19-مارس-2025
عائلات بأكملها

أدت الغارات المفاجئة إلى إحراق خيام النازحين في مواصي خانيونس (رويترز)

تسببت الغارات الإسرائيلية المكثفة، فجر الثلاثاء، في إبادة عائلات بأكملها خلال استعداد سكان غزة لتناول وجبة السحور. وارتفع عدد الشهداء من الأطفال إلى أكثر من 150، في حصيلة أولية، وسط انهيار تام للنظام الصحي وتفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع، وذلك عقب إعلان حكومة الاحتلال استئناف العدوان على غزة، بعد أقل من شهرين من التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس لوقف إطلاق النار.

نعى مؤسس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، عبر منصة "إكس"، شقيقته التي استشهدت مع عائلتها بالكامل جراء سلسلة من الغارات الجوية التي شنها جيش الاحتلال على مختلف أنحاء قطاع غزة.

وكتب عبده في منشور على المنصة أن شقيقته نسرين، وزوجها محمد داوود الجماصي، وأطفالهما الثلاثة عبيدة، وعمر، وليان، قُتلوا في القصف، إلى جانب زوجة عبيدة، ملاك، وطفليهما سوار ومحمد.

أدت الغارات المكثفة التي شنها جيش الاحتلال، فجر أمس الثلاثاء، بالتزامن مع إعداد سكان غزة وجبة السحور، إلى استشهاد عائلات بأكلمها، فيما ارتفع عدد الأطفال الذي استشهدوا جراء تجدد العدوان إلى 150 طفلًا

وأضاف عبده في منشوره: "قد تقتلنا إسرائيل كما تشاء، تحرقنا أحياء، وتمزقنا إربًا، لكنها لن تنجح أبدًا في اقتلاعنا من أرضنا"، وتابع مؤكدًا أن "العدالة والمحاسبة قادمتان، مهما طال الزمن".

وفي منشور آخر، شارك عبده مقطع فيديو لابنة شقيقته ليان قبل دقائق من الغارات الجوية التي استهدفت مدينة غزة عام 2021.

وقال موقع "الترا فلسطين" إن جيش الاحتلال ركّز في غاراته فجر الثلاثاء، على قيادات حكوميّة وأمنيّة وفصائليّة في قطاع غزة، معلنًا بذلك استئناف الحرب بعد نحو شهرين من الهدنة المؤقتة، وتعثّر المفاوضات في التوصّل لاتّفاق بشأن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار الذي تملّص منه الاحتلال.

وقد أدت سلسلة الغارات التي استهدفت مختلف أنحاء القطاع، بالتزامن مع استعداد آلاف العائلات لإعداد وجبة السحور، وهي من الوجبات الرئيسية للصائمين في شهر رمضان، إلى استشهاد أكثر من 400 شخص، فضلًا عن إصابة أكثر من 560 آخرين، بينهم حالات خطرة. ونقل "الترا فلسطين" عن مصادر محلية قولها إن نحو 150 طفلًا استشهدوا في الهجمات التي شنها جيش الاحتلال.

وقالت جيهان النحال، وهي من سكان حي النصر شمال غرب مدينة غزة: "لا يوجد دفاع مدني والقصف مستمر"، وتابعت "لدينا شهداء وجرحى من أقاربي". وأضافت النحال "كنت أجهّز السحور للأولاد، وكنت أسمع طائرات إسرائيلية فوق غزة".

وأوضحت النحال في حديثها أنه "فجأة وقعت انفجارات ضخمة، وكأنها أول يوم في الحرب، وفي كل مكان صراخ ونيران تشتعل والغالبية (الضحايا) أطفال"، مشددة على أن ما يحصل في غزة "حرب إبادة حقيقية"، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية.

وأظهرت مقاطع مصوّرة في غزة جثامين عائلة كاملة استشهدت في الغارات الإسرائيلية، حيث أكد الدفاع المدني في غزة أن عدة عائلات مسحت بالكامل من السجل المدني إثر هذه الغارات.

الهجمات تحمل نية واضحة لارتكاب عمليات قتل جماعي مقصودة

من جانبه، قال المرصد الأورومتوسطي إن "الهجمات الإسرائيلية حملت نيّة واضحة لارتكاب عمليات قتل جماعي مقصودة"، لافتًا إلى أنه وثق مقتل نحو 30 شخصًا في استهداف منزل لعائلة "قريقع" بحي الشجاعية شرقي مدينة غزة.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنه وثق "سبع عمليات قتل جماعي أخرى في محافظتي رفح وخانيونس جنوبي القطاع، راح ضحيتها نحو 60 شخصًا من عائلات أبو طير والحمايدة وأصليح وأبو سلطان وجرغون وغبون"، مؤكدًا أنه "في أكثر من حالة، قضت الغارات الإسرائيلية على عائلات بأكملها مكونة من الأب والأم والأبناء، أو حتى عائلات ممتدة، بما يشمل الأجداد والأبناء والأحفاد".

ويأتي إعلان جيش الاحتلال استئناف عدوانه على القطاع بعد أكثر من أسبوعين على إغلاق المعابر التي تربط القطاع المُحاصر مع الحدود المصرية، كما عمد إلى منع "دخول جميع أشكال السلع الأساسية والمساعدات الغذائية، بما فيها تلك المنقذة للحياة، إلى جانب الوقود والمستلزمات الطبية الأساسية، ما ترك جميع القطاعات الخدمية والحيوية في حالة من الانهيار"، بحسب ما جاء في بيان المرصد الأورومتوسطي.

وأكد البيان أن النظام الصحي في غزة انهار بالكامل، حيث يعمل الآن بقدرة شبه معدومة نتيجة الاستهداف الإسرائيلي المنهجي للمستشفيات والمرافق الصحية، والقصف المباشر لسيارات الإسعاف والفرق الطبية، فضلًا عن منع إدخال الإمدادات الطبية والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات.

وقال مدير مستشفى الشفاء الدكتور، محمد أبو سلمية، إن المنظومة الصحية في غزة، منهكة وتعاني من نفاد الأدوية ونقص حاد في المعدات الطبية، مضيفًا أن المستشفيات تعجز عن استيعاب الأعداد المتزايدة من المصابين، حيث تمتلئ غرف العمليات بالكامل، فيما يفارق الجرحى الحياة دون أن نجد لهم سريرًا للعلاج، بحسب "الترا فلسطين".