28-مايو-2019

كانت نتائج الانتخابات الأوروبية محملة بعدد من المفاجآت (رويترز)

إعداد: مها عمر وسفيان البالي

كانت انتخابات البرلمان الأوروبي لهذا العام، محملة بالعديد من المفاجآت، أولها نسبة المشاركة المرتفعة بين صفوف الناخبين في مختلف البلدان الأوروبية، وثانيها أن الموضوع الفائز هو حماية البيئة، مما دفع إلى الواجهة الأحزاب الخضراء في بريطانيا وألمانيا وفرنسا، حيث حققت نتائج تفوق حصيلتهم في استحقاقت 2014، بأكثر من 25 مقعدًا وبحصيلة إجمالية تعادل 69 مقعدًا.

أظهرت النتائج الأولية لانتخابات البرلمان الأوروبي التي بدأت الخميس وانتهت الأحد في 28 دولة من دول الاتحاد الأوروبي، تقدمًا ملحوظًا لأحزاب اليمين، قد يشكل خطرًا على نفوذ بروكسل

في هذا السياق، بات من الواضح أن هناك تراجعًا لأحزاب الوسط التي تؤمن بأوروبا كمشروع وحدوي رغم أنهم حافظوا على صدارة الترتيب العام، أما الفائز الكبير في هذا السباق الأوروبي فهم اليمينيون الشعبويون، صحيح أن هذا لا ينطبق على كل أوروبا إلا أنهم حققوا تقدمًا ملحوظًا يمثل اختراقًا لبروكسل، في إيطاليا وفرنسا وبريطانيا، مما يعني أن البرلمان الأوروبي سوف يشهد صفحة جديدة من عدم الوفاق مع أوروبا، وصفحات أخرى من الاتحادات المعادية بشكل صريح للكثير من القيم التي تبنتها القارة عن الهجرة و حقوق الإنسان، وغيرها.

بريطانيا: تصويت عقابي للمحافظين وصعود لحزب بريكست

أظهرت النتائج الأولية لانتخابات البرلمان الأوروبي التي بدأت الخميس وانتهت الأحد في 28 دولة من دول الاتحاد الأوروبي، تقدم حزب "بريكست" البريطاني وهو حزب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على حساب حزب المحافظين.

اقرأ/ي أيضًا: انتخابات البرلمان الأوروبي.. هل يهدم اليمين قصر بروكسل بأدوات بروكسل؟

حصل حزب بريكست على 28 عضوًا من أعضاء البرلمان الأوروبي فازوا بنسبة 32% من الأصوات وهم أكبر حزب في 9 مناطق داخل المملكة. كما حقق الديمقراطيون اللليبراليون المؤيدون للاتحاد الأوروبي مكاسب جيدة، لكنها أتت في المرتبة الثالثة بنسبة 20%، بينما استمتع حزب الخضر بليلة جيدة حيث قدموا أفضل أداء لهم منذ عام 1989  حاصلين على ما نسبته 7.5% من الأصوات.

أما حزب المحافظين، فقد بدا أنه عوقب بالتجاهل من قبل الناخبين، وفاز فقط بثلاثة أعضاء في البرلمان، حيث فاز حزب العمل المعارض الرئيسي بعشرة أعضاء في البرلمان و11% فقط من الأصوات. ووصفت رئيسة الوزراء المنتهية ولايتها وزعيمة حزب المحافظين، تيريزا ماي، النتائج بأنها مخيبة للآمال. أما نايجل فاراج  فقد ركز أنظاره على البرلمان البريطاني كمحل جديد لمعركته القادمة.

وحث فاراج أنصاره على تحويل انتباههم إلى عملية الاقتراع التي ستجري الشهر المقبل في بيتربورو وطلب منهم الاستعداد للانتخابات العامة المحتملة، بينما أصر زعيم الليبراليين الديمقراطيين فينس كابل على أن الاتفاق بين الأحزاب المؤيدة للبقاء كان يمكن أن يساعده في هزيمة فاراج، وأضاف أن مهمة خليفته على رأس الحزب هي كيفية الجمع بين الأحزاب المؤيدة للاستفتاء.

ألمانيا: المزيد من الضغوط على ميركل وحلفائها!

