10-مارس-2019

يعيش المواطن اليمني في سجن كبير (أ.ف.ب)

بات اليمن سجن كبير، منذ اندلاع الحرب وفرض التحالف السعودي الإماراتي حصارًا بريًا وبحريًا وجويًا على أغلب منافذ البلاد. لكن ذلك ليس السبب المباشر الوحيد للتعسف في السفر الذي يعانيه اليمنيون.

بسبب الحصار الذي يفرضه التحالف السعودي الإماراتي، والصعوبة البالغة في استصدار جوازات سفر، بات اليمنيون يعيشون في سجن كبير

سبب آخر يندرج تحت مآلات الحرب، يتمثل في الصعوبة البالغة في إصدار جوازات ووثائق السفر، والتي باتت عملية جهيدة، تستغرق الوقت الطويل والكثير من الأموال، خاصة مع عدة توفر الأوراق المخصصة الخاصة بطباعة الجوازات ووثائق السفر، بسبب الحصار أيضًا.

اقرأ/ي أيضًا: ممارسة الحياة "العادية".. عن أحلام اليمنيين في سنوات الحرب

طريق طويلة للحصول على جواز قد لا يصدر!

يحتاج كثير من اليمنيين إلى السفر للخارج، للعلاج أو التعليم أو العمل، كما الحال مع الأخوين نجم ونصر عبدالواحد. وقد بدأت الرحلة الطويلة باستخراج هوية شخصية لكل منهما، استغرق الأمر وقتًا كافيًا، والمبرر عدم توفر الأوراق المخصصة لطباعة الهويات.

وبعد الوقت الكافي، لم يحصل الأخوين على الهويتين، وإنما استبيانات مؤقتة مطبوعة على أوراق عادية، تنتهي صلاحيتها خلال فترة قصيرة.

ثم ولاستخراج جواز سفر، يضطر الأخوان القاطنان في محافظة إب، للانتقال إلى مدينة تعز جنوب غرب البلاد، إذ لا تقبل جوازات السفر الصادرة من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

في تعز لم يكن الحال أفضل، فأوراق الطباعة غير متوفرة، وطوابير الانتظار أكثر من أن ينضم إليها شخوص آخرون. فاضطر الشابان للذهاب إلى مدينة عدن، التي بات الوصول إليها أمرًا في غاية الصعوبة، بسبب نقاط التفتيش التابعة لجماعة الحوثيين من جهة، والقوات التابعة لحكومة عبد ربه منصور هادي من جهة أخرى، وكذا الأحزمة الأمنية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي والمنتشرة على الطريق الرابطة بين مدينة عدن والمحافظات اليمنية الشمالية.

إصدار الجوازات في اليمن
طوابير الانتظار في مصلحة جوازات مدينة تعز

مئات النقاط المنشرة أجبرتهم على النزول من السيارة عدة مرات، وتم تفتيشهم في كل مرة بالإضافة إلى أنهم أجبروا على دفع المال للجنود كي يتم السماح لهم بالدخول إلى عدن.

والعابرون عبر نقاط التفتيش الأمنية متهمون محتملون من كل جهة حسب اصطفافها، فهم "إرهابيون دواعش" محتملون في نقاط تفتيش الحوثيين، أو "خلية إرهابية حوثية" في نقاط تفتيش الطرف الآخر.

يقول نصر إنه بعد أكثر من عشر ساعات من السفر لعدن، وهي المسافة التي كانت في الظروف الطبيعية لا تحتاج أكثر من ساعتين، وصل الأخوان إلى مقصدهما، لكن عندما وصلا كانت المفاجأة غير السارة: "أعلنت مصلحة الجوازات عدم وجود جوازات، وأنه علينا الانتظار لشهرين حتى وصول دفعة جديدة من كروت الطبع من الخارج".

كلفت هذه الرحلة 150 ألف ريال يمني، أي حوالي 300 دولار أمريكي. يقول نصر: "لو أن حكومة هادي كانت تعتمد الجوازات الصادرة من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيين، لما كنا اضطررنا لخسارة هذا المبلغ. بإمكاني الحصول على جواز سفر من محافظة إب بما يعادل 15 دولارًا. لكن لا يمكنني السفر بهذا الزواج إلى السعودية".

ووفقًا لما نشره الصحفي اليمني سمير النمري في تغريدة على تويتر، فإن "منظومة إدارة الجوازات اليمنية حاليًا تديرها وتشرف عليها ⁧‫السعودية⁩، من حيث وجود سيرفرات الأنظمة في الرياض وكذلك الطباعة الورقية".

منع التعامل بجوازات الحوثيين

مطلع كانون الأول/ديسمبر 2018، أصدرت حكومة هادي قرارًا بمنع التعامل مع جوازات السفر الصادرة من مناطق سيطرة الحوثيين، وذلك بأثر رجعي، بمعنى أن أي جواز سفر صادر من أي منطقة تسيطر عليها جماعة الحوثي من تاريخ الأول من كانون الثاني/يناير 2016، فهو غير معتمد لدى سلطات حكومة هادي.

لذا دعت حكومة هادي المواطنين اليمنيين إلى استصدار جوازات سفر من مصالح الجوازات التي تسيطر عليها سلطات الحكومة، غير أنها عملية بالغة الصعوبة، وقد تفشل في كثير من الأحيان لأسباب ليس للمواطن بد فيها.

تجارة بالجوازات

لم يضطر نبيل للذهاب إلى الجنوب لتجديد جوازه السابق، وإنما أرسل بصورة للجواز إلى أحد أصدقائه من أجل تجديده، بما يعد مخالفة للقانون، غير أنها سائدة!

الجوازات في اليمن
تحكم الرشوة كثير من إجراءات استصدار الجوازات في اليمن

دفع نبيل ما يعادل 100 دولار أمريكي لمسؤول في مصلحة الجوازات بشبوة، والذي قام بدوره بطبع الجواز وإرساله إلى المستفيد.

على الرغم من أنه يجب حضور المواطن إلى مقر الجوازات، إلا أنه بات الآن ممكنًا الحصول على الجواز دون الدخول في طورة إجراءاته التقليدية، مقابل المال، الذي قد يصل أحيانًا إلى 200 دولار.

التعسف الحاصل في إصدار الجوازات في اليمن، خلق سوقًا سوداء لها، بحيث يمكن للمواطن استصدار جواز بشكل مباشر بدفع رشوة

وأحيانًا يتعذر الحصول على جواز سفر أو تجديده إلا بهذه الطرق الخلفية، فيضطر المئات إلى دفع مبالغ باهظة من أجل الحصول على جوازات سفر لهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

جوع اليمن.. 10 ملايين ضحية ومساعدات دولية مبددة

أئمة وخطباء مساجد عدن.. فرائس اغتيالات مرتزقة الإمارات الممنهجة