31-يناير-2017

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (أليكس وونح/Getty)

والداي مسلمان، لكنهما منفتحين دينيًا بما يكفي للترحيب بفكرة أنني قد أعمد حفيدهما البالغ من العمر ثمانية أشهر ليصبح مسيحيًا. لم نتخذ أنا وزوجتي قرارًا نهائيًا، لكن حتى نهاية هذا الأسبوع -عندما دخل حظر الرئيس دونالد ترامب للمهاجرين من سبع دول ذات أغلبيةٍ مسلمة حيز التنفيذ- اعتقدنا أن دوافعنا باتت واضحة بما يكفي. هكذا بدأ كاميرون عبادي، نائب رئيس تحرير مجلة فورين بوليسي، مقاله بالمجلة الأمريكية الشهيرة.

تبنى الولايات المتحدة الآن التقليد الأوروبي الذي يقسم الأمة رسميًا على خطوط الدين. خلق ترامب أقلية أمريكية مسلمة لم توجد من قبل

نشأت زوجتي بريتا في مدينةٍ ألمانيةٍ كاثوليكيةٍ صغيرة وسط حياةٍ دينية لم تكن أبدًا متاحة لي عندما نشأت على جزيرة لونج آيلاند بولاية نيويورك، محاطًا بأعمدةٍ للثقافة الإيرانية مثل اللغة الفارسية والاحتفالات ببداية السنة الفارسية الجديدة، لكن دون الكثير من التعرض لأي مجتمع إسلامي، يروي عبادي، ويردف أنه تصور أن ابنه، مثل زوجته خلال طفولتها، قد يحصل على شعورٍ بالتاريخ والسلوان وربما بعض الحكمة عبر الانضمام إلى كنيسة. بدا لي دائمًا اللاهوت المسيحي غير بديهي مقارنةً بالبدائل الروحية الأخرى، لكنني لا أستطيع قول إنه يبدو أقل احتمالية لأن يكون صحيحًا بأي شكل.

اقرأ/ي أيضًا: كيف رد العراق على منع مواطنيه من دخول أمريكا؟

ويشير عبادي إلى أنه وزوجته كانا متحفظين، ليس فقط مع بعضهما البعض، ولكن فيما يتعلق بدافعٍ إضافي. لقد عشنا في ألمانيا معًا من قبل، وقد تصورنا أنه قد تكون هناك فرصة لأن تعيش عائلتنا هناك مجددًا. كنا مدركين أيضًا، يقول عبادي، أن ألمانيا هي أمة مسيحية على نحوٍ معلن: رغم أن الأيام المقدسة المسيحية التي تعتبر عطلات وطنية أقل، إلا أن المدارس العامة تدرس الإنجيل، وتجمع الحكومة الوطنية الضرائب لصالح كنيستين معترفٌ بهما رسميًا، ويصف ويحمي السياسيون المسيحية بصفتها الثقافة الرائدة لبلادهم.

سواء كان المرء يعترض أم لا على تلك الجوانب من الحياة الألمانية كان دائمًا أمرًا خارج الموضوع على نحوٍ ما. هناك أسبابٌ تاريخية لوجودها، وبينما هي ليست محصنة ضد التغيير، فهي أيضًا ليست إملاءاتٍ اصطناعية. لذا فلم لا نضع ابننا، يتابع عبادي، في مركزٍ لا يرجح معه أن يقصى من الأغلبية ويحصل على المزايا الثقافية التي يستتبعها؟ بدا أن هناك الكثير ليجنيه فيما يتعلق بهويته المستقبلية وحياته الاجتماعية، مقابل ثمنٍ أخلاقيٍ ضئيلً.

كان هذا، يدرك عبادي الآن، حسابًا جاهلًا. بعيدًا عن الروحانية، هناك مخاطر سياسية اعتبرت وبريتا، لأسبابنا الخاصة، أنه من الصعب تقديرها. هذا هو الجهل الذي كشفه الآن حظر ترامب للمهاجرين، وصححه.

الأخلاق ليست مستثناة من قرارٍ بالانضمام إلى جانبٍ أو آخر من انقسامٍ اجتماعي عندما تعني ترك الجانب الآخر. ما فعله ترامب هو خلق انقسامٍ جديد ليتأمله ويفكر به الأمريكيون. ورث الأمريكيون دائمًا، وكافحوا ضد، العرق بصفته الصدع الوطني الكبير. بوجود نظام هجرة يميز الآن ضد المهاجرين المسلمين، تتبنى الولايات المتحدة الآن التقليد الأوروبي الذي يقسم الأمة رسميًا على خطوط الدين. خلق ترامب أقلية أمريكية مسلمة لم توجد من قبل.

بالطبع، كان المسيحيون دائمًا الأغلبية السكانية في الولايات المتحدة. ربما من المحتم أن يأتي رئيسٌ يشجعهم على التصرف كأغلبيةٍ سياسيةٍ أيضًا، لكننا ما زال باستطاعتنا اعتبار ذلك التحول جديدًا.

اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف: أين سيتجه ترامب بالقضية الفلسطينية؟

كأمريكي إيراني، يقول عبادي، لم أمر أبدًا بشعور أن هناك أغلبية مسيحية سعيدة بقوتها وتنوي استخدامها لفرض هيمنتهما، وهي طريقة أخرى لقول إنني كأمريكي إيراني علماني لم أشعر عادةً بأنني مسلم. بدت هويتي الدينية مساهمةً في التنوع، وليست دعوة مفتوحة للمنافسة أو الانقسام. لم أشعر بالانتقاص من قِبل الممثلين الرسميين لبلادي، ناهيك عن أن أكون هدفًا محتملًا للقمع من أجل الثقة المسيحية بالذات.

في أي انقسام مجتمعي، هناك كثيرون ليس لديهم خيار: ليس هناك خيار فيما إذا كانوا سيختبرون القسوة، أم سيجنون ثمارها

لكنني أشعر بذلك الآن، يتابع عبادي. وكيف أستطيع ألا أفعل؟ لدي عددٌ لا يحصى من الأقارب في إيران الذين لست على ثقة من أنني سوف أراهم مجددًا بعد الآن. لدي أيضًا عمتان -كلتاهما في الثمانينات من العمر، وكلتاهما تحمل بطاقة خضراء- كانتا محظوظتين بالوصول إلى مطار دالاس الأسبوع الماضي، لكن قد يكون عليهما القيام باختيارٍ لمدى الحياة بين رؤية عائلتهما في إيران أو أطفالهما وأحفادهما في الولايات المتحدة.

سؤال ما إذا كانت الولايات المتحدة تحتاج إلى الدفاع عنها ضد القيم الإسلامية المزعومة لعماتي، يشير عبادي، ليس له معنى. ما هي القيم التي تسبب مشكلة تحديدًا؟ الرغبة في العيش مع عائلتك؟ الأمل في الشيخوخة دون خوف من أن تقلب الأهواء البيروقراطية كل شيء؟ حرمان ما لا يعد من المسلمين من حلمهم، أو واقعهم المعاش، بحياةٍ في الولايات المتحدة لا يخدم أي هدف سوى كبلسمٍ مؤقت لناخبي ترامب الذين منحهم مرشحهم ورقة دفع يتطلب صرفها ثورة.

أعلم أن المسيحيين مضطهدين في أماكن عدة حول العالم، يتابع عبادي، حيث لا يتمتعون بالحرية في ممارسة دينهم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، على سبيل المثال، أو أيًا كان ما وصل إليه تخريب تنظيم الدولة الإسلامية. تستحق المظالم في كل مكان الإدانة، لكن الولايات المتحدة هي المجتمع السياسي الذي أنتمي إليه -والذي ينتمي إليه والداي الأمريكيان الإيرانيان وابني الألماني الأمريكي الإيراني- وهذا المجتمع يطلب الآن أن يعلن أعضاؤه الذين لديهم معتقدات شخصية ترقى إلى حياةٍ دينية أين يقفون.

هناك عبء في أن تكون أقلية، لكن الأغلبيات تعاني من أكلافها الأخلاقية الخاصة، تمامًا كما لدى الأقليات امتيازها الأخلاقي. إنه امتياز الكفاح. هنالك كرامة في التخلي عن المميزات السياسية التي لم يكتسبها المرء، وفي النظر من زاوية رؤية يستطيع المرء من خلالها ملاحظة المظالم التي ترتكب في حق أقراننا.

بالطبع، في أي انقسامٍ مجتمعي، هناك كثيرون ليس لديهم خيار بشأن الجانب الذي وجدوا أنفسهم فيه: ليس هناك خيار فيما إذا كانوا سيختبرون القسوة والإقصاء، أو إذا ما كانوا سيُلزمون بجني ثمار القسوة المفروضة على الآخرين. إنها مأساة، لم ينج منها الأمريكيون في أي وقت، مهما كنت أعتقد دومًا أن بلادنا تحاول مقاومتها.

لكن زوجتي وأنا، يردف عبادي، لدينا خيار لابننا، وسوف نقرره واضعين في الاعتبار المخاطر الأخلاقية للأحكام المسبقة والشوفينية الصاعدتين في بلدينا. أرى ذلك كنعمة، وآمل أن يراه هو كذلك في النهاية أيضًا.

كان من المفترض أن يكون التعميد هذا الصيف في ألمانيا، لكنه سوف يتم تأجيله في الوقت الحالي. لن يواجه والداي، يختتم عبادي، عناء الاضطرار إلى سؤال محامي هجرة ما إذا كانوا سيستطيعون الحضور أم لا.

اقرأ/ي أيضًا:

 مشاهد لم تكن في حفل تنصيب ترامب