1. سياسة
  2. سياق متصل

حراك قابس الاحتجاجي.. العدالة البيئية والاجتماعية قضية وطنية

18 أكتوبر 2025
تفكيك الوحدات
تفكيك وحدات التلوث مطلب رئيسي للحراك الاحتجاجي في قابس (Getty)
الترا صوت الترا صوت

يحظى الحراك الاحتجاجي في مدينة قابس، جنوب تونس، بدعم متزايد من القوى المدنية والسياسية التونسية. فبعد المواقف الحزبية (جبهة الخلاص وحزب العمّال) المساندة لمطالب المحتجين بتفكيك المجمّع الكيميائي، الذي يحمّله السكان مسؤولية التلوث وانتشار الأمراض التنفسية والسرطانية، تشكّلت موجة جديدة من المواقف الداعمة للتحركات الاحتجاجية.
وجاءت هذه المواقف من الاتحاد التونسي للشغل، ونقابة الصحفيين، والهيئة الوطنية للمحامين، ومجلس عمادة الأطبّاء. ويُضيف هذا الدعم المتنوّع إلى الحراك الاحتجاجي زخمًا نقلَه من شأنٍ محليٍّ في مدينةٍ بأقصى الجنوب التونسي، إلى قضية وطنية. كما يُعدّ هذا الحشد للدعم دليلًا على قوة الحراك واتساع رقعة تأثيره.

وتفاعلًا مع هذه المواقف المساندة، عبّر حراك "أوقفوا التلوث" عن ترحيبه الكامل بكل "التحركات والمبادرات الشعبية السلمية دفاعًا عن الحق في العيش الكريم والعدالة البيئية والاجتماعية"، مشددًا على مطلبه الرئيسي وهو "تفكيك الوحدات الصناعية".

وشهد عام 2025 تنظيم عدة مظاهرات في قابس للمطالبة بتفعيل قرار صدر سنة 2017 يقضي بتفكيك بعض الوحدات الصناعية في المجمّع الكيميائي التونسي، والتعبير عن رفض القرارات الحكومية التي رفعت حجم الإنتاج المرتبط بالفوسفات داخل المنطقة الصناعية، وأخرجت مادة "الفوسفوجيبس" من قائمة المواد الخطرة.

بدأ الحراك نشاطه في أيار/مايو الماضي، لكن الزخم الذي بلغه هذا الشهر يُعدّ غير مسبوق، إذ شارك في المسيرة التي نُظّمت الأربعاء الماضي أكثر من 40 ألف شخص. وبعد ذلك، دعت منظمات مهنية (الاتحاد الجهوي للشغل وفرع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان) إلى يوم غضب جهويالخميس الماضي، انطلقت فعالياته بتجمهر المحتجين أمام الباب الرئيسي للمجمّع الكيميائي، تلتها مسيرة نحو وسط مدينة قابس.

وكان المحتجون قد تعرّضوا في مظاهرات سابقة لعنف الشرطة، التي أطلقت مسيلات الدموع لتفريقهم واعتقلت عشرات منهم. وفي هذا السياق، قال رئيس مكتب الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في قابس، أحمد شلبي، إنّ "عدد الموقوفين على خلفية الاحتجاجات الأخيرة بلغ 25 موقوفًا، صدرت في حق 18 منهم بطاقات إيداع"، مشيرًا إلى أن التهمة الموجّهة إليهم هي "اقتحام منطقة عسكرية".

وفي يوم الغضب الجهوي، قامت القوات الأمنية بقطع الطرقات لمنع الناس من الوصول إلى المسيرة ومقرّ المجمّع الكيميائي.

يشدد نشطاء حراك أوقفوا التلوث على رفض التفاوض أو أنصاف الحلول ويصرون على مطلبهم المتمثل في تفكيك الوحدات في المجمع الكيميائي بمدينة قابس جنوب تونس

دعم الهياكل المهنية والمنظمات الوطنية التونسية لمطالب حراك قابس

اعتبرت الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين أنّ "الدفاع عن الحق في بيئة نظيفة يمثل جزءًا من النضال الوطني من أجل العدالة الاجتماعية والكرامة الوطنية، وهو حقّ دستوري وحقّ من حقوق الإنسان الأساسية المضمّنة في المواثيق الدولية".

ومن هذا المنطلق، أكدت الهيئة دعمها لمطالب المحتجين في قابس من أجل بيئة نظيفة وصحية وعدالة بيئية ناجزة. كما حمّلت الحكومة التونسية مسؤولية "حماية الحق في الصحة وفي بيئة سليمة"، مطالبة بـ"الوقف الفوري لكل الأنشطة الصناعية الملوّثة وإيجاد حلول جذرية تضع صحة المواطن فوق كل اعتبار".

وأعلنت الهيئة "استعدادها للوقوف إلى جانب الأهالي ومتابعة الأوضاع عبر فرعها الجهوي في قابس، ودعم جهود المجتمع المدني في الدفاع عن الحقوق الأساسية".

من جانبه، انحاز المجلس الجهوي لعمادة الأطباء في قابس إلى مطالب الحراك الاحتجاجي المناهض للتلوث البيئي ولـ"إهدار الصحة على مقصلة الصناعات الكيميائية".

وزكّى المجلس، الذي يُعدّ مرجعًا في الصحة العامة، الربط المباشر بين "التعكرات الصحية الحادة التي تجاوزت إمكانيات أكبر المؤسسات الصحية بالجهة، والتلوث الصناعي المتواصل".

أما نقابة الصحفيين التونسيين، التي دعمت الفعل الاحتجاجي في قابس واعتبرت مطالبه مشروعة والأزمة الحالية نتيجة "سياسات الإهمال المتراكمة"، فقد ركّزت على انتقاد أداء الإعلام الحكومي في تغطية الأحداث.

وحذّرت النقابة من سياسة "التعتيم الإعلامي والانتقائية في التغطية"، مؤكدة أن وسائل الإعلام العمومية "ملك لجميع المواطنين وليست ناطقًا باسم السلطة أو الإدارة". كما نبّهت إلى خطورة المقاربة الأمنية في معالجة القضايا العادلة، ومن بينها حراك "أوقفوا التلوث" في قابس.

بدوره، ركّز الاتحاد التونسي للشغل على أن أزمة قابس هي حصيلة تاريخية لسياسات "الإهمال والتهميش والإنكار"، واصفًا ما يجري جرّاء أنشطة المجمّع الكيميائي بأنه "تدمير للبيئة برًّا وبحرًا وجوًّا، وتضحية بصحة الناس".

وطالب الاتحاد الحكومة بعدم تغليب "منطق الربح على حساب الإنسان والطبيعة"، منتقدًا "صمت الحكومات المتعاقبة وتغاضيها عمّا يلحق بجهة قابس من أضرار جسيمة يصعب معالجتها".

حالات اختناق جديدة

تحدّث الناشط في حراك "أوقفوا التلوث"، فرانس ناصفي، عن تعرّض العشرات لـ"حالات اختناق في قابس بسبب الانبعاثات الغازية".
وأوضح ناصفي، في حديثه مع "الترا تونس"، أنّ "الانبعاثات الغازية التي اجتاحت المدينة كانت محمولة بواسطة الرياح، ما نقل الغازات إلى قابس المدينة ومدينة غنوش".

ولفت الناشط البيئي إلى أنّ "العائلات في مدينة غنوش تضرّرت من حالات اختناق نتيجة هذه الغازات، بينما كان أغلب المتضرّرين في قابس المدينة من تلاميذ المعهد الثانوي فرحات حشاد".

ويرى ناصفي أن "الطلاب هم الأكثر تضرّرًا لأن تسرب الغازات يحدث على مستوى الأرض، فتتجمّع في الأماكن ذات الكثافة العالية مثل المدارس والمعاهد".

وأوضح ناصفي أن "جمع الأرقام أصبح أمرًا شبه مستحيل"، مؤكدًا أن "الوضع يشبه الحرب، إذ يزداد عدد الضحايا بشكل يفوق القدرة على حصرهم".
وأشار إلى أن "طاقة الاستيعاب في مستشفى قابس ممتلئة، وأن الحالات الجديدة التي تصل لتلقي العلاج من الاختناق تُضطر إلى المعالجة خارج المستشفى".

وردًا على سؤال حول الاستجابة الحكومية لمشاكل التلوث والاختناقات، قال ناصفي إنّ "الردّ الوحيد الذي تلقّيناه من السلطات هو إرسال الشرطة، التي أطلقت الغاز المسيل للدموع على المحتجين السلميين"، مضيفًا أن "والي قابس يعيش في عالم موازٍ، إذ يتحدث عن افتتاح بئر جديد ومواضيع أخرى، بينما السكان يغرقون في التلوث".

وأكّد الناشط في حراك "أوقفوا التلوث" مواصلة أنشطتهم الاحتجاجية إلى حين الاستجابة لمطالبهم، مشددًا على رفض الحراك التفاوض مع البعثة الحكومية أو القبول بأنصاف الحلول التي لا تعالج الأزمة من جذورها. وأضاف أن المحتجين يطالبون بـ"تفكيك وحدات المجمع الكيميائي لضمان حماية حياتنا وحياة الأجيال القادمة".

وفي السياق ذاته، ترى وكالة "رويترز" أن الاحتجاج في مدينة قابس يسلّط الضوء على "الضغوط المتنامية على حكومة الرئيس قيس سعيّد، المثقلة أصلًا بأزمة اقتصادية ومالية خانقة".

كما تعتبر الوكالة أن هذه الاحتجاجات تضع حكومة سعيّد "في موقف صعب بين تلبية مطالب الصحة العامة والحفاظ على قطاع الفوسفات، أحد أهم صادرات تونس ومصدرها الحيوي للعملة الأجنبية".

كلمات مفتاحية
مظاهرة في لندن

محكمة الاستئناف البريطانية ترفض طعن مؤسسة "الحق" على حكم تصدير قطع غيار "إف-35" لإسرائيل

سعت مؤسسة "الحق" الفلسطينية إلى الطعن في حكم قضائي بريطاني يسمح للمملكة المتحدة بتصدير قطع غيار طائرات إف-35 الأميركية إلى إسرائيل

إيران

تصاعد التوتر حول ملف إيران النووي: تحذيرات دولية وعقوبات أميركية جديدة

جاء العدوان الإسرائيلي على إيران، والقصف الأميركي للمنشآت النووية عقب إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرًا خلص إلى أن طهران لم تلتزم بتعهداتها النووية

جون هيرلي

نبرة أميركية حازمة في بيروت.. واشنطن "تحاصر" حزب الله ماليًا

تغيّرت نبرة واشنطن في بيروت، وباتت أكثر حدّة من ذي قبل

مظاهرة في لندن
سياق متصل

محكمة الاستئناف البريطانية ترفض طعن مؤسسة "الحق" على حكم تصدير قطع غيار "إف-35" لإسرائيل

سعت مؤسسة "الحق" الفلسطينية إلى الطعن في حكم قضائي بريطاني يسمح للمملكة المتحدة بتصدير قطع غيار طائرات إف-35 الأميركية إلى إسرائيل

غلاف الكتاب (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات)
نشرة ثقافية

"النصّ التأريخي وترجمته" لسفيان عبد اللطيف: مقاربات في الفلسفة واللغة

صدور كتاب " "النصّ التأريخي وترجمته: مقاربات فلسفية ولغوية"

البرهان والسيسي
قول

سقوط الفاشر وتبدّل الحسابات المصرية: من الحياد المضبوط إلى الانخراط الإجباري

باتت رؤية مصر تجاه السودان محكومة بمعادلات أمنية حساسة (منصة إكس)

إيران
سياق متصل

تصاعد التوتر حول ملف إيران النووي: تحذيرات دولية وعقوبات أميركية جديدة

جاء العدوان الإسرائيلي على إيران، والقصف الأميركي للمنشآت النووية عقب إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرًا خلص إلى أن طهران لم تلتزم بتعهداتها النووية