01-مارس-2017

أفرز سلوك الحشد الشعبي عن كثير من الظواهر الطائفية التي تقتدي به (الأناضول)

تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لمجموعة شبّان من مدينة الصدر، شرقي العاصمة بغداد، وهم يحملون أسلحة رشاشة متوّسطة حديثة، ويقومون باستعراض بسيط في المدينة الشيعية المكتظة، والتي يسيطر عليها الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر.

وتحدّث الشبّان في الفيديو عن أنّهم ينتمون إلى ما يسمّى "حشد العورة" نسبة إلى اسم سوق شعبيّة شهيرة في مدينة الصدر، وهو اسم ميليشيا جديدة تمامًا، إذ لم تبرز تسمية كهذه من قبل، على الرغم من توفّر العراق على أكثر من 50 ميليشيا مسلّحة، بعضها يقاتل إلى جانب النظام السوري في حلب ودمشق، ودائما برعاية وإدارة إيرانية مباشرة.

تحاول مليشيا الحشد الشعبي الطائفية الترويج لنفسها واستقطاب الشبان بصورة هوليودية عصرية تحمل شعارات مذهبية 

وبدا الشبّان في الفيديو يرتدون الأسود، إلا أنهم يلبسون سراويل وقمصانًا عصريّة وضيّقة، على طريقة الإيمو. فضلًا عن أن الكثير منهم قد صبغ شعره بالأشقر وأطاله وقام بتسريحات غريبة. ولم يتضح التهديد الذي وجّهه هؤلاء الشبّان إلى أيّة جهة، إلا أنّهم ظلوا يرددون أنهم قادمون، وسيحاربون ويدمّرون، و"نموت أو ننتصر". وظل جميع الشبّان، الذين لم يتجاوز غالبهم العقد الثاني من عمرهم، يكررون اسم حيدر سالم كقيادي لهم، وهو اسم غير معروف في خارطة الميليشيات في العراق.

 

وبالرغم من حملهم لأسلحة وبنادق وقاذفات حديثة، إلا أن هؤلاء الشبّان حظوا بسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب ملابسهم وتسريحات شعرهم الغريبة، بالإضافة إلى صغر أعمارهم. وإثر الضجّة المثارة، سارع الحشد الشعبي، الذي يضم ميليشيات الكثير منها مدعومة من إيران، إلى نفي أي صلة تربطه بمجموعة الشباب المسلحين. وقال الحشد الشعبي، الذي تحوّل بموجب قانون أقرّه البرلمان إلى هيئة عسكرية حكومية، إنه "في ظل الانتصارات المتحققة على داعش (..) تبرز وللأسف الشديد حالات شاذة تحاول تعكير صفوة تلك الانتصارات وسرقة فرحة الشعب".

نفى الحشد الشعبي ارتباط هذه المجموعة الشابة به وطالب باعتقالهم

ووصفت مجموعة الشباب المسلحين بأنه "سرقة لتلك الانتصارات" على "داعش". وطالبت ميليشيات الحشد الشعبي الأجهزة الأمنية بـ"اعتقال هذه المجموعة ومقاضاتها قانونياً"، معتبرة أنها "خارجة عن القانون وتحاول بث الرعب بين صفوف المدنيين". بيد أن هؤلاء الشبّان، بعد أن شعروا بتهديد حقيقي من قبل ميليشيات الحشد الشعبي والأجهزة الأمنية، سرعان ما صوّروا فيديو آخر نشر على موقع "فيسبوك" مبررين فيه تصويرهم لفيديو الاستعراض، ونواياهم من حمل السلاح.

وقال حيدر سالم، الذي من المفترض أنه يقود "حشد العورة" أنهم مجموعة من الشبّان العاطلين عن العمل، ودفعتهم عطالتهم إلى تصوير فيديوهات وصور مشابهة كانوا ينوون نشرها لدعم ميليشيات الحشد الشعبي، إلا أنهم تراجعوا عن الأمر بسبب الضجّة المثارة حولهم في مواقع التواصل الاجتماعي.

أقرأ/ي أيضًا: درس الفلوجة في معركة الموصل.. الطائفية سيدة الحشد

وظل سالم، خلال الفيديو الزاخر بالشعارات الطائفية، يكرّر "كلنا ننتمي إلى عليّ ابن طالب"، لافتاً إلى أنه لا يسعى إلى القيام بأيّ عمل خارج القانون. وأبدى استغرابه من الضجّة المثارة حول الأسلحة التي حملوها، وقال "السلاح متوفّر في العراق.. الكل يعلم أنه موجود وخاصة في مدينة الصدر.. لا يوجد بيت في مدينة الصدر لا يملك سلاحًا". وقال بعض الذين ظهروا في الفيديو "نحنا لسنا إرهابيين.. مجرد نريد التقاط الصور".

وبرّر بعض المدونين لهؤلاء الشبّان حملهم للسلاح، وقال أبو مصطفى الخفاجي: "والله حقهم مساكين!!! شباب يبحثون عن عمل!!! لو يروح لإيران وتحترموه لو يطلع (يخرج) من الطريق ويصير (يصبح) سلاب (سارق)". ومنذ بروز الميليشيات المسلّحة بشكل كبير بعد احتلال "داعش" للموصل في حزيران/ يونيو عام 2014، أخذ الكثير من المراهقين يعلنون من خلال مقاطع فيديو تشكيلهم لفصائل مسلّحة، إلا أنها تظل محصورة في المناطق التي يسكنوها. وفي أيلول/ سبتمبر العام الماضي، ألقت القوات الأمنية العراقيّة على مراهق يدعى على الباقري النجفي، بعد أن ظلّ ينشر مقاطع فيديو وبيانات على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال أنه تابع لميليشيات الحشد الشعبي.

ويدفع انتشار السلاح، وازدياد نفوذ الميليشيات المراهقين في المناطق الشيعية الفقيرة إلى الاقتداء بقادة الميليشيات، وهو أخذ يتضح بشكل كبير من خلال ارتداء شبّان للأزياء العسكرية، والتقاطهم صور مع أسلحة متوسّطة. ويبرّر مدونون اتجاه هؤلاء الشبّان إلى طرق حمل السلاح، والاقتداء بالميليشيات، نتيجة لغياب القانون، وانحدار السلطة في العراق.

أقرأ/ي أيضًا:

مهددون في العراق.. لاجئون إلى أوروبا

بعد 13 عامًا..التجنيد الإجباري مجددًا في العراق