26-أكتوبر-2022
sars covid 2

أنتج العلماء نسخًا هجينة من الفيروس لأغراض بحثية (Getty)

قام فريقٌ من العلماء بتصنيع متغيّرٍ جديدٍ من فيروس كوفيد-19 حاولوا فيه الجمع بين العدوى العالية التي تمتّع بها متغيّر أوميكرون، مع الضرر العالي الذي تسبّبه المتغيّرات السابقة من الفيروس الذي حصد من الأرواح ما يزيد عن 6.5 مليون إنسان حول العالم.

قامت مجموعة من العلماء بتصنيع نسخة هجينة من عدد من متحولات فيروس كورونا الجديد

افتتاحية هذه الخبر ليست وصفاً للمشهد الأول من فيلم رعب، بل كان هذا بالفعل ما قام به فريقٌ من العلماء في جامعة بوسطن الأمريكية.

يتمتّع متغيّر أوميكرون بقدرةٍ أعلى على الانتشار والتفشّي، لكنه أقل خطراً على جسم الإنسان من المتغيّرات الأخرى من فيروسات كوفيد-19، وكان الهدف من التجربة رؤية التأثير الناجم عن الدمج بين سمات المتغيرين معًا. 

وقد نشر الفريق نتائج تجربتهم على ما أسموه متغيّر (Omicron S-bearing)، الذي ظهرت عليه قدرةٌ عالية على الهروب من المناعة التي تُضيفها اللقاحات، وفي الوقت نفسه كان قادراً على التناسخ والتأثير على خلايا الرئة بكفاءةٍ عالية.

وقال الفريق في الورقة التي نشرها: "في فئران K18-hACE2 [وهو نوعٌ من الفئران تُضاف إليه خواصٌّ معينة تجعله أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا]، كان متغيّر أوميكرون يتسبّب بالتهاباتٍ معتدلة غير مُميتة، ولكن "أوميكرون إس" يتسبّب بأمراضٍ شديدة مع نسبة موتٍ تصل إلى 80%."

المحصّلة من كل ذلك أن هناك فريقاً من العلماء في مختبرٍ من المختبرات استطاع تصنيع متغيّرٍ من كورونا له القدرة على الانتشار توازي قدرة أوميكرون، ولكنه أخطر، ولو أنه لا يصل إلى نسبة الخطر التي كانت تسبّبها المتغيّرات الأولى من الفيروس.

السؤال هو لماذا يقوم العلماء بتجارب خطيرة كهذه أصلاً؟

المخاوف حقيقية لأن الجميع معرّضٌ للخطأ

بدايةً لا بد أن نعرف أن فكرة تسرّب فيروسٍ أو مادةٍ خطيرة هي ليست مجرد نسيجاً من خيال كاتبي الأفلام أو ألعاب الفيديو، فهذه الأخطاء وقعت ولا تزال تقع. ولا نحتاج للرجوع بتاريخ كثيراً، بل إن سبب دخول فيروس كورونا إلى تايوان كان على الأرجح هو تجربةٌ مشابهةٌ لهذه، عندما عضّ أحد فئران التجارب أحد العاملين في المختبر، والذي بدوره نقل العدوى إلى 110 شخصٍ آخر. لا تزال هذه النظرية الأرجح لوصول الفيروس إلى تايوان لأن البلد لم يسجّل أي حالات حتى وقت وقوع هذه الحادثة.

ولكن الحقيقة على الرغم من ذلك أن لدراسة هذه الفيروسات المصنّعة فوائد طبية حقيقية.

فهمٌ أفضل للفيروس

يقوم العلماء عادةً بدراسة الفيروسات الخطيرة، ككوفيد-19 أو إيبولا في المختبرات لعددٍ من الأسباب منها محاول تتبّع أصل العدوى، أو دراسة طريقة انتشارها، أو حتى محاولة تصنيع عقاقير مضادة.

فيروس كورونا الجديد

في سيناريو جامعة بوسطن، لم يكن الهدف الذي يحاول الفريق تحقيقه هو جعل أوميكرون أكثر قدرةً على الانتشار، أو تعزيز مناعة المتغيّر الأصلي من كورونا، بل كان الهدف هو اختبار فيما إذا كان متغيّر أوميكرون بالفعل أقل خطراً من المتغيّر الأصلي، وما هي العوامل التي تحدّد خطورة الأعراض التي يتسبّب بها الفيروس.

بكل الأحوال، هناك نقاشٌ قائمٌ في أوساط البحث العلمي عن مدى جدوى هذا النوع من المسار البحثي، أو بالأحرى إن كان هناك أبحاثٌ بيولوجية أكثر فائدةً وجدوى وتنطوي على أخطارٍ أقل على الجنس البشري.

هناك نقاشٌ قائمٌ في أوساط البحث العلمي عن مدى جدوى هذا النوع من المسار البحثي

ومن المثير للاهتمام في هذه التجربة أيضاً أن الجهة المموّلة للفريق القائم على البحث، وهي المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية (NIAID) لم تكن سعيدةً بما جرى، إذ قالت "إيميلي إيردبيلدينغ"، أحد المسؤولين في المعهد، أن مؤسّستها علمت بقيام الفريق الباحث بتصنيع نسخةٍ هجينةٍ من فيروس كوفيد من الأخبار وليس من الفريق نفسه.