06-يناير-2016

حسن داوود

سؤال يتبادر إلى ذهن القارئ عندما ينتهي من قراءة رواية "لا طريق إلى الجنّة" (دار الساقي) للكاتب اللبناني حسن داوود. السؤال يتعلّق بالمعايير والأسس التي جعلت الرواية تنال جائزة نجيب محفوظ لعام 2015. هذه الجائزة التي تحظى بالاحترام والثقة؛ إذ بالرغم من ضآلة قيمتها المادية فإنها ساهمت في إبراز أسماء روائية ذات بصمة خاصة في الرواية العربية. شخصيًّا تعرّفت من خلالها على "ورّاق الحب" لخليل صويلح و"شوق الدرويش" لحمور زيادة و"الفاعل" لحمدي أبوجليل و"وكالة عطية" لخيري شلبي، وهي أعمال لا أزال أدين بالفضل لهذه الجائزة باختصار المسافة بينها وبيني. وهذا ما دفعني إلى الإسراع في اقتناء الرواية الفائزة بالدورة الأخيرة وقراءتها.

في رواية حسن داوود، ثمة إمام جامع شيعي يقرر أن يخلع جبته وعمامته دون ان يعاني من أي أزمة فكريّة

غير أنّ الجائزة لم تكمل معروفها في هذه الدورة، إذ إن قارئ الرواية لا يجد ما يبرر اختيار هذه العمل الذي يصاحبك أثناء قراءته الملل والتكرار طوال صفحاته التي تجاوزت الثلاثمئة صفحة. وهما عيبان كان من الممكن اغتفارهما في حال استطاع الكاتب أن يمرر عبرهما رسالة فكرية يفترض القارئ وجودها في أي رواية جيدة، وهو الأمر الذي لم يحصل. 

فبالرغم من أنّ بطل الرواية إمام جامع شيعي يقرر أن يخلع جبته وعمامته فإنه لا يعاني من أي أزمة فكريّة تدفعه إلى هذا التخلي. بل إن كل ما في الأمر أن التحاق البطل بالسلك الديني ودراسته في النجف كان انصياعًا لرغبة والده، ثم مات هذا الوالد وأصيب الابن بالسرطان، فقرر أن يعيش ما تبقى من حياته خارجَ الثوب الذي أُلبسه دون رغبة. وذلك بدافع شعور بأنه يلعب دورًا غير دوره الذي كان يريده لنفسه. كما أن حبه لزوجة أخيه المتوفى كان من ضمن الدوافع التي أدت به إلى هذا الخيار.

بيد أن القارئ لا يخلص من قراءة الرواية إلى أي مواجهة مع السؤال الديني، كما أنّ الرواية طوال صفحاتها لا تحاول أن تطرق هذا السؤال، ولا يبدو البطل مشغولاً به. ما يجعل العنوان "لا طريق إلى الجنّة" غيرَ منسجم مع محتوى الرواية؛ ويبدو أن اختيار العنوان عائد إلى أسباب تسويقية لا أكثر، لما لهذه العناوين من رواج في هذه الأيام.

والكاتب إذ يمسك جيدًا بالخيوط النفسية لبطله، وذلك في تصوير علاقاته الهشة مع عالمه الخاص، فإنه يفشل في التعبير عن التجربة التي يطرقها في هذه الرواية. إذ يظهر واضحًا عدم تمكنه من تصوير عالم التدين الشيعي الذي يحيط بالبطل –الذي ظهر باسم السيّد أو الشيخ- إذ إنّ ما يظهره الكاتب من معرفة في رجال الدين الشيعة يكاد يعرفه كل شخص فينا. كما تحتوي الرواية على فائض صفحات يتجاوز المئة صفحة كان يمكن للاستغناء عنها أن يجعل العمل أكثر حيوية.

"لا طريق إلى الجنّة" رواية عادية لا ينقصها الملل والرتابة، وكان من الممكن أن ننساها لولا أن عادت جائزة نجيب محفوظ فذكرتنا بها.

اقرأ/ي أيضًا:

خالد خليفة.. بلاد في جنازة

حسن بلاسم.. معاينة الإنسان القابع في دواخلنا