29-أبريل-2018

صحفيون مصريون يتظاهرون مطالبين بحرية الصحافة (EPA)

"تزايد العداء تجاه الصحفيين"، هذا ما رصدته منظمة "مراسلون بلا حدود" بشأن وضعية الصحافة العالمية، من خلال تقريرها الحديث عن حرية الصحافة لعام 2018، الذي يغطي 180 دولة حول العالم.

أصدرت مراسلون بلا حدود تقريرها السنوي عن حرية الصحافة لعام 2018، محذرة فيه من "إطلاق العنان لوحش الكراهية تجاه الصحفيين"

وقد احتلت كوريا الشمالية المرتبة الأخيرة كالعادة في مؤشر حرية الصحافة، وبجانبها كل من إريتيريا وتركمنستان، فيما حظيت النرويج بالمركز الأول في مؤشر حرية الصحافة للمرة الثانية على التوالي، تليها السويد وهولندا، بينما احتلت موريتانيا وتونس المرتبة الأولى عربيًا.

اقرأ/ي أيضًا: في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. ما واقع حرية الصحافة بالمغرب؟

"إن إطلاق العنان لوحش الكراهية تجاه الصحفيين هو أحد أسوأ التهديدات التي نواجهها في عالمنا اليوم، إن الاعتراض على شرعية الصحافة اليوم هو لعب بنيران وسياسة بالغة الخطورة"، يقول كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود، وهو يحذر من مناخ الكراهية ضد الإعلام وحرية الصحافة الذي بدأ يعم بلدان العالم، ليس فقط في الدول الاستبدادية الاعتيادية، مثل روسيا والصين وكثير من البلدان العربية، بل وصلت نيران الكراهية ضد الصحفيين إلى القادة السياسيين في البلدان الديموقراطية، مع دونالد ترامب في أمريكا، و نارندرا مودى في الهند، وروبرت فيكو في التشيك.

صراعات الشرق الأوسط تهدد حياة الصحفيين

مرة أخرى تجيء بلدان الشرق الأوسط  في مؤخرة مؤشر منظمة مراسلين بلا حدود لحرية الصحافة العالمية، فالنزاعات المسلحة واتهامات الإرهاب ضد الصحفيين المستقلين ووسائل الإعلام، بالإضافة إلى تزايد الرقابة السياسية والرقابة على الإنترنت تجعل الإبلاغ خطيرًا للغاية بالنسبة للصحفيين في المنطقة.

في مصر، استخدمت السلطات بشكل أساسي حجة "الحرب على الإرهاب" لفرض مزيد من القيود والتضييقات على الصحافة والصحفيين

وبحسب المنظمة المعنية بحرية الصحافة، فلا تزال الصراعات المسلحة والسياسية على حد سواء، تمثل التهديد الرئيسي للصحفيين في منطقة الشرق الأوسط، وحتى عندما لا يكون الإعلاميون ضحايا لقصف مدفعي أو غارات جوية أو نيران القناصة أو تفجيرات ألغام منسية أو الاختطاف؛ فإن الصحفيين يُتهمون بالمشاركة النشطة في الأزمات الدبلوماسية بالمنطقة من قبل أطراف النزاع، ويعاقبون على ذلك.

اقرأ/ي أيضًا: الصحافة في مصر.. تهمة كافية

في العام الماضي، قتل 13 صحفيًا في سوريا، واختطف أكثر من 40 صحفيًا مهنيًا وصحفيًا مواطنًا، لا يزال معظمهم محتجزًا إلى الآن، بينما بعضهم لا يُعرف مصيرهم، ما جعل سوريا، التي احتلت المركز 177 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة، واحدة من أخطر الدول في العالم لوسائل الإعلام والصحافيين، وأصبح العاملون في الصحافة يفرون منها نحو الخارج، الشيء الذي حوّل البلد إلى منطقة مظلمة معلوماتيا.

اليمن، الذي يحتل المركز 167، هو الآخر غارق في حرب أهلية ودولية بالوكالة، وبات الوضع الأمني للصحفيين هناك شديد الخطورة، ويُنظر إليه على نطاق واسع بالريبة، فبجانب احتمال التعرض للقصف أو إطلاق النار العرضي أو المتعمد، يجد الصحفيون صعوبة في ممارسة عملهم دون أن يتهموا إما كدعاة للمتمردين الحوثيين أو كخادمين للتحالف السعودي. ونتيجة لذلك، فإنهم يتعرضون لاحتمال التعرض للهجوم أو الاعتقال أو السجن أو القتل على أيدي أي من الأطراف المختلفة في الحرب.

ونفس المصير يتعرض له الصحفيون في العراق، الذي تراجع في مؤشر الصحافة لهذا العام بمرتبتين وصار في المركز 160، حيث يقعون ضحية النزاعات الشديدة بين الأطراف السياسية والمسلحة، فيواجهون بسبب عملهم عمليات انتقامية.

وكان دول السعودية والإمارات والبحرين، ومعهم مصر، قد فرضت حصارًا على قطر، منذ منتصف 2017، مطالبين، من بين ما طالبوا، بإغلاق قناة الجزيرة. وعلى إثر ذلك، تعرض العديد من الصحافيين القطريين للمضايقات.

