12-ديسمبر-2022
gettyimages

جنود الناتو يتفقدون الطرق التي أغلقها الصرب في شمال كوسوفو (Getty)

تعيش كوسوفو توترًا كبيرًا، عقب عمليات تبادل لإطلاق النار بين الشرطة الكوسوفية ومجهولين في شمال البلاد، سبقتها هجمات على دوريات لشرطة كوسوفو، وعلى بعثة الاتحاد الأوروبي للتحقق من سيادة القانون (يوليكس كوسوفو)، ترافقت مع انفجارات واطلاق صفارات للإنذار، مما أدى إلى اعتقال شرطي صربي سابق باشتباه ضلوعه في الهجمات. ويستمر محتجون صرب في إغلاق طرقات رئيسية في شمال كوسوفو، لليوم الثاني على التوالي.

تعيش كوسوفو توترًا كبيرًا، عقب عمليات تبادل لإطلاق النار بين الشرطة الكوسوفية ومجهولين في شمال البلاد

وأعلنت الشرطة الكوسوفية في بيان، أن "جماعات إجرامية قطعت عدة طرق شمالي البلاد، وأطلقت أعيرة نارية من مواقع مختلفة على وحدات للشرطة، كانت في مهمة رسمية بالقرب من سد بحيرة غازيفود، في طريقها إلى معبر برنياك مع صربيا"، وأضافت أن "وحدات الشرطة اضطرت دفاعًا عن نفسها، للرد بالأسلحة النارية على الجماعات الإجرامية التي ابتعدت وتراجعت إلى وجهة غير معروفة".  فيما دفعت الهجمات الحكومة الكوسوفية إلى نشر المزيد من وحدات الشرطة في شمال البلاد.

من جهة أخرى، نصب المئات من الصرب عددًا من حواجز الطرق قرب معبرين حدوديين باتجاه صربيا رفضًا للانتخابات المحلية التي تنظمها حكومة بريشتينا في البلدات ذات الأغلبية الصربية شمالي البلاد. ودفع التوتر الأمني في شمال البلاد رئيسة كوسوفو فيوزا عثماني، إلى الإعلان عن تأجيل الانتخابات في 4 بلديات، بعد أن كانت مقررةً في 18 و25 كانون الأول/ ديسمبر الحالي.

هذا واعتبر بيان صادر عن سفارتي الولايات المتحدة في كوسوفو وصربيا، بأن نصب الحواجز على الطرق تصرفات غير قانونية، مطالبةً بإزالتها على الفور، كما طالب البيان بـ "إنهاء جميع التهديدات بالعنف والترهيب".

getty

من جهته، حذر مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، من "هجمات محتملة على البعثة الأوروبية"، وقال إن "الاتحاد لن يتسامح مع العنف ضد أفراد بعثته"، وكتب بوريل على حسابه في تويتر "الاتحاد الأوروبي لن يتسامح مع الهجمات على بعثة يوليكس كوسوفو أو استخدام العنف أو الأعمال الإجرامية في الشمال، ويجب أن تزيل جماعات صرب كوسوفو الحواجز على الفور وإعادة الهدوء". بدوره، طالب حلف شمال الأطلسي "الناتو" بمحاسبة الضالعين في الهجوم على الدورية الأوروبية.

وفي تطور سيزيد من تعقيد الأزمة، أعلن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، خلال اجتماع  لمجلس الأمن القومي لمناقشة التطورات شمال كوسوفو، بأن بلاده ستطلب من بعثة الناتو لحفظ السلام في كوسوفو المعروفة باسم "KFOR" نشر الشرطة والجيش الصربيين في الإقليم، وأضاف أنه "متأكد من رفض البعثة للطلب"، مضيفًا أن "الحكومة عازمة على نشر عناصر من الجيش والشرطة في أراضي كوسوفو وميتوهيا، تماشيًا مع  القرار 1244"، وكشف فوتشيتش أنه "سيتم اتخاذ القرار الاثنين أو الثلاثاء"، موضحًا أن قرار الأمم المتحدة "ينص بشكلٍ لا لبس فيه على وجوب قبول هذا الطلب"، مؤكدًا أن الجيش والشرطة الصربيين "سيعودان إلى الأراضي الكوسوفية من أجل أداء مهام معينة".

وجاء في البند الرابع من القرار الأممي 1244، الصادر عن مجلس الأمن في تسعينيات القرن الماضي، أنه "سيُسمح، بعد الانسحاب (أي انسحاب القوات اليوغوسلافية بموجب البند الثالث من كوسوفو)، لعدد من الأفراد العسكريين وأفراد الشرطة اليوغسلافيين والصرب بالعودة إلى كوسوفو لأداء المهام المتماشية مع الملحق 2". وحتى تتمكن القوات الصربية من دخول شمال كوسوفو يتعين على بعثة الناتو "KFOR" أن تسمح لها بذلك، وهو أمر مستبعد لأن ذلك سيعني تسليم الأمن في المناطق الشمالية التي يقطنها صرب كوسوفو إلى القوات الصربية، وهي خطوة يتوقع أن تفاقم التوترات في المنطقة. وتسعى صربيا حاليًا إلى إبطاء عملية انضمام كوسوفو للاتحاد الأوروبي، من خلال جولة رسمية تجريها في عدة بلدان أوروبية.

وردًا على قرار الرئيس الصربي، قال رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي إن بلاده "سترد على أيّ عدوان عليها"، داعيًا بعثة "KFOR" إلى إزالة الحواجز التي نصبها الصرب شمال البلاد.

من جانبها، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، مساء الاثنين، عن دعم روسيا لصربيا في الدفاع عن مصالحها، بناءً على قرارات مجلس الأمن الدولي. محملةً كوسوفو مسؤولية التوتر مع الأقلية الصربية، معتبرةً أن تصرفات كوسوفو تحصل بالتواطؤ مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.

وسبق أن حشدت صربيا قواتها على الحدود مع كوسوفو عدة مرات في العامين السابقين، مهددةً بالتدخل في كوسوفو، الذي تعتبره "إقليمًا تابعًا لسلطتها"، لكنّ توسط أطراف دولية وأوروبية نجح مرارًا في خفض التوتر في المنطقة، وكان آخرها اتفاق وقع في شهرين تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

ويبلغ عدد سكان كوسوفو 1.8 مليون نسمة غالبيتهم العظمى من أصول ألبانية، لكن السلطات في بلغراد لا تعترف باستقلال كوسوفو، وتدعم أقليةً صربيةً يقدر عددها بحوالي 120 ألف نسمة.

تعيش كوسوفو في حالة من التوتر الأمني بشكلٍ متكرر، على الرغم من إعلان استقلالها عن صربيا قبل 14 عامًا

وتعيش كوسوفو في حالة من التوتر الأمني بشكلٍ متكرر، على الرغم من إعلان استقلالها عن صربيا قبل 14 عامًا، بسبب رفض الأقلية الصربية الموجودة شمال البلاد الاعتراف بالمؤسسات الحكومية، حيث لا يزال الصرب هناك يستعملون الوثائق واللوحات المعدنية للسيارات الصربية، وترفض صربيا الاعتراف باستقلال كوسوفو، وتشجع الأقلية الصربية في شمال كوسوفو على تحدي السلطات في بريشتينا. وتساهم بذلك من خلال الاستمرار بإرسال لوحات السيارات الصربية إلى شمال كوسوفو، رغم رفض السلطات الكوسوفية التي كانت تنوي إطلاق حملة لإيقاف هذه الظاهرة وفرض سيادتها الكاملة.