02-فبراير-2017

الشرطة العسكرية أثناء حملة اعتقال في القاهرة (محمود خالد/أ.ف.ب/Getty)

أعدّ مركز القاهرة لحقوق الإنسان دراسة قانونية بعنوان "نحو الإفراج عن مصر" حول العمل حتى الآن بقانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914، الذي تدين على أساسه المحاكم المصرية -حتى الآن- المتهمين في قضايا التظاهر، وتستند إليه النيابة العامة في إعداد قرارات الاتهام حتى الآن مباشرة.

أعدّ مركز القاهرة لحقوق الإنسان دراسة قانونية خلصت إلى أن قانون التجمهر، المحبوس على أساسه آلاف المصريين، ملغي منذ 89 عامًا

وفجّرت الدراسة مفاجأة ربما تنسف العمل بقانون التجمهر، مفادها أنه صدر من رئيس الوزراء الأسبق حسين رشدي عام 1914 تحت ضغط الاحتلال البريطاني بالمخالفة للنظام التشريعي في ذلك الوقت، وقرر مجلس النواب ومجلس الشيوخ إلغاءه عام 1928 لما فيه من "عوار قانوني ودستوري" لكن الملك فؤاد الأول امتنع عن نشر خبر الإلغاء، ونص القانون الخاص به في الجريدة الرسمية، وهو ما سمح له بالاستمرار، فقط، لكن ذلك لا ينفي أن القانون رقم 10 لسنة 1914 "ملغي".

اقرأ/ي أيضًا: السجون المصرية..زيارات العبث بالحقوق

وعرجت الدراسة إلى ظروف إصدار القانون بضغط من الاحتلال، في ظل وضع سياسي غير مستقر مع عدم وضوح الوضع القانوني لمصر في القانون الدولي، حيث كانت مصر تحت سيادة اسميّة للدولة العثمانية ولكنها خاضعة فعليًا لبريطانيا، وكانت السيادة المصرية الداخلية ساحة للنزاع بين المصالح السياسية المتضاربة لأطراف مختلفة خلال الحرب العالمية الأولى.

ووفقًا لدراسة مركز القاهرة لحقوق الإنسان، فإن القانون كان مخالفًا لطرق إصدار القوانين وفقًا لأحكام القانون لسنة 1913، ولكن كيف خرج من أدراج الاحتلال؟

تجيب الدراسة: "استغل حسين باشا رشدي رئيس مجلس النظار غياب الخديو عباس حلمي الثاني خارج البلاد، وأصدر القانون بدعوى امتلاكه تفويضًا بذلك، رغم أن التفويض الصادر من الخديوي كان يقتصر على إصدار الأوامر وليس التشريعات، كما صدر بالمخالفة للقانون النظامي 29 لسنة 2013 الساري آنذاك، الذي نص على وجوب التشاور أولًا مع الجمعية التشريعية قبل سن أية قوانين".

وتفيد وثائق الأرشيف الوطني البريطاني ومكتبة الجامعة الأمريكية بالقاهرة ودار الكتب المصرية، التي خضعت لدراسة المركز، بأن القانون كان جزءًا من سلسلة استراتيجيات كان القصد منها قطع المظاهرات، والسيطرة على حالة الغضب ضد الاحتلال بعد الحرب العالمية الأولى، والخوف من ثورة مقبلة تمّ رصد بوادرها وتناقلها في مراسلات بريطانية وردت صور منها بالدراسة، وهو السبب الرئيسي في استغلال غياب الملك لإصدار القانون "المشبوه".

كما رصدت الوثائق البريطانية اختراقًا مخابراتيًا وأمنيًا تركيًا يجهز لتمرّد عام في مصر، ولذلك رأت أنه لا بد من تفصيل قانون مظاهرات وتجمهر يقضي على أي محاولة للغضب، وأوضحت الدراسة أنّ "وزارة الداخلية أكدت أن بعض الأتراك من الحركات العمالية ممن وفدوا إلى مصر مؤخرًا (مطلع القرن العشرين) يترددون على مقهى بجوار مسرح الشيخ سلامة، وبعضهم هنا في مهمة خاصة، وعلى اتصال برفاقهم في بورسعيد.. وهناك مؤامرة أخرى من دول المحور، التي أرسلت 250 ضابطًا ألمانيًا إلى سوريا للتخطيط لهجوم على مصر عبر العريش بالتعاون مع الأتراك".

اقرأ/ي أيضًا: الإعدام سجنًا في مصر

تصف الدراسة القانون، المؤلف من خمسة بنود، بالملغي دستوريًا والباطل منذ 1928، وقدم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان دعوى قضائية تطالب بنشر إلغاء قانون التجمهر في الجريدة الرسمية، ومحو ما يترتب على ذلك من آثار، من بينها وقف العمل بقانون التجمهر والإفراج عن المحبوسين بتهمة التظاهر.

اتّجه المركز الحقوقي إلى أنه بصرف النظر عن شبهات عدم الدستورية في طريقة إصدار القانون تحت ظروف الاحتلال، وهو ما يجعل أي شيء في تلك الفترة لاغيًا بعدها، ولكن الحقيقة التاريخية أنه ولد باطلًا على أيدي سلطة احتلال، والسلطة المصرية المنتخبة ألغته في القرن الماضي.. وبالتالي، فهو قانون لا يستحق البقاء حتى الآن.

هذه وجهة النظر التي تحملها الدعوى المقدمة إلى محكمة القضاء الإداري بغرض إلغاء القانون، الذي يسري على آلاف المحبوسين في 2017. وفي أول رد فعل على الدعوى، انضمت 21 شخصية عامة ومحامون لها، مطالبين بإسقاط قانون التظاهر، والإفراج عن المحبوسين على ذمته.

اقرأ/ي أيضًا:

هدية للداخلية في عيدها

ماذا قالت هيومان رايتس ووتش عن سجن العقرب