العمل. اللاعبون  كسروا باب غرفته بسبب تأخره عن موعد الفطور وعدم استجابته لطرقات الباب. اهتزت الأوساط الكروية الإيطالية للخبر، أجّل الاتحاد المباريات التي كان مقررًا لعبها يوم الفاجعة ، أي الأحد 2 آذار/مارس 2018. خيمت أجواء الحزن على مباريات الفرق الإيطالية منتصف الأسبوع التالي في المسابقات الأوروبية، فيما اتشحت الجولة اللاحقة من السيري آي بالسواد على وقع دقائق الصمت. قررت إدارتا فيورنتينا وكالياري، الفريق السابق للاعب دافيد أستوري، حجب رقم اللاعب (13) نهائياً عن القمصان، وفاءً وتخليداً لذكرى أستوري. كما منح فيورنتينا عقداً مدى الحياة للاعب المتوفى لتستفيد عائلته من راتبه. بعد أيام ونتيجة الكشف على الجثة، جزم الأطباء أن الوفاة ناجمة عن توقف في عمل القلب وأن لا خلفية إجرامية للقضية، لتدحض بعض ما همس به البعض عن وجود أيد خفية وراء الحادثة.

أشارت دراسة أمريكية إلى أن الرياضي المحترف معرض للإصابة بازمة قلبية أكثر بخمس أضعاف من الإنسان العادي

بوفاة دافيد أستوري، طفا الى السطح مجدداً الحديث عن وفاة اللاعبين أثناء المباريات أو خلال التدريبات بسبب مشاكل صحية وتحديداً مشاكل في القلب. الصورة النمطية عن لاعب كرة القدم في الأذهان هي أنه رياضي يتمتع بجسم سليم ويتبع نظاماً غذائياً صحياً ولا يدخن السجائر ولا يشرب الكحول بإفراط وما إلى ذلك، ومع ذلك فإن عدداً من اللاعبين انتهت حياتهم بسبب مشاكل قلبية، أو على الأقل اضطروا الى إنهاء مسيرتهم الكروية بشكل مبكر. فهل الأمر عادي وطبيعي ومشاكل القلب قد تصيب أي إنسان ؟ وأن الفارق هو أن اللاعبين المصابين مشهورون والكل يعرفهم وبالتالي لا داعي للهلع؟ أم أن بعض العوامل قد يكون لها تأثير كنظام التدريبات والضغوطات النفسية وما الى ذلك.

اقرأ/ي أيضًا: قصة كأس العالم 1950.. عودة الحياة إلى كوكب الأرض (1- 4)

في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 نشرت صحيفة The Sporter تقريراً تضمن لائحة بأسماء عشرين لاعب كرة قدم كانوا قد فارقوا حياتهم خلال مسيرتهم الكروية، الغالبية منهم ماتوا بسبب مشاكل في القلب، فيما مات الآخرون بحوادث متفرقة كحوادث سير أو جرائم قتل وما الى ذلك. اللافت هو ندرة حالات الموت بسبب حالات الإصطدام والتدخلات العنيفة. طبعاً الإحصاء لا يشمل حالات الوفاة الجماعية للاعبين الناجمة عن حالات شغب أو عن تحطم طائرة وما الى ذلك.

سقوط لاعب الكاميرون مارك فيفيان فووي في الدقيقة 72 (يوتيوب)

إحدى حوادث الوفاة التي رسخت في أذهان متابعي الكرة، كانت في مباراة بين منتخبي الكاميرون وكولومبيا في العام 2000، حيث سقط لاعب الكاميرون مارك فيفيان فووي في الدقيقة 72 في منتصف الملعب بسبب أزمة قلبية حادة، لم تنفع معها 45 دقيقة قام خلالها الأطباء بمحاولة إنعاشه، ففارق الحياة. خاليلو فاديغا بدوره، والذي كان أبرز نجوم منتخب السنغال مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان عانى مشاكل في عضلة القلب في العالم 2004 هددت استمرار مسيرته. شيخ اسماعيل تيوتو (30 سنة) لاعب منتخب ساحل العاج فارق الحياة بسبب ازمة قلبية لحقت به خلال تدريبات فريقه الصيني " بيجين" في حزيران/يونيو 2017.

في كل مرة يصاب رياضي بأزمة قلبية مفاجئة يعود نقاش الظاهرة ومسبباتها إلى الواجهة دون تفسير متفق عليه

من الملاحظ أن اللاعبين الافارقة معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بأزمات قلبية. بيّنت دراسة أجرتها BBC  أنه من أصل 63 لاعباً قضوا نحبهم أثناء ممارسة كرة القدم هناك 24 منهم من إفريقيا، أي بنسبة 40% تقريباً. علماً أن اللاعبين الأفارقة يمثلون حوالي 17% من مجمل لاعبي العالم. وخلصت دراسة جامعية الى أن اللاعب صاحب البشرة السمراء والبنية الجسدية الأفريقية معرض أكثر من غيره بست أضعاف من اللاعب الأبيض من دون التمكن من تحديد السبب.

اقرأ/ي أيضًا: أنطونيو كونتي وتشيلسي: غرام وانتقام

لا توجد تفسيرات علمية واضحة، أقله حتى الآن لهذه الظاهرة المتفشية، وهي بالمناسبة تصيب الكثير من الهواة الذي يلعبون كرة القدم في كل أنحاء عالم . أزمة قلبية مفاجئة بدون عوارض سابقة، وفي الغالب يفارق اللاعب الحياة.

ارتفاع عدد لاعبي كرة القدم الأمريكية الذين تعرضوا لمشاكل في القلب أثناء ممارسة لعبتهم، دفعت مراكز الأبحاث الأميركية الى إجراء أبحاث حول الموضوع، نشرت النتيجة خلال الشهر الماضي وكانت صادمة للجميع: الرياضي المحترف معرض للإصابة بازمة قلبية أكثر بخمس أضعاف من الإنسان العادي، بالرغم من فوائد الرياضة العديدة للقلب. ستستمر الأبحاث في المستقبل لتحديد السبب بدقة، لكن الباحثين نصحوا الرياضيين بإجراء فحوصات روتينية باستمرار للقلب وضغط  الدم، كي لا يلقوا مصيرًا مأساويًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

متى يتخلّص إنترميلان من لعنة يوفنتوس؟

أرسين فينغر وأرسنال.. الحب المستحيل