22-يوليو-2019

غرافيتي في مخيم عايدة

من خلال "التسريبات" الكثيرة عن صفقة القرن يمكن اكتشاف بعض النقاط التي تبدو أنها من الممكن أن تكون ضمن بنود تلك الصفقة، ومنها: استخدام أراض في سيناء المصرية كأراض زراعية للفلسطينيين، وإنشاء مطار فلسطيني فيها مقابل ثمن مادي تتقاضاه الحكومة المصرية ضمن خطة كوشنير التي أطلقها في البحرين فيما أسماه: تحسين الشروط الاقتصادية للدول المجاورة لفلسطين، الأمر الذي يعني أن يقوم السيسي ببيع سيناء أو أجزاء منها لصالح صفقة القرن. ومن التسريبات أيضًا أن تكون سيناء أرض الهجرة الجديدة للفلسطينيين عوضًا عن حق العودة. وقد أطلق مصريون على وسائل التواصل هاشتاغ يقول إن السيسي يدمّر سيناء كتمهيد لصفقة القرن، في إشارة إلى ما تقوم به السلطات المصرية من تهجير أهل سيناء من بيوتهم وأراضيهم بذريعة الإرهاب ومكافحته، في الوقت الذي تتزايد فيه أخبار غض نظر، أو تواري الأمن المصري عن تحرك جماعات مسلحة في سيناء وقتلها للأهالي وإرغامهم على الهجرة.

ثمة من يربط بين الإجراءات التعسفية والعنصرية للحكومة اللبنانية تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وبين صفقة القرن

ثمة من يربط بين الإجراءات التعسفية والعنصرية للحكومة اللبنانية تجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وبين صفقة القرن، على أن تلك الإجراءات هي نوع من تحضر الفلسطينيين للهجرة إلى سيناء المصرية، أو لتسوية جديدة لوضعهم كنوع من التمهيد لصفقة القرن إياها. وحيث ان الوضع في المنطقة معقد أكثر من بيت العنكبوت، وحيث أنه، لهذا، لايملك أحد صوابية التحليل أو القراءة، فإنه ليس أمامنا سوى إجراء نظرة سريعة على ما يجري في بعض أرجاء العالم والتفكير فيه ضمن ما يشاع، حتى اللحظة، عن صفقة القرن.  

اقرأ/ي أيضًا: عن جوهر الخطاب عن فلسطين بدون الفلسطينيين

صرح الرئيس الفرنسي ماكرون في شباط/فبراير 2019 تصريحًا شديد الخطورة والانحياز حيث قال: "إن معاداة الصهيونية هي أحد الأشكال الحديثة لمعاداة السامية"، وذلك ضمن عشاء مع كبار الأثرياء اليهود في فرنسا، وقد طالب تحويل مبدئه هذا إلى قانون. وبهذا أقام دمجًا بين اليهود بوصفهم جماعة دينية، وبين إسرائل بوصفها "دولة" محتلة، وبين الصهيونية بوصفها إيديولوجية احتلال وتوسع وهيمنة واستيطان... الأمر الذي يؤدي إلى عدم القدرة على التفوه، مجرد التفوه بكلمة ضد اسرائيل والصهيونية، ما يقود إلى شطب فلسطين من كونها أرضًا محتلة، والفلسطينيين من كونهم أصحاب حق في استرجاعها، أو استرجاع قسم منها، أو حق العودة إليها، أو حتى من حق التعبير عن قضيتهم.

في نيسان/إبريل 2018، اعترف البرلمان الألماني بإن إسرائيل دولة يهودية. وبهذا وافق على نشوء دولة دينية في العالم بعد كل الفلسفات والكتابات والآراء والحركات الثقافية والسياسية التي تعترض على إقامة دولة دينية مثل إيران والسعودية... وبهذا يكون البرلمان الألماني جعل من الفلسطينيين مجرد أقلية تعيش في كنف دولة يهودية تمنحهم حقوقًا ما، أو تنزع منهم حقوقًا ما، وفق ما تريد ووفق ما ترتأيه على أنه مصلحة عليا لها. وبهذا أيضًا تكون شطبت فلسطين والفلسطينيين من لائحة الحقوق المعترف بها دوليًا وسياسيًا وإنسانيًا... وتريد تحويلهم من أصحاب حق في أرضهم ودولتهم إلى مجرد أصحاب حقوق في التعبير الثقافي والقومي ضمن الدولة اليهودية كأي أقلية إثنية أو دينية في العالم.

لن يكون من الصعب ربط ما جرى في البرلمان الألماني وبين قيام السلطات في هذا البلد من طرد الكاتب الفلسطيني خالد بركات خارج ألمانيا الشهر الماضي، ومنعه من أية مشاركة سياسية أو ثقافية، أو اجتماعية "موسعة" كما قالت، أي منعه من المشاركة مع أكثر من "عشرة أشخاص" في أي نشاط يتعلق بفلسطين: سياسيًا أو ثقافيًا! بتهمة: معاداة إسرائيل. وبهذا تكون دمجت أيضًا على غرار فرنسا بين إسرائل كـ"دولة" محتلة، وبين اليهود كجماعة دينية. وثمة الكثير مما يجري في العالم ضمن الإطار ذاته، ومما بات معروفًا.

في نيسان/إبريل 2018، اعترف البرلمان الألماني بإن إسرائيل دولة يهودية. وبهذا وافق على نشوء دولة دينية في العالم بعد كل الفلسفات والآراء  التي تعترض على إقامة دولة دينية

ثمة آراء تربط بين ذلك كله وبين صفقة القرن وتعتبره نوعًا من التمهيد لإتمامها، إنما يتم ذلك كله كنوع من تحضير العالم لذلك وليس الفلسطينيين، فالفلسطينيون، كالسوريين، خارج اللعبة التي تخصهم، حتى الآن.

اقرأ/ي أيضًا: عن جوهر الخطاب عن فلسطين بدون الفلسطينيين

وليس نوعًا من الشعارات أن نظن، بل أن نتأكد، أن طمس قضايا كبيرة شغلت العالم لقرن كامل، ولم تزل، كالقضية الفلسطينية  بنوع من ممارسة القوة والتشبيح والإرغام لن يكون قادرًا مهما تغطّى  بالقوة على طمسها في الواقع. إنما هو تعبير عن تغطرس تجاه الضحية، وتكاتف الأقوياء ضد الضحية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تطبيع رعاة الإرهاب.. إسرائيل والسعودية على مائدة استخبارية واحدة

الفلسطينيون يرفضون صفقة القرن.. واللاجئون في المنطقة الأخطر