لم ينجح حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي لأنجيلا ميركل وحليفها الاتحاد الاجتماعي المسيحي إلا بحصد نسبة 28% من الأصوات في ألمانيا بانخفاض 7 نقاط عن انتخابات البرلمان الأوروبي في عام 2014، وأسوأ نتيجة له في انتخابات وطنية على الإطلاق. شريكها الأصغر في الائتلاف  وهو الحزب الديمقراطي الاجتماعي جمع 15.6% فقط، أي بانخفاض 11 نقطة عن نتيجة 2014، مما يضعه في المرتبة الثالثة فقط.

هذا يعني أن حزب الوسط الاشتراكي الديمقراطي تعرض لأسوأ إذلال وطني له، ويعزز ذلك الشعور بهزيمة تاريخية في الانتخابات التي جرت في بريمن، أصغر ولاية في ألمانيا، حيث يبدو الحزب الاشتراكي الديمقراطي في المركز الثاني بعد حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي ويفقد السلطة في المدينة لأول مرة منذ سبعة عقود، حسبما أفادت الديوتش فيله.

وهذا يعني أنه إذا فاز الجناح اليساري للحزب الديمقراطي الاشتراكي في صراع السلطة الداخلي، فهناك فرصة أن يخرج الحزب من الائتلاف مع ميركل، مما يؤدي إلى انتخابات جديدة.

وبعد أن أعلنت المستشارة بالفعل أنها لن ترشح نفسها مرة أخرى لمنصبها، كانت هناك تكهنات بأن نتائج يوم الأحد قد تسرع من رحيل ميركل.

لكن بعض المتابعين بالإضافة إلى شخصيات داخل حزب الاتحاد المسيحي، قللت من فكرة انهيار الحكومة. وقال الأمين العام لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بول زيمياك "إن التحالف يجب أن يستمر في ضمان الاستقرارفي البلاد"، واعترف زيمياك أيضًا بأن نتائج الاتحاد الديمقراطي المسيحي "لم تف بتوقعاته"، على الرغم من زعمه أن حزبه "قام بدوره" في مساعدة مانفريد ويبر في منصبه المنشود كرئيس للمفوضية الأوروبية. كان ويبر هو المرشح الرئيسي لحزب الشعب الأوروبي (يمين الوسط)، وهو الكتلة التي ينتمي إليها الاتحاد الديمقراطي المسيحي، مما جعله في وضع يمكّنه من تولي منصب جان كلود يونكر عند انتخاب اللجنة الجديدة في الخريف.

 في نفس السياق حقق حزب الخضر في ألمانيا نجاحًا هائلًا، والذي ضاعف تقريبًا نتيجته لعام 2014 للفوز بأكثر من 20% من الأصوات، ويرجع ذلك بشكل جوهري إلى شعبيته الجديدة بين الناخبين الشباب، حيث كشفت إحصائية نشرتها مجلة infratest dimap أن 36% من الناخبين الذين يصوتون لأول مرة في ألمانيا ذهبوا إلى حزب الخضر، أي أكثر من ثلاثة أضعاف أصوات المحافظين في حزب ميركل.

وقالت أنالينا باربوك، زعيمة حزب الخضر، لشبكةARD  الألمانية العامة إنه "يجب أن تنعكس قوة حملة حماية المناخ في جدول أعمال الأطراف الأخرى من الأحزاب".

وقد أقر سياسيون ألمان آخرون بأنها ربما كانت على حق: لقد كانت أزمة المناخ هي القضية الرئيسية في الحملة، وقد فشلوا في اتخاذ موقف واضح منها، وربما هذا هو سبب التراجع، وهو عدم قراءتهم لما يشغل بال الشباب من الناخبين.

من ناحية أخرى اعترفت كاترينا بارلي، المرشحة البارزة في الحزب الديمقراطي الاشتراكي، بأن حزبها ربما لم يكن مستعدًا جيدًا على هذه الجبهة. ومع ذلك، أخبرت بارلي أتباعها، أنها قدمت كل ما بوسعها في هذه المعركة، في جولة عاطفية وطويلة من التصفيق بين مؤيديها.

على أية حال، ستؤدي الانتخابات الأوروبية إلى تعديل طفيف في حكومة ميركل، مع إعلان وزيرة العدل بارلي مقدمًا أنها ستتنحى بعد الانتخابات لشغل مقعدها في البرلمان الأوروبي.

