23-يونيو-2017

تمثل مطالب الدول المقاطعة لقطر خرقًا للقانون الدولي بانتهاكها سيادة الدولة القطرية (شون غالوب/أ.ف.ب)

قالت إيناس زايد، المستشارة القانونية في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ومقره في جنيف، إنّ ما سُرّب من لائحة المطالب التي قدمتها الدول المقاطعة لقطر، "تمثّل تدخلًا في الشأن الداخلي والخارجي لقطر، دون وجود سند قانوني لذلك".

وأكدت إيناس زايد على أنّه إن صحت اللائحة التي يتردد تضمّنها لـ13 مطلبًا، فهي تتعارض مع القانون الدولي لحقوق الانسان، الذي ينظر إلى تلك المطالب باعتبارها انتهاكًا لحرية الشعوب واستقلالها السياسي، فضلًا عمّا تمثله تلك المطالب من انتهاك لسيادة الدولة القطرية.

وأوضحت المستشارة القانونية للمؤسسة الحقوقية الدولية، أنّ المطالب تمثل انتهاكًا لقوانين حقوق الإنسان الدولية، كونها لم تأت على صورة اتفاق دولي مبرم يوضح حقوق والتزامات كل طرف من الأطرافـ، بشكل يمكن القول معه إنّ ما قدم بمثابة اتفاقية دولية أو معاهدة ما. لكن ما حدث أنّها مطالب جاءت في هيئة فروض من طرف واحد، على الطرف الآخر أن يقبلها رغمًا عنه، وحددت وقتًا لهذا القبول أيضًا!

لا يبدو أنّ هناك ما يُجبر قطر على القبول بتلك المطالب "الجزافية"، الشبيهة بالمطالب المفروضة في حالات الحروب، من الدول المنتصرة!

ولفتت إيناس زايد إلى استخدام الكثير من "العبارات الجزافية" في لائحة المطالب التي قالت إنها "لا يمكن اعتبارها مطالب محددة"، مُوضحةً أنّ "هذا النوع من الشروط، استُخدم على مرّ تاريخ القانون الدولي بعد الحربين العالمية الأولى والثانية، إذ كانت تفرض الدول المنتصرة على الدول المهزومة مجموعة من الشروط الجزافية التي لا تملك تلك الأخيرة إلا الامتثال إليها بوصفها دول خاسرة في النزاع المسلح المعلن بين الأطراف".

اقرأ/ي أيضًا: قطع العلاقات مع قطر.. كل شيء عن مؤامرة أبوظبي

لكن الوضع الآن مختلف، فلا قطر مهزومة ولا الدول المقاطعة منتصرة، ولا يبدو أنّ ثمّة ما يُجبر قطر على القبول بتلك المطالب الشَرْطية، وهو ما أوضحته إيناس زايد بإشارتها إلى أنّ كافة الأطراف في أزمة العلاقات الخليجية، لا تزال دولًا مستقلة كاملة السيادة، إضافة إلى أنّه ليس ثمّة نزاع مسلح، فليس إذن هناك من مهزوم أو منتصر.

ماذا عن قانونية المطالب؟

حول الطبيعة القانونية لجوهر لائحة المطالب، أكدت المستشارة القانونية في المرصد الأورومتوسطي، أن المبدأ العام الذي يحكم العلاقات بين الدول، هو "مبدأ السيادة التامة، ومبدأ المساواة في تلك السيادة، حتى وإن كانت هناك فروق بينها من ناحية الكثافة السكانية والمساحة الجغرافية".

هذا المبدأ هو ما أكّدت عليه الفقرة الأولى من المادة الثانية في ميثاق الأمم المتحدة، والتي تنص على أن "تقوم الهيئة على المساواة في السيادة بين جميع أعضائها"، هناك كذلك الفقرة السابعة من نفس المادة، والتي تنص على أنّه "ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي ‏لدولة ما".

يُضاف إلى ذلك ما تضمنه إعلان عدم جواز التدخل بجميع أنواعه في الشؤون الداخلية للدول، والذي اعتُمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 103/36 لعام 1981، والذي أكد في مجمله على حظر تدخل أية دولة في شؤون الدول الأخرى الداخلية والخارجية، لأنّ كل دولة حرة في اختيار وتطوير نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتنظيم علاقاتها مع الدول الأخرى عن طريق التمثيل الدبلوماسي وإبرام المعاهدات وغير ذلك من مظاهر السيادة الخارجية دون التدخل من دولة أخرى ، فالأصل أنه لا شيء يقيّد الدولة إلا ما قيدت به نفسها.

