19-ديسمبر-2017

أعلن خليفة حفتر من طرف واحد انتهاء صلاحية اتفاق الصخيرات (يوتيوب)

لم يكن مفاجئًا أن يخرج اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في 17 كانون الأول/ديسمبر الجاري، ليؤكد انتهاء "صلاحية" اتفاق الصخيرات، وذلك بعد انتهاء مدّته المفترضة المحدّدة بسنتين، إذ لم يقبل حفتر بهذا الاتفاق الأممي أصلًا منذ توقيعه، ورفض الخضوع لمقتضياته، وهو ما عطّل تنفيذ عناوينه الرئيسية، وعلى رأسها اعتراف مجلس النواب بالمجلس الرئاسي، وتكوين حكومة موحّدة.

خرج خليفة حفتر ليعلن انتهاء صلاحية اتفاق الصخيرات الذي رفض منذ البداية الخضوع لمقتضياته بل عمل على تعطيل تنفيذه

فلم يمارس فائز السرّاج، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، ومعاونوه، مهامهم منذ بداية 2016 إلا بسلطة الأمر الواقع، وبفضل الدعم الإقليمي والدّولي، في ظلّ استمرار المعوّقات الداخلية، والتي يسعى حاليًا المبعوث الأممي غسان سلامة، لتجاوزها في إطار تعديلٍ لاتفاق الصخيرات ضمن مفاوضات تحتضنها تونس منذ أسابيع لم تنته بعد لصياغة تعديلية جامعة.

اقرأ/ي أيضًا: هل تنجح خارطة طريق غسان سلامة في حل الأزمة الليبية؟

وإن كان موقف حفتر غير مستجدّ في مطلقه، فإنه يحمل مؤشرًا جديدًا على استمرار تعنّته في القبول بتسوية سياسية على قاعدة اتفاق الصخيرات، حيث اعتبر في خطابه أن الأجسام المنبثقة عن هذا الاتفاق لم تعد شرعية، وحديثه عن المجلس الرئاسي الذي يرأسه فائز السرّاج وكذلك المجلس الأعلى للدولة الذي يرأسه عبد الرحمن السويحلي.

غير أن موقف حفتر وإعلانه هذا بشأن اتفاق الصخيرات لا يحمل أي تأثير جدّي على المسار الانتقالي الحالي، وذلك سواء على المستوى السياسي بتأكيد حكومة السراج استمرارها في عملها حتى تنظيم الانتخابات، وذلك في ظل تمتّعها بالغطاء الإقليمي والدولي، وكذلك على المستوى العسكري بعدم تحرّك الآليات العسكرية لقوات حفتر لمواجهة ما يعتبرها "قوات غير شرعية"، وذلك رغم التهديدات طيلة الأيام الماضية بزحف حفتر نحو العاصمة طرابلس، وهو زحف موعود حقيقةً منذ انطلاق عملية الكرامة قبل ثلاث سنوات ونصف.

حتى الآن لا يحمل إعلان حفتر بخصوص اتفاق الصخيرات أي تأثير جاد على المسار الانتقالي الحالي سواءً سياسيًا أو عسكريًا

وفي هذا الجانب، أشار حفتر في كلمته وبصفة مباشرة، إلى وجود "تهديد ووعيد ضد القيادة العامة للقوات المسلحة باتخاذ إجراءات دولية صارمة في مواجهتها، إذا أقدمت على أي خطوة خارج نطاق المجموعة الدولية"، ليكشف حفتر بوضوح عن دوافع عدم مغامرته في القيام بأي تحرّك عسكري كما وعد سابقًا.

اقرأ/ي أيضًا: السراج يتحدّى حفتر بتعيينات عسكرية.. هل انتهت فرص التقارب بينهما؟

ويسعى حفتر بإشارته المتكرّرة لوجود تهديدات دولية للترويج لنفسه كرافض للتدخلات الدولية من جهة، ولإظهار خصومه بمثابة الوكيل عن القوى الدولية التي تتولّى دور حمايتها من جهة أُخرى. وواصل حفتر في كلمته اللّعب على هذا الوتر بتأكيده بأنه لا يتلقّى الأوامر إلا من "الشعب الليبي الحر دون سواه فهو الوصيّ على نفسه والسّيّد في أرضه"، كما قال، غير أن حفتر يعرف بأن عزفه على هذا الوتر لن يطرب الليبيين، وهم يعلمون بتبعيته للمشروع المصري والإماراتي، وبأنه يتلقّى الدعم السياسي والمالي والعسكري، تحديدًا من أبوظبي.

ولا يمكن اعتبار موقف حفتر من اتفاق الصخيرات هو ذاته موقف السلطات المتمركزة في المنطقة الشرقية، وتحديدًا مجلس نواب الشعب، حيث قدّم بدوره رئيسه عقيلة صالح كلمة لليبيين بالتزامن مع كلمة حفتر، لم يشر فيها لانتهاء شرعية اتفاق الصخيرات، ولم يهاجم فيها خصومه السياسيين في المنطقة الغربية، بل ركّز صالح على ضرورة إجراء الانتخابات التي تمثل كلمة السّر الجامعة بينه وبين السرّاج، بما يجعل من موقف حفتر من الصّخيرات شاذّا عن مواقف الفاعلين السياسيين الرئيسيين، إضافة قطعًا للأمم المتحدة.

وهو ما يكشف في الأثناء عن تصدّع داخل المعسكر الشّرقي بين حفتر وعقيلة صالح، ليظلّ السؤال على مآل هذا التصدّع بين انكفاء حفتر والتزامه بما سيقرّره وفد مجلس النواب من حيث تعديل اتفاق الصخيرات والاتفاق على تركيبة جديدة للمجلس الرئاسي، أم سيعارض ذلك ويدخل في مواجهة مباشرة مع مجلس النواب المنقسم بطبعه والذي تتداخل فيه الولاءات السياسية والقبلية.

بالنهاية، مثّل مجلس النواب الحزام السياسي الذي عوّل عليه حفتر طيلة السنوات المنقضية لتنفيذ مشروعه، غير أن هذا الحزام ينفكّ تباعًا من حوله، ولذلك يعمل حفتر حاليًا على مزيد تحشيد القبائل الموالية له، إضافة إلى ضمان استمرار الدعم المصري والإماراتي، وهو دعم قد ينكفئ مستقبلًا على وقع الضغوطات الدولية للسّير في اتجاه تنفيذ خطة غسان سلامة، للوصول لحلّ نهائي للأزمة.

على مدار السنوات الماضية مثّل مجلس النواب الحزام السياسي لحفتر، لكن يبدو أنه ينحل من حوله الآن في ظل انقسام طبيعي يعرفه المجلس

ويتمثّل الرّهان في الأثناء، في قدرة أعضاء مجلس النواب ونظرائهم من المجلس الأعلى للدولة في الوصول لتعديل توافقي لاتفاق الصخيرات، وذلك في أوّل اختبار حقيقي من أجل بلوغ الحلّ الموعود خلال السّنة القادمة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجيش الليبي.. سراب موجود وهدف منشود

ليبيا.. الصراع على الهلال النفطي وأثره في الأزمة