30-ديسمبر-2022
احتجاجات جنوب الأردن

تجاهلت الحكومة الأردنية مطالبات المحتجين واندلعت موجة من الاضطرابات جنوب البلاد (Getty)

من موجات الاحتجاج المتكررة في الشوارع وعلى منصات مواقع التواصل الاجتماعي، إلى الجدل حول مشاريع بعض القوانين، شهد الأردن طوال العام عدة أحداث أبقت الأردنيين في حالة انشغال وترقب.

شهد الأردن طوال العام 2022 عدة أحداث أبقت الأردنيين في حالة انشغال وترقب

فالعام الذي بدأ على وقع تعديلات دستورية وسعت صلاحيات ملك البلاد، انتهى بإنهاء إضراب لوسائط النقل تمركز في الجنوب وشل حركة المواصلات في طول المملكة وعرضها وقطعت على إثره خدمات الإنترنت عن مدينة معان. وما بين هذا الحدث وذاك ظل الأردنيون طوال العام في حالة ترقب مستمر لأحداث شكل بعضها انعطافة مهمة من شأنها أن تؤثر على مستقبلهم ومستقبل بلادهم، وأخرى كانت نتيجة للسياسات المتبعة والظرف العام.

في هذا المقال نتناول بعض أهم الأحداث التي كان لها نصيب من اهتمام الشارع الأردني.

حرب على المخدرات

أعلن الجيش الأردني مطلع العام تغيير قواعد الاشتباك على الحدود الشمالية مع سوريا للتعامل مع ازدياد نشاط مهربي المخدرات التي تصنع في مناطق نفوذ النظام السوري ويتخذ مهربوها من الأردن ممرا للوصول إلى دول الخليج.

الحدود الأردنية السورية

الإعلان كان بمثابة سمة شكلت ملامح سائر العام، إذ لم يمر شهر من دون الإعلان عن عملية أمنية واحدة على الأقل لإحباط تهريب الحبوب المخدرة وعلى رأسها الكبتاغون، كما صرح مدير إدارة مكافحة المخدرات، العقيد حسان القضاة، أن عدد قضايا المخدرات في البلاد في الشهور العشر الأولى من العام بلغت 15308، نال الشهر الأول من العام منها نصيب الأسد مع 1700 قضية.

بيغاسوس في الأردن

في مطلع عام 2022، أظهر تحقيق لمنظمتي آكسس ناو وهيومان رايتس ديفندرز تعرض هاتف الناشطة الحقوقية هالة عاهد للاختراق باستخدام أداة بيغاسوس المصنعة من قبل شركة إسرائيلية.

التحقيق ما لبث أن تبعه تقرير آخر أثبت تعرض صحفيين ونشطاء للاختراق باستخدام الأداة نفسها، ولكنه هذه المرة اتهم "وكلاء للحكومة" الأردنية بتنفيذ الاختراقات.

مواقع أردنية كات قد نشرت أيضا أن شخصيات في الديوان الملكي من بينها العين مصطفى الحمارنة، وأعضاء في مجلس النواب من بينهم النائب ديمة طهبوب، كانوا هدفا لعمليات اختراق مشابهة.

تقييد اتصالات الأمير حمزة

في شهر نيسان/ إبريل أعلن الأمير حمزة بن الحسين عن تنازله عن لقبه رسميا في رسالة نشرها على حسابه الرسمي على موقع تويتر، معللا قراره بأن "قناعاتي الشخصية والثوابت التي غرسها والدي في، والتي حاولت جاهدا في حياتي التمسك بها، لا تتماشى مع النهج والتوجيهات والأساليب الحديثة لمؤسساتنا."

الإعلان جاء بعد شهر واحد من إعلان الديوان الملكي أن الأمير حمزة بعث برسالة إلى الملك عبد الله، مقرّا ب "خطئه"، وطالبا منه الصفح.

بعد شهر من إعلان الأمير حمزة تنازله عن لقبه، أعلن الديوان الملكي عن صدور موافقة ملكية على تقييد اتصالات الأمير وإقامته وتحركاته، كما نشر الديوان رسالة شديدة اللهجة من ملك الأردن يقول فيها إن الأمير حمزة استنفد "كل فرص العودة إلى رشده والالتزام بسيرة أسرتنا"، وتابع "لن أسمح لأي كان أن يقدم مصالحه على مصلحة الوطن، ولن أسمح حتى لأخي أن يكون سببا للمزيد من القلق في وطننا".

حادثة تسرب الغاز في العقبة

في شهر حزيران/ يونيو، أسفر تسرب لغاز سام في ميناء مدينة العقبة جنوب البلاد عن مقتل ثلاثة عشر شخص وإصابة 260 آخرين. مقاطع فيديو عديدة للحادثة أظهرت انتشار غاز أصفر كثيف في المكان فور وقوع أحد الصهاريج.