إسبانيا.. لا زال زهو اليسار مستمرًا

لم تكد تنتهي أفراح تحالف اليسار الإسباني من اكتساحه قبة التشريع في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي عرفتها البلد، حتى تجددت مرة أخرى في المحطة البرلمانية الأوروبية الحالية. في ذات الوقت، كرست نتائج هذه المحطة الانتخابية الانتكاسة المزمنة، والإفلاس الانتخابي، الذي تعرفه أحزاب الوسط واليمين التقليدية بالبلاد. هكذا خلصت أصوات الإسبان إلى تجديد ثقتهم في حزبهم الحاكم، الحزب الاشتراكي، وتنصيبه في مقدمة الترتيب بنسبة 32.8%، يليه حزب الشعب اليميني في المركز الثاني بـ 20.3%، متبوعًا بحزب المواطنين (سيودادانوس) الوسطي بـ 12.2%، بينما دخل بوديموس اليساري المتطرف رابعًا بـ 10.1%.

في سياقٍ أوروبا العام والمائل يمينًا، بما فيه اندحار الديمقراطيات الاشتراكية من مراكزها الرئيسة كألمانيا وفرنسا، يمثل التحالف اليساري الإسباني استثناءً في المحطة التاريخية، مستغلًا حالة السخط الشعبي العام على حكومة ماريانو راخوي المقالة، والقوى التي شكلت تحالفها. بالمقابل ليس في هذا فقط تكمن المفاجأة الإسبانية، بل في تقديمها لوافدٍ جديد على البرلمان الأوروبي، وهو حزب VOX اليميني المتطرف، الذي وضع قدمه لأول مرة داخل المؤسسة بمقعد وحيد، بعدما حلَّ خامسًا في ترتيب السباق الانتخابي بـ 6.2% من الأصوات.

دخول لـ VOX كان قد حذر منه سابقًا رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، والذي دعا لعدم التصويت للحزب اليميني المتطرف في سلسلة من التغريدات قبل الانتخابات، قائلًا إن "هذا التصويت هو الذي سيحدد الفرق بين من يريد أن يذهب بإسبانيا إلى الأمام، وبين من يريد إعادتها 40 سنة وراءًا"، في إشارة إلى الحقبة الدكتاتورية التي عاشتها البلاد. بيدرو سانشيز الذي اجتماع مباشرة بعد صدور النتائج النهائية، بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإيليزي، لتدارس الوضع  الأوروبي الراهن ومستجداته. اجتماعٌ اقتضب رئيس الوزراء الإسباني التعبير عن مخرجاته في تغريدات متتالية، واصفًا نجاح حزبه بالفخر الكبير ومهنئًا ماكرون كذلك بنتائجه، منتهيًا إلى اتفاقهما حول الدعوة لتجديد الأرضية الدستورية للاتحاد بحيث تعود أكثر تعبيرًا عن الغالبية المناصرة لأوروبا، كما تكوين جبهة قوية لمواجهة صعود اليمين المعادي للاتحاد.

لوبان.. فوز صغير لأحلام كبيرة

تأتي الانتخابات الأوروبية في فرنسا بعد تغيرات جذرية عرفتها الساحة السياسية بالبلاد، ابتداءً من السقوط المدوي للتداول المعهود للحكم بين ثنائية الجمهوريين والاشتراكيين، والذي تجلى منذ الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية السابقة. وانتهاءً بالحراك الاجتماعي للسترات الصفراء الذي هز البلاد منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، والذي كرسَ ذات السجال، وإن لم يكن بشكل مباشر، بين التجمع الوطني اليميني المتطرف وفرنسا إلى الأمام الحزب الليبرالي الجديد.

هكذا جاءت نتائج الانتخابات الأخيرة كخلاصة للتسابق السياسي العام داخل البلاد، وكأثر لثلاث سنوات من حكم الرئيس ماكرون وثلاث سنوات من المعارضة الشرسة التي قادتها مارين لوبان من جهة، ومن جهة أخرى جان لوك ميلانشون بحزبه فرنسا الأبية اليساري المتطرف. وبحصيلة 23.3% من الأصوات، تصدر حزب التجمع الوطني بقيادة لوبان سلَّم ترتيب النتائج، متبوعًا بفرنسا إلى الأمام  بـ 22.4% من الأصوات، أمَّا في المركز الثالث فحلَّ الخضر بـ 13%، تاركين الحزب الجمهوري بعيدًا إلى الخلف، في المركز الرابع، بـ 8.5% من الأصوات.

