30-نوفمبر-2019

تتفاقم أزمة حوادث الطرق في اليمن (صلاح جندي)

بعد رحلة علاجية طالت أشهرًا في الأردن، عاد الشيخ الستيني، حسين الغراسي، رفقة زوجته وحفيده، ليفارق الحياة في اليمن، فور عودته، بحادث سير مروع على الطريق الواصلة بين مدينة سيئون والعاصمة صنعاء.

تضاف حوادث الطرق إلى مجموع الحروب التي يشهدها اليمن: حرب الرصاص والفقر والمجاعة والصحة، وغيرها

موقفٌ صادم لأسرة الغراسي التي كانت تنتظره للتهنئة على العلاج، قبل أن يلقى حفته هو وزوجته وحفيده وكذا سائق السيارة. لكنه ليس صادمًا تمامًا بالنسبة لعموم اليمنيين الذين اعتادوا سماع أخبار حوادث الطرق، المتزايدة بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

اقرأ/ي أيضًا: طريق "العبر العودة".. خط الموت السريع

وهكذا تضاف حوادث الطرق إلى الحروب التي تشهدها البلاد: حرب الرصاص والفقر والمجاعة والصحة وحوادث الطرق، وغيرها.

الطرق فيها موت

العبر وسمارة وهيجة العبد والستين، طرق سير سريعة تقع في مختلف المناطق اليمنية؛ باتت اليوم تُعرف بالطرق القاتلة، أو طرق الموت، لكثرة الحوادث التي تقع بها.

أيوب السامعي (42 عامًا)، وقعت له حادثة سير نجا من الموت فيها. يروي السامعي تجربته الأليمة لـ"الترا صوت": "منتصف شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وأثناء عودتي من السعودية على طريق العبر، رأيت حادث تصام سيارتين حين كان سائقيها يحاولات تجنب الحفر المنتشرة على طول الطريق".

حوادث الطرق في اليمن

لم يكن السامعي يتوقع، وهو يرى الحادث بعينيه، أن يقع له بعد قليل حادث مشابه، لسبب هو نفسه حُفر الطريق: "انقلبت الحافلة التي كانت تقلني أنا و10 آخرين". نجا السامعي من الموت، لكن بعد أن ظل في الغيبوبة أسبوعًا كاملًا.

يُعد طريق العبر البري، الوحيد الواصل بين اليمن والسعودية. ومع ذلك، ورغم أنه طريق سفر طويل وسريع، لكن الحفر عليه بحجم الموت. يقول السامعي: "بت أخشى العودة للسعودية لاستئناف العمل. بات طريق العبر كابوسًا لكل اليمنيين".

محمد الضبيبي (25 عامًا) تعرض لإعاقة جزئية بسبب حادث سير في طريق آخر، هو طريق الستين، غرب العاصمة صنعاء: "تعرضت لنزيف في الدماغ، نجوت منه، لكني لم أنجو من الإصابة بإعاقة حركية بعد بقائي في المستشفى شهرين".

المشكلة بالنسبة لمحمد، أن إعاقته تمنعه من استئناف عمله في توصيل الوجبات السريعة عبر دراجته النارية. يُذكر أن الضبيبي تعرض للحادث أثناء أداء عمله.

حرب أخرى

تتعدد أسباب الموت في اليمن، والطرقات واحدة مضافة إليها، يزداد أعداد ضحاياها باطراد، مع تردي الطرقات وعدم توفير الصيانة اللازمة لها، فضلًا عن أنها غير مزودة بالإرشادات اللازمة.

وبالإضافة لخطورتها الطبيعية، كون أغلبها تقع على مرتفعات شاهقة، زادت الحرب التي تعرفها البلاد منذ نحو خمس سنوات، من سوء الأمور، بتعرض معظم الطرقات للقصف والتدمير.

وبحسب أماني محمد، المهندسة في مؤسسة الطرق الحكومية بصنعاء، فإن مقاتلات التحالف السعودي وحدها دمرت حوالي 17 ألف كيلومتر طولي من شبكة الطرق في اليمن.

حوادث الطرق في اليمن

وقال أماني لـ"الترا صوت"، إن قوات التحالف السعودي تسببت في تدمير 91 جسرًا، فضلًا عن العديد من الشوارع الداخلية في صنعاء وغيرها من المحافظات.

لا حلول في الأفق

ورغم تزايد حالات الوفيات والإصابات الناتجة عن حوادث الطرقات في اليمن، إلا أنه لم تُتخذ أي خطوات جادة من قبل المسؤولين المعنيين. وإذا كانت الحرب قد دمرت الطرقات، فإن الرهان بالنسبة للبعض الآن في توعية السائقين والمشاة للالتزام بضوابط القيادة والمرور.

دمرت طائرات التحالف السعودي 17 ألف كيلومتر طولي من شبكة الطرق في اليمن، و91 جسرًا، فضلًا عن عديد الطرق الداخلية

وفي حين يؤكد العقيد أحمد الزرافة، مدير التوجيه والعلاقات في الإدارة العامة للمرور باليمن، أن إدارته نفذت العديد من الحملات التوعوية خلال الأعوام الماضية، يرى الناشط الحقوقي محمد الفاروق أن "الجهود المبذولة في التوعية المرورية لا تكفي ما لم تكن هناك إستراتيجية وطنية تتولى الاهتمام بالسلامة المرورية"، مشددًا على ضرورة أن تنفذ بنود هذه الإستراتيجية "بشكل عاجل، حتى يتم إيقاف هذه الحرب التي تقتل اليمنيين كل يوم"، على حد تعبيره.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الطريق إلى جنوب اليمن.. مزرعة المليشيات!

النزوح اليمني.. من حرب إلى حرب