أما في مصر التي تأتي في المركز 161 من بين 180 دولة، تقول مراسلون بلا حدود، إن الحرب ضد الإرهاب، بات السلاح الأساسي للنظام لقمع الصحفيين، وبمقتضاه تواجه جميع وسائل الإعلام المستقلة والصحفيين لاحتمالية تهم الإرهاب، إذا ما أقدمت على تغطيات تغضب الحكومة.

وبحسب المنظمة هناك حاليا ما لا يقل عن 30 صحفيًا معتقلًا في مصر بسبب تقاريرهم الصحفية، بتهم غامضة من قبيل الانتماء إلى جماعة إرهابية أو نشر أخبار كاذبة. المصور الصحفي المعروف، باسم شوكان، واحد منهم وهو مسجون منذ عام 2013. بالإضافة لذلك، حجبت مصر نحو 500 موقع إلكتروني، أغلبيتهم مواقع صحفية وإعلامية.

الرقابة الشديدة تقيد الصحفيين المغاربة

يعكس أداء شمال أفريقيا في المؤشر العالمي لحرية الصحافة لمرسلون بلا حدود لعام 2018، اتجاه عامًا في بلدان المنطقة خلال السنوات الأخيرة، يظهر في الرغبة الواضحة من جانب قادتها في السيطرة على وسائل الإعلام واستهداف الصحفيين الذين يجرؤون على تغطية الموضوعات المحظورة مثل الفساد، والتزوير الضريبي، و جماعات الضغط المؤثرة، وفي بعض الأحيان المظاهرات، حيث يواجه الصحافيون المغاربيون القوانين المقيدة، ومشكلات الإبلاغ (خاصة في الاحتجاجات)، والخوف من التعبير عن الآراء المختلفة أو المستقلة.

وضع موريتانيا ثم تونس، هو أفضل من غيرهما، فموريتانيا الأولى عربيًا باحتلالها المركز 72، تليها تونس في المركز 97. ومع ذلك تعرض الصحفيون لمضايقات أيضًا، ففي موريتانيا لم تتوقف الاستدعاءات الأمنية للصحفيين. وفي تونس تعرض مراسل الإذاعة حمدي السويسي قد تعرض لاعتداء من قبل رجال الشرطة، الذين تسببوا في إصابات على وجهه وكتفه، وقاموا باستجوابه لمدة ساعتين، أثناء تغطيته احتجاجات في صفاقس في سبتمبر / أيلول من العام الماضي.

وفي المغرب الذي يأتي في المركز 135، تقول مراسلون بلا حدود، إنه تم اعتقال 14 صحفيًا ومواطنًا صحفيًا، في حملة تضييق على التغطية الإعلامية للاحتجاجات، وذلك خلال الفترة ما بين أيار/مايو إلى تموز/يوليو 2017. وتم ترحيل العديد من الصحفيين الأجانب كذلك.

وكان حميد المهداوي، محرر الموقع الإخباري المغربي "Badil.info"، واحدًا من الصحفيين المعتقلين، فقد اعتقل أثناء تغطيته للاحتجاجات في الحسيمة في منطقة الريف، وحُكم عليه بالحبس ثلاثة أشهر وغرامة قدرها 20 ألف درهم. لكن محكمة استئناف في الحسيمة رفعت عقوبته في أيلول/سبتمبر إلى السجن لمدة عام، بحسب المنظمة المعنية بحرية الصحافة.

تأخرت الجزائر عن المغرب بمرتبة واحدة (136)، إذ تضع العديد من الخطوط الحمراء أمام الصحفيين، ومجرد ذكر مواضيع مثل الفساد أو صحة الرئيس، يمكن أن تؤدي إلى تهديدات أو مضايقات عبر الإنترنت أو حتى الاعتقال، بالإضافة إلى المقاضاة.

وتستخدم السلطات الجزائرية أيضًا ضغوطًا سياسية ومالية بل وقضائية ضد وسائل الإعلام الجريئة. هدى حازم، رئيسة تحرير صحيفة الفجر الصادرة باللغة العربية، مثال على ذلك، وقد بدأت إضرابًا عن الطعام في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، واتهمت الحكومة بالتسبب في "موت ممنهج" لجريدتها التي حرمت من جميع إعلانات الدولة. ولا يزال أيضًا في الجزائر يحاكم الصحفيون بالقانون الجنائي ويعاقبون بالسجن.

تعكس مراتب المغرب العربي في مؤشر حرية الصحافة لـ2018، تزايد التضييق على الصحافة والعداة اتجاه الصحفيين

أما في ليبيا (162)، التي احتلت المرتبة الأخيرة مغاربيًا في مؤشر الصحافة، فقد باتت هي الأخرى بجانب سوريا واليمن، واحدة من أخطر الدول في العالم بالنسبة للعاملين في مجال الإعلام، إذ يواجه الصحافيون مخاطر شديدة وسط الحرب الدائرة هناك، كما يتعرضون إلى عمليات انتقامية من قبل الأطراف المسلحة المتصارعة في البلد. وسجلت مراسلون بلا حدود، منذ بدء الانتفاضة ضد نظام معمر القذافي في عام 2011، ما مجموعه 332 حالة من أعمال العنف والإساءات ضد الصحفيين والمواطنين والصحفيين في ليبيا، معظمها مرت بدون عقاب أو محاسبة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"كوابيس السلطة الرابعة".. كيف تغيرت الصحافة العربية في 2017؟

أبوظبي على لسان سفيرها في موسكو: حرية الصحافة والتعبير ليست لنا