 بهذا الشكل يتبين أن النتيجة أتت وفق تطلعات الفريقين، غير أن المفاجأة تبقى تفوق اليمين المتطرف، مستغلًا التخلف اليساري عن المحطة الانتخابية وداخل الشارع، وعدم الجاهزية التنظيمية لحركة مثل السترات الصفراء على خوض هذا النزال. اليمين الذي احتفت زعيمته، مارين لوبان، مسمية الانتصار بـ"الانتشار العظيم لفكرة المعارضة البديلة في أوروبا". موجهة الكلام لمناصريها، ولغرَمائها أكثر، مدعية أن هذه النتائج أعادت للانتخابات الأوروبية صفتها الديموقراطية، بعودة صوت الشعب الحقيقي إلى قبة البرلمان. هذا، على حد تعبيرها، يدفع حكومة ماكرون إلى التفكير ماليًا في الواقع الذي تعيشه، وأن تقبل كونها لا تمثل الشعب الفرنسي لذلك عليها مغادرة المشهد. في إشارة إلى مطالباتها المعهودة باستقالة ماكرون وحل البرلمان، قبل إجراء انتخابات رئاسية سابقة لأوانها.

بينما السؤال الذي يطرح نفسه بحدة هو: أين ذهبت أصوات السترات الصفراء؟ للإجابة يجدر الإشارة أولا أنه منذ اندلاع احتجاجات الحركة وهي عرضة لاختراق عدد من الأحزاب الفرنسية المعارضة، بل وللمنافسة في هذا الاختراق.

 عشية الانتخابات الأوروبية رصد "ألترا صوت" عددًا من المنشورات داخل المجموعة الرسمية للسترات الصفراء، والتي عبرت عن تضارب آراء كبير إزاء التصويت من جهة، وإزاء اللوائح المرشحة من جهة أخرى. هذا التضارب الذي يعبر عن أمر واحد، هو أنه لا صوت واحدًا للحركة، فبينما كان جانب من المنتمين يروج لمقاطعة الانتخابات، دعت أخرى إلى تحويل الحراك الاجتماعي إلى فعل سياسي يفرض إرادته بالتصويت من داخل المؤسسات، ولهؤلاء كذلك اختياراتهم. بين المقاطعين والمصوتين، بدا أن كفة الدعم دائمًا ما انزاحت إلى التجمع الوطني، الأمر الذي تؤكده كذلك استطلاعات الرأي الفرنسية، أن 44% من المنتمين للحركة يدعمون حزب مارين لوبان، مقابل 4% فقط للائحة فرنسا إلى الأمام.

رابطة الشمال الإيطالي… يمين آخر ينتصر

على ما يبدو أن اليمين الأوروبي جهز مبكرًا، وبشكل مدروس، للمحطة الانتخابية الأوروبية. الشيء الذي كان مقروءًا سابقًا في عدة إشارات، أبرزها المناكفة الفرنسية الإيطالية الأخيرة حول أفريقيا. وكما استغلت لوبان صعود الاحتجاج الشعبي في بلادها كي تضاعف قوتها الانتخابية، تمترس سالفيني وراء مشكلة المهاجرين التي تعرفها إيطاليا، مروجًا لفكرة تحالف أوروبي خلال جولته الأوروبية الأخيرة والخطابات التي أطلقها خلالها. الأمر الذي آتى ثماره، أي ثمار الانتصار التي حصدها حزب رابطة الشمال الإيطالي.

فقد تصدر حزب رابطة الشمال نتائج الانتخابات الأوروبية بإيطاليا، حاصدًا 34.3% من الأصوات، متفوقًا بذلك على غريمه الحزب الديمقراطي الذي حلَّ ثانيًا بـ 22.7%، يليهما حزب الخمس نجوم بـ17.7%، متبوعًا بحزب فورزا إيطاليا الذي حلَّ رابعًا بـ 8.8%. فيما تكرس النتائج القوة الانتخابية الضاربة للتحالف الحكومي بقيادة كل من الرابطة والخمس نجوم. على المستوى القاري العام استوفى حزب سالفيني طموحاته التي رصدها قبل بداية السباق الديمقراطي، بتشكيل قوة ضاغطة ومتنامية داخل البرلمان الأوروبي.

وبصورة نشرها على حسابه الرسمي في تويتر، تحمل تعليق "كلمة واحدة ووحيدة: شكرًا إيطاليا"، احتفى ماتيو سالفيني، وزير الداخلية ورئيس حزب رابطة الشمال الإيطالي، بالنصر الذي حققه في الانتخاب الأخير. صورة تبرز في خلفيتها قبعة تحمل نسخة من الشعار الشهير "فلنجعل أمريكا عظيمة مجددًا"، جوار أيقونة ليسوع المسيح، وفوقهم صورة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي تصريح صحفي، عبر الوجه الأبرز لمعاداة المهاجرين والإسلام، عن ثقته في انتصار حزبه، انتصار وصفه متتبعون بـ"الانتصار الترامبي" لليمين الإيطالي.