عشرون طنًا من غاز الكلورين السائل تسرب من صهريج كان معدا للشحن إلى جيبوتي إلا أنه انفجر بعد سقوطه عن حافة إحدى السفن في الميناء بسبب انقطاع الحبل الحديدي للرافعة، لتفرض الأجهزة الأمنية طوقا بمسافة 500 متر وتخلي الشاطئ الجنوبي، وينصح سكان المدينة في البقاء بمنازلهم، إلا أن سرعة الرياح واتجاهها نحو الجنوب حالا دون وقوع المزيد من الخسائر.

جدل حول مشروع قانون حقوق الطفل

أقر مجلس النواب في أيلول/ سبتمبر الماضي قانون حقوق الطفل بعد مطالبات بإقراره امتدت طوال 24 عاما، وجدل حول بنوده احتد في الشهور القليلة الماضية.

  القانون لم يوافق عليه مجلس النواب إلا بعد إجراء تعديلات كبيرة على مواده يقول حقوقيون إنها أفرغته من مضمونه، في حين أن إسلاميين ومحافظين كانوا قد اتهموا مشروع القانون قبل تعديله بأنه يخالف قيم المجتمع وعاداته.

البرلمان الأردني

أبرز التعديلات على القانون تمثلت في حذف أجزاء تكفل حق الطفل في التعبير عن آرائه سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة أو الفن أو بأي وسيلة أخرى، والاكتفاء بضمان القانون لحرية الرأي والتعبير بما يتفق مع النظام والآداب العامة.

كما تضمنت التعديلات إلغاء بنود تنص على حق الطفل بطلب المعلومات والحصول على المساعدة القانونية وأخرى تحمي الطفل من العنف المرتكب من قبل الوالدين.

انهيار عمارة اللويبدة

في أيلول/ سبتمبر الماضي انهارت بالكامل عمارة مكونة من أربعة طوابق في منطقة اللويبدة في عمان، لتسفر عن وفاة 14 شخصا بينهم نساء وأطفال، وإصابة عشرة آخرين.

مدعي عام عمان أسند تهمة التسبب بالوفاة لمالك العمارة وشخصين آخرين، إذ أكد بعض سكان العمارة الذين كانوا خارجها لحظة الانهيار أن سبب الحادثة كان إجراء أعمال إنشائية في الطابق الأرضي نفذها مالك العمارة وهو ما أكده تقرير لخبراء عرض أثناء المحاكمة أفاد أن سبب انهيار المبنى وتسويته في الأرض كان بسبب أعمال الصِّيانة في ذلك اليوم.

الحادثة جلبت الانتباه إلى قضية البنايات القديمة التي تشكل 27% من بنايات العاصمة عمان، وحذر نقيب المهندسين الأردنيين من خطورة الأوضاع فيها وضرورة إجراء أعمال صيانة لها.

إغلاق حقل الريشة

كشف خبير الطاقة، عامر الشوبكي، في تشرين أول/ أكتوبر الماضي أن جميع آبار حقل الريشة للغاز الطبيعي أغلقت بشكل كامل بعد إغلاق محطة كهرباء الريشة التي كانت تستهلك كل ما ينتجه الحقل من الغاز الطبيعي، وذلك رغم إنفاق عشرات الملايين من الدولارات على عمليات تطوير للحقل قبيل إغلاقه.

المعلومات التي أثارت تساؤلات كثيرة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى وسائل الإعلام، قوبلت في البداية بصمت حكومي أعقبه تبرير من وزارة الطاقة بانتهاء العمر التشغيلي لمحطة الريشة.

كما نفت الوزارة أي علاقة بين إغلاق الحقل واتفاقية الغاز الأردنية- الإسرائيلية التي تفرض على الأردن شروطا جزائيا باهظة، ردا على خبراء رأوا عكس ذلك.

إضراب العاملين في وسائل النقل

نفذ سائقو الشاحنات إضرابا عاما سرعان ما امتد ليشمل العاملين في سائر وسائل النقل ويشل حركة المواصلات في البلاد.

الإضراب الذي امتد طوال حوالي أسبوعين بدأ احتجاجا على رفع أسعار المشتقات النفطية، إذ شهد العام ثماني رفعات أوصلت الأسعار في البلاد إلى مستويات غير مسبوقة. كما طالبت الاحتجاجات برفع الحد الأدنى للأجور وربط ارتفاع وانخفاض أسعار المحروقات بالأجور.

الحكومة الأردنية رفضت الاستجابة لمطالب المحتجين، إذ صرح رئيسها بشر الخصاونة أن "خزينة الدولة لا تمتلك ترف أن تدعم المحروقات، وسنعكس السعر العالمي لأسعار المشتقات النفطية صعودًا وهبوطًا". 

وما بين إصرار المحتجين على مطالبهم والتعنت الحكومي، استمرت الاحتجاجات وتوسعت رقعة انتشارها ولم تتوقف إلا في أعقاب استشهاد نائب مدير شرطة محافظة معان العقيد عبد الرزاق الدلابيح، ثم استشهاد ثلاثة ضباط في عملية أمنية في محافظة معان استهدفت ما قالت جهات أمنية إنها "خلية تنتمي للفكر التكفيري".

 

 

 

 

دلالات: