02-أغسطس-2021

مشهد من سيدني (Getty)

لم يمر النصف الأول من عام 2021 بدون أن يحصد معه آلاف الأميال من المساحات الخضراء، ودون اشتعال مئات آلاف الأشجار حول العالم لتتقلص بذلك المساحات الخضراء تاركة وراءها تأثيرات على مختلف الأصعدة الحياتية للسكان سواء في المدن والتجمعات الحضرية أم في الأرياف. وأتت هذه الحرائق نتيجة عدة عوامل منها التغير المناخي وما يصاحبه من ارتفاع لحرارة الأرض، إضافة إلى عوامل أخرى تعد من إفرازات التغير المناخي وتلوث البيئة واستخدامات الوقود الأحفوري، مضاف إلى كل ذلك فشل السياسات العالمية في الحد من الحرائق والحفاظ على البيئة بشكل عام.

انتشرت حرائق الغابات بشكل واسع هذا الموسم في العديد من البلدان حول العالم، لتتسبب بذلك في المزيد من تعطيل السياحة التي تعاني من أثار جائحة كوفيد - 19 أساسًا

على سبيل المثال في تركيا، اضطر السكان للفرار من عدة مناطق مع اقتراب ألسنة اللهب إلى منازلهم. وقد صعد البعض على متن قوارب وغادرت السيارات الأخرى مع استفحال النيران بفعل الرياح العاتية وتزايد معدلات الحرارة، وكانت عربات الإطفاء والسيارات تندفع هربًا من النيران المستعرة من جميع الجهات.فيما طلبت السلطات التركية من السياح والسكان بمتابعة إجلاء العديد من المناطق، في الوقت الذي أظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي السياح يتجولون في الشوارع وهم يلفون أمتعتهم هربًا من النيران القريبة. وقال وزير الغابات والزراعة، باكير باكديميرلي، بأن 117 حريقًا ضربت في جميع أنحاء تركيا وتحديدًا ضمن 32 مقاطعة، وتمت السيطرة على غالبيتها، بحسب ما أفاد تقرير لوكالة الأسوشيتد برس.

اقرأ/ي أيضًا: كيف علّق اللبنانيون على أحداث خلدة؟

أما في لبنان، الذي شهد في الأسبوع الفائت عدة حرائق واسعة لغابات عكار، وأفيد بأنها أكبر حرائق تسجل في لبنان على الإطلاق، وتقدر رقعتها ما بين 20 إلى 30 كيلومتر مربع، وأضرارها تتجاوز المعدل التراكمي لـ10 سنوات متواصلة من الحرائق على مستوى لبنان. وكانت الحرائق خرجت عن السيطرة في منطقة جبل أكروم عند الحدود الشمالية الشرقية مع سوريا، حتى وصلت إلى البقاع شمال شرقي البلاد، ووصلت بعض الحرائق الى المناطق السورية المحاذية للحدود مع لبنان. وتوسعت رقعة النار ليلًا بشكل كبير واقتربت من البساتين والحقول الزراعية وبعض المنازل التي غادرها ساكنوها احتياطًا وتخوفًا من تغيير اتجاه الرياح ليلًا واندفاعها باتجاه ممتلكاتهم. 

كما أدت موجة حر عبر جنوب أوروبا، يغذيها الهواء الساخن من شمال أفريقيا، إلى حدوث حرائق غابات عبر شمال البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك جزيرة صقلية الإيطالية، وكذلك في غرب اليونان، حيث اضطر بعض السكان إلى الإجلاء بالقوارب للهروب من النيران. وأصيب عدة أشخاص عندما حاولوا إطفاء ألسنة اللهب التي ضربتها الرياح والتي وصلت إلى منازلهم. وأجبر 1500 شخص على إخلاء أجزاء من جنوب غرب سردينيا بعد تلك الحرائق المدمرة بتاريخ 24 و25 تموز/يوليو من هذا العام. ووصف الحاكم الإقليمي لسردينيا ما حصل من حرائق بكونها "غير مسبوقة في تاريخنا"، فقد تم التهام حوالي 20 ألف هكتار من الغابات وفناء الآلاف من الحيوانات، بحسب ما نقل موقع واتشرز.

بينما في كندا فتتزايد ضربات البرق بنحو عشرة أضعاف منذرة بالمزيد من الحرائق وكان سببها الرئيسي موجة حر حطمت الرقم القياسي، والتي يمكن أن تزيد من تأجيج حرائق الغابات التي أشعلتها بالفعل. فقد تم تسجيل أكثر من 710 ألف ضربة صاعقة في كندا وقد تسببت موجات الحر في البلاد بوفاة 719 شخصًا هذا العام. وقدرت الخسائر بـ100 ألف هكتار  وتضرر 1300 منزل، بحسب تقرير لوكالة رويترز

وفي الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدًا في ولاية كاليفورنيا، التي شهدت حرائق كبيرة هذا العام، حيث غطى حريق "ديكسي" 376 ميلًا مربعًا في جبال شمال كاليفورنيا ودمر 42 منزلًا وهدد ألف منزل إضافي، وقد عزا مسؤولون سبب الحرائق إلى الطقس والحرارة المرتفعة، بحسب ما نقل موقع شبكة PBS.

وتأتي هذه الحرائق في مختلف الدول لتؤثر سلبًا على النشاط السياحي العالمي، خاصة أنها تأتي في ذروة موسم العطلات الصيفية والرحلات السياحية، وعلى تعديل رغبات السياح في زيارة الوجهات السياحية في العديد من البلدان. فعلى سبيل المثال في ولاية كاليفورنيا الأمريكية هناك  9 حدائق وطنية كبرى  تستقطب العدد الأكبر من الزائرين للولاية، وقد أغلقت العديد من الحدائق نتيجة فيروس كورونا، لكنها أبقت أبوابها مغلقة أيضًا بفعل سوء جودة ونوعية الهواء في الولاية التي خلفتها الحرائق. وفي مقاطعة كانتري في كاليفورنيا أيضًا، تضررت سياحة النبيذ بعد احتراق كروم العنب مما قد يؤثر على محصول العنب وتغيير السائحين لوجهتهم، بحسب تقرير نقله موقع LEISURE المتخصص بالسفر والرحلات. وفي تركيا ستخلق الحرائق أعباء اقتصادية على القطاع السياحي حيث يتوقع أن تستضيف  البلاد 25 مليون سائح هذا العام بعد أن مرت بفترة ركود بسبب كورونا في الفترة الماضية. إلا أن الحرائق قد تمنع من استقطاب العديد من الزوار إلى البلد وهو أمر غير مرغوب للاقتصاد التركي، بحسب ما نقل موقع 24RG. وفي أستراليا، حيث تصنف السياحة رابع أكبر مصادر دخل البلاد،  صرح الرئيس التنفيذي لجمعية الإقامة الأسترالية، دين لونج، بالقول "الحرائق والدخان الناجم عنها كان لهما بالغ الضرر ووصم سمعة سيئة على السياحة في سيدني" مما جعل من الجاذبية السياحية تتراجع.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

انتقادات حادة لعجز الدولة في مواجهة الحرائق عبر وسم "لبنان يحترق"

انتقادات عربية واسعة لتهاني القحطاني والتطبيع الرياضي عبر السوشيال ميديا