بولندا والمجر المثيرتان للجدل

حطم الحزب البولندي الحاكم PIS  حزب العدالة والقانون الأحزاب المعارضة، حيث حقق فوزًا ساحقًا على ائتلاف أحزاب المعارضة في الاقتراع الأوروبي يوم الأحد، مما جعله في موقع قوي في الانتخابات الوطنية لهذا الخريف.

وتشير التقارير الإخبارية إلى أن  نسبة المشاركة تخطت 45% بقليل، وهي أعلى نسبة تبلغها في  أي انتخابات أوروبية منذ انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2004. وهي علامة على كيفية قيام المعركة الشرسة بين حزب العمال الاشتراكي والمعارضة للسيطرة على البلاد من خلال الانتخابات الأوروبية.

الجدير بالذكر أن بولندا ترسل أعلى نسبة من المتشككين في المشروع الأوروبي إلى بروكسل مع 53% من الأصوات وأكثر من نصف المقاعد تذهب إلى الحزب الحاكم، وهذا ما يعني أن هزيمة بروكسل في الداخل البولندي أصبحت أمرًا واقعًا، و يبدو أن البولنديين الناخبين، يرفضون سيطرة الاتحاد الأوروبي، ولا يلقون بالًا لما تفرضه عليهم من عقوبات بسبب قضايا السلاح أو المهاجرين، أو حقوق الإنسان والالتزام بالقيم الأوروبية، و كل هذا الخطاب السياسي.

أما في المجر فقد فاز حزب فيدس اليميني الحاكم بنسبة 52.14% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأوروبية معتليًا منبرًا متشددًا مناهضًا للهجرة، ومحققًا انتصارًا كبيرًا على معارضة منقسمة.

يؤكد أوربان في المجر على خطاب واحد، حماية الثقافة الأوروبية المسيحية، والتعاون مع كل شخص في أوروبا يوافق على وقف الهجرة.

جاء حزب فيدس في المقدمة قبل الائتلاف الديمقراطي اليساري، الذي جاء في المرتبة الثانية بنسبة 16.26%، وفقا لرويترز.

اقرأ/ي أيضًا: حلم ستيف بانون "الحمائي".. محور لعتاة اليمين عابر للقارات

وقام أوربان، الذي بنى سياجًا فولاذيًا في عام 2015 لإغلاق الحدود الجنوبية لهنغاريا لمنع المهاجرين، بتأطير الانتخابات كخيار بين المجموعات الداعمة والمعارضة للهجرة الجماعية. تم انتخابه لولاية ثالثة في عام 2018 بظهير شعبي قوي. فيما حصل حزبه على 13 مقعدًا من أصل 21 مقعدًا في البرلمان الأوروبي المؤلف من 751 مقعدًا، مما يشكل اختراقًا واضحا لليمينيين القوميين في البرلمان الأوروبي. وقال أوربان "إن مسألة الهجرة، وكيف يستجيب الناس لها، ستعيد تشكيل الطيف السياسي في الاتحاد الأوروبي في التصويت، ولن تلعب التجمعات الحزبية التقليدية نفس الدور في المستقبل".

بات من الواضح أن هناك تراجعًا لأحزاب الوسط التي تؤمن بأوروبا كمشروع وحدوي رغم أنهم حافظوا على صدارة الترتيب العام، أما الفائز الكبير في هذا السباق الأوروبي فهم اليمينيون الشعبويون

ستغير بلا شك الانتخابات الأوروبية شكل البرلمان الأوروبي، الذي سيشهد أحداثًا ساخنة فيما يتعلق بالانقسام حول بروكسل وشروطها وما تفرضه، وستعتبر في جولات عديدة، أتوقراط مجهول يفرض قيوده على بعض الشعوب التي لم تعد تحب أن ترى نفسها منضوية تحت مظلة أوروبا، أو تحب أن تحصل على دعمها دون أن تلتزم بشروطها، كما اتضح في كثير من المناسبات السابقة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كيف بررت بولندا دعوات اليمين المتطرف لـ"هولوكوست المسلمين"؟

حين أصبح بشار الأسد أيقونةً لليمين المتطرف في الولايات المتحدة