11-أكتوبر-2017

يلاقي المزارع المصري صعوبات في موسم حصاد البلح (ألترا صوت)

حضر ذكر النخيل والتمور في الكتب المقدسة بشكل لافت، وهو ما قد يعكس قيمتها ورمزيتها للقوة والخير، وفي معظم بلدان العالم، تتزامن الفترة الحالية، أي بدايات الخريف من كل عام ولحوالي ثلاثة أشهر، مع موسم حصاد الفلاحين للتمر من النخيل. في هذا التقرير، نحاول الوقوف على جوانب من هذا الموسم في مصر.

يزرع الفلاحون في مصر النخيل وسط أجواء احتفالية عادة، لكنهم يعانون صعوبات متفاقمة تعيق عملهم

يزرع الفلاحون في مصر النخيل وسط أجواء احتفالية عادة، حيث تعتبر فاكهة هذه الشجرة من الفواكه التي يحبها المصريون ويقبلون على شرائها. وتعتبر مصر الأولى عالميًا في إنتاج التمور، حسب وزارة الزراعة المصرية. والنخيل يحتاج في العموم إلى درجات حرارة مرتفعة، كما يحتاج أيضًا إلى درجات بسيطة من الرطوبة خلال أشهر الصيف، وهو ما يتوفّر في مصر، التي يعتبر طقسها مناسبًا لزراعة النخيل.

وتنتشر جميع الأصناف في مصر، الرطبة والنصف جافة فى مناطق الدلتا ومصر الوسطى، بينما تنفرد منطقة مصر العليا وخاصة أسوان بتوفر الأصناف الجافة، كما ينقسم المحصول الذي يخرج من الأرض إلى جزء يُباع إلى أهل القرية التي تتواجد بها المزرعة أو خارجها، والجزء الآخر يُوجه إلى "نقاط التجميع"، التي تخصص لجمع أكبر كميات من البلح المصري. أحيانًا يتم تجفيف البلح في الأراضي التي زُرع بها تحت أشعة الشمس ثم يُنقل إلى التعبئة ونقاط التجميع أيضًا عن طريق تجّار يقومون بتصديره.

في الوقت ذاته تعتبر أفضل أوقات زراعة النخيل في مصر في أوائل شهر آذار/ مارس، وشهر أيلول/ سبتمبر، إذ يكون ذلك التوقيت بعيدًا عن الحرارة الشديدة والبرودة الشديدة كذلك، ثم يبدأ جمعه بعد ذلك باختلاف توقيت زراعته. ففي جنوب مصر (الصعيد) يتم جمعه في أول آب/ أغسطس مثلًا، وكلما ارتفعت درجة الحرارة يطيب البلح بشكل أسرع.

وبحسب تقارير مصرية، تنتشر زراعة نخيل البلح فى معظم محافظات الجمهورية المصرية، تمثل المساحة المزروعة بالنخيل حالياً 73.653 ألف فدان أي حوالي 6.32٪ من إجمالي المساحة الكلية المزروعة بالفاكهة، ويمثل الإنتاج السنوي للتمور 1.113.270 مليون طن.

palm grove

"ينبغي أن نتعامل مع النخلة كأنثى، فهي تحتاج لشخص رقيق يفهم كيف يتعامل معها"، يشرح سعيد عبد المحسن (63 عامًا) ويعمل في زراعة ومتابعة النخيل منذ ما يقرب من 30 عامًا، خلال حديثه مع "الترا صوت". ويضيف محدثنا: "النخلة الذكر، تسمّى نقاية، لا تنتج بلحًا ومهمتها التلقيح فقط، كما يحتاج جمع البلح من النخلة لتعامل خاص، فلا يمكن لأي شخص التعامل مع النخيل بشكل عشوائي، ومع بداية زراعة النخيل أو تجهيز النخل القديم لموسم جديد، يجب رشها بأنواع مختلفة من المبيدات حتى يعزل النخل عن "سوسة النخيل"، التي تؤدي لتلف البلح، بالتالي يحتاج الأمر أشخاصًا متخصصين، ولذلك كثيرًا ما نسمع عن الأشخاص الذين سقطوا من فوق النخل، نظرًا لعدم المعرفة الكافية بأساليب الصعود والتعامل أثناء تقطيع البلح".

يشتكي المزارعون في مجال النخيل في مصر عدم تقديم السلطات تسهيلات لهم وارتفاع تكلفة الإنتاج

في سياق متصل، يشتكي محدثنا وعاملون آخرون مثله في ذات القطاع، لـ"ألترا صوت" من أن "تهيئة الأرض تحتاج إلى تكلفة تزيد عن السنوات الماضية بنسبة تصل إلى 300% بينما يقل المكسب أو الربح الذي يعود عليهم، نظرًا لتهميش الدولة، سواء عن طريق المرشدين الذين تعينهم وهم غير مطلعين أو لعدم الاهتمام  بتوفير المبيدات أو التسهيلات للفلاحين".

بناء على ذلك، يلجأ عدد كبير من المزارعين إلى زرع النخيل على هيئة "مشايات" أي داخل محاصيل أخرى في الأرض نفسها نظرًا لقلة الربح المادي، كما يشتكون أيضًا من أن العمالة في الوقت الحالي تحتاج إلى مبالغ ضخمة لجمع البلح، وهو ما يجعل بعضهم يؤدّي تلك المهمة بنفسه وبمساعدة معارفه رغم مخاطر ذلك.

في المقابل يوضّح النخّال أحمد سالم (32 عامًا) لـ"الترا صوت" مدى صعوبة العمل الذي يقوم به وخطورته، ويقول إن "العمل في مهنة موسمية ربحه قليل، كما أن أي خطأ قد أرتكبه وأنا فوق النخلة قد يكلفني الكثير، أصحاب الأراضي يفكرون في الجنيهات التي نتقاضاها ويتناسون أننا ندخر معظمها لفترات البطالة وللحاجة عند أي كسر محتمل".

وإجمالًا، فإلى جانب الطبيعة التي تقف في وجه المزارعين عن طريق التغيّر المناخي والذي شهدوا تأثيراته الأعوام الأخيرة وتكبدوا خسائر في المحصول بسببه، يشتكي أغلب المزارعين من إهمال الحكومة بدل مساعدتهم لرفع كفاءتهم وتشجيعهم على التصدير، مما قتل جزءًا من البهجة التي كانت ولا تزال تصاحب غالبية المزارعين أثناء موسم جمع البلح وباقي التمور.