تمثل  المطالب ضد قطر انتهاكًا لمبادئ العلاقات الدولية، وعلى رأسها عدم التدخل في الشؤون الداخلية أو الخارجية للدول 

إذن فإنّه بموجب الإعلان المذكور، يكون أي تدخل في شؤون الدول محرم دوليًا بكافة أشكاله، "باستثناء بعض الحالات التي تنحصر في تدابير القمع الواردة في الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة"، تقول إيناس زايد، منبهة إلى ما ذهبت إليه محكمة العدل الدولية عام 1986، في حكمها في قضية النشاطات العسكرية وشبه العسكرية، الذي جاء فيه "حسب الصيغ المقبولة، يحظر هذا المبدأ على كل دولة أو مجموعة دول أن تتدخل مباشرةً أو غير مباشرة في الشؤون الداخلية والخارجية لدولة أخرى".

اقرأ/ي أيضًا: منظمات حقوقية: "حصار" قطر انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير

وعليه، وإسقاطًا لكافة هذه النصوص الدولية، على ما تضمنته وثيقة الشروط المطلوبة من قطر كدولة ذات سيادة كاملة، فإنّها -أي هذه المطالب والشروط- إن صحّت، فهي تمثل "تدخلًا في الشؤون الداخلية والخارجية لقطر، دون وجود سند قانوني لذلك، وباتباع طريقة استبدادية يقصد بها إبقاء الأمور على ما هي عليه أو تغيرها"، بتعبير إيناس زايد.

مرة أُخرى.. انتهاك لحقوق الإنسان

كانت منظمات حقوقية دولية وعربية، وصفت قطع العلاقات مع قطر بـ"الحصار"، مُؤكدة أنّه يمثل انتهاكًا "صارخًا" لحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، من عدة أوجه، من بينها أذية المواطنين الخليجيين في أعمالهم أو تفريقهم عن عائلاتهم، ومن بينها أيضًا معاقية من يُبدي رفضًا للمقاطعة، فضلًا عن المتعاطف مع قطر، بالسجن والغرامة في كل من الإمارات والسعودية.

الآن وللمرة الثانية، تنتهك الدول المقاطعة القوانين الدولية لحقوق الإنسان، بلائحة مطالبها من قطر، والتي سربتها وسائل إعلام، فوفقًا لإيناس زايد، فإنّ هذه المطالب إن صحّت، فإنها تمثل تعارضًا مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، لتضمنها شروطًا تنتهك حرية الشعوب واستقلالها السياسي، "يتجسد ذلك في المطالب المتعلقة بعدم تجنيس أي مواطن يحمل جنسية الدول التي تقدمت بقائمة الشروط، وإعادة كل من تم تجنيسه في السابق".

وأضافت أن قطر، وبالإضافة إلى حقها في تنظيم المراكز القانونية لمواطنيها وتحديد واجباتهم وحقوقهم وإدارتها لكافة شؤونهم بطريقتها ودون تدخل من أحد، تطبيقًا للسيادة والسلطان الداخلي للدولة؛ فهذا المطلب أيضًا يعتبر اعتداءً على حق الإنسان في الجنسية، وعلى المراكز القانونية المكتسبة وفقًا لهذا الحق الذي لا يمكن سلبه امتثالاً لتلك الشروط، "وإلا وقفنا أمام انتهاك للقانون الدولي لحقوق الانسان الأمر الذي يجعل الدولة ـمام المسؤولية الدولية حيال ذلك"، كما قالت.

النتيجة النهائية هي بطلان لائحة مطالب دول المقاطعة لمخالفتها من عدة أوجه، القوانين والمواثيق الدولية

وذكرت إيناس زايد أن هذا الأمر أيضًا ينسحب على حق الإنسان في حرية الرأي والتعبير من خلال وسائل الإعلام، إذ تضمنت لائحة المطالب المعروضة إغلاق بعض وسائل الإعلام وإيقاف عملها، مؤكدة أن ذلك "من شأنه انتهاك هذا الحق المكرس في المعاهدات والمواثيق الدولية والمساس به يعتبر جريمة وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان".

اقرأ/ي أيضًا: اكذب ثم اكذب.. هكذا تشن حملة ضد قطر

وخلصت المستشارة القانونية في المرصد الأورومتوسطي إلى نتيجة مفادها، بطلان لائحة الشروط والمطالب المطروحة من دول المقاطعة إلى قطر لـ"مخالفتها مبدأ السيادة أولًا، ولمخالفتها القانون الدولي وما استقر عليه قضاء محكمة العدل الدولية في تجريم التدخل في الشؤون الداخلية والخارجية لأي دولة".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

حملة عبرية - "عربية" ضد الدوحة.. القصة الكاملة للتحريض الإسرائيلي على قطر

قطر تدفع ثمن الاستقلالية عن وصاية "شيخ القبيلة"!