حركة "جيل زد 212" تعود للاحتجاج في المغرب.. وترقّب واسع لخطاب الملك
9 أكتوبر 2025
بعد تعليقهم الاحتجاجات ليومين متتاليين، يعود شباب "جيل زد" اليوم الخميس، إلى وقفاتهم في مواقع متعددة بعدد من مدن المغرب، على رأسها الرباط والدار البيضاء، عشية الخطاب الذي سيلقيه الملك محمد السادس غدًا الجمعة بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان.
ويسود ترقّب شعبي واسع للخطاب الملكي، في ظل ظرفية وطنية دقيقة تتسم بارتفاع منسوب التوتر الاجتماعي، واتساع رقعة النقاش العمومي حول قضايا الشباب والعدالة الاجتماعية والإصلاح السياسي.
وأعلنت حركة "جيل زد 212"، في بيان نشرته على حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي، تعليق جميع الأشكال الاحتجاجية المقررة يوم الجمعة، الذي يوافق إلقاء الملك لخطابه أمام البرلمان، وذلك "احترامًا لمقام الملك محمد السادس، وتقديرًا لرمزية خطابه بمناسبة افتتاح البرلمان".
يسود ترقّب شعبي واسع للخطاب الملكي، في ظل ظرفية وطنية دقيقة تتسم بارتفاع منسوب التوتر الاجتماعي، واتساع رقعة النقاش العمومي حول قضايا الشباب والعدالة الاجتماعية والإصلاح السياسي
وثيقة مطالب للملك
لم تتغير مطالب الشباب المغربي خلال 10 أيام من الاحتجاجات، إذ تركزت بشكل أساسي حول إصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد وتوفير فرص الشغل، ورفعت سقفها إلى "رحيل الحكومة" برئاسة رجل الأعمال عزيز أخنوش، معتبرين أنها "فشلت في الوفاء بوعودها الانتخابية وفي الاستجابة للمطالب الاجتماعية العادلة للمواطنين".
واختار شباب "جيل زد" مخاطبة الملك بشكل مباشر بعد "فقدان الثقة في الحكومة، والبرلمان، والأحزاب"، معتبرين في وثيقة لهم، أن "هذه المؤسسات تحوّلت من أدوات للتنمية والديمقراطية إلى عوائق حقيقية أمام التقدم".
وتضمّنت الوثيقة مطالب الشباب، أبرزها إقالة الحكومة الحالية، استنادًا إلى الفصل 47 من الدستور، الذي يتيح للملك صلاحية تعيين أو إعفاء رئيس وأعضاء الحكومة، معتبرين أن حكومة عزيز أخنوش "فشلت في حماية القدرة الشرائية وضمان العدالة الاجتماعية".
احترام الإرادة الناخبة
يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، محمد شقير، أن "تحقيق مطالب شباب جيل زد بإقالة الحكومة يبدو صعبًا في السياق الحالي، بالنظر إلى احترام الملك للإرادة الناخبة التي أوصلت الحكومة الحالية إلى السلطة، واقتراب موعد الانتخابات المقبلة في 2026".
وأضاف شقير في حديثه لـ"الترا صوت"، أن "الحراك وإن كان تعبيرًا مشروعًا عن الغضب، فإنه لا يمثل بالضرورة كل فئات الناخبين أو المجتمع المغربي بأسره".
ولفت المحلل السياسي إلى أن قرار شباب "جيل زد" باستئناف الاحتجاجات عشية انعقاد البرلمان "يُظهر نوعًا من الضغط على صانع القرار، لكنه ضغط محسوب لا يتجاوز الخط الأحمر، أي المؤسسة الملكية".
فعاليات تدعم الشباب
انضم إلى مطالب شباب "جيل زد"، ما لا يقل عن 60 شخصية مغربية، بينها سياسيون ونشطاء ومثقفون، عندما طالبوا الملك محمد السادس بإطلاق "إصلاحات عميقة" تلبية للمطالب الاجتماعية التي عبرت عنها الحراك الشبابي.
واعتبرت هؤلاء، في رسالتهم المفتوحة إلى الملك، أن مطالب الشباب "مشروعة"، مؤكدين على تركيز أولويات الدولة على "التعليم والصحة وخلف فرص عمل بدل الإصرار على نفقات باذخة".
كما طالبت الفعاليات المغربية، بـ"إصلاح دستوري"، مؤيدين مطالبة حركة "جيل زد 212" برحيل حكومة عزيز أخنوش الذي "ينبغي تنفيذه عبر الوسائل الدستورية الملائمة".
الإعفاء ممكن دستوريًا
في هذا السياق، يرى أستاذ القانون الدستوري بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، عبد الحق بلفقيه، أن "الإعفاء الملكي للحكومة يصبح دستوريًا ممكنًا عندما يثبت الفشل في تدبير الشأن العام"، موضحًا أن "الملك، بموجب الفصل 42 من الدستور، يملك صلاحية التدخل لضمان السير السليم للمؤسسات الدستورية، بل وحتى إعفاء الحكومة عند الاقتضاء".
وشدد بلفقيه في تصريحه لـ"الترا صوت"، على أن تمسك الحكومة، كما عبر عنه أحد وزرائها، بحجة أنها لا يمكن أن تستقيل لأن "جزءًا من الشعب صوّت لها"، هو "تأويل واهٍ، لأن التصويت لا يمنح شيكًا على بياض، بل هو تفويض مشروط بالنجاعة في التدبير".
وأشار أستاذ القانون الدستوري، أن "النقاش لا يُختزل في الفصل 47 المتعلق بتعيين الحكومة، بل يتجاوز إلى الفصل 42 الذي يمنح الملك سلطة تقديرية للتدخل الاستباقي عندما يتهدّد حسن سير المؤسسات أو تتعثر مسؤوليتها السياسية أمام الملك وأمام الرأي العام".
انضم إلى مطالب شباب "جيل زد"، ما لا يقل عن 60 شخصية مغربية، بينها سياسيون ونشطاء ومثقفون، عندما طالبوا الملك محمد السادس بإطلاق "إصلاحات عميقة" تلبية للمطالب الاجتماعية التي عبرت عنها الحراك الشبابي
تغيّر في الخطاب الحكومي
في تحوّل ملحوظ في خطابهم، كثف الحكومة حضورها بالقنوات الرسمية في محاولات لاستيعاب الشارع وتقديم إجابات عن القضايا المطروحة، كما عبرت الحكومة أكثر من مرة، عن استعدادها للحوار مع هؤلاء الشباب.
غير أن ردّ حركة "جيل زد 212" على منصات التواصل الاجتماعي، كان واضحًا: "الحوار مع الحكومة الحالية لا معنى له"، معتبرين أنها "بنت برامجها الانتخابية أصلًا على نفس المطالب، لكنها أخلفت الوعود ولم تلتزم بتعهداتها".
من جهته، أكد وزير التشغيل يونس السكوري، أن "الصرخة الشبابية والاحتجاجات الأخيرة التي قادها جيل زد هي لحظة حقيقة ولحظة صدق تستدعي من المسؤولين، بما فيهم الحكومة، تفاعلًا مباشرًا وجديًا مع المطالب المطروحة".
واعتبر المسؤول الحكومي، خلال استضافته مساء (الثلاثاء 07 تشرين الأول/أكتوبر الجاري) على القناة الثانية الرسمية، أن هذه اللحظة تعد "لحظة مسؤولية، إذ تتزامن مع مطالب بالاستقالة والمحاسبة"، مضيفًا أن "العمل يجب أن يركز على معالجة الاختلالات في قطاعات الصحة والتعليم وتوفير العيش الكريم ومحاربة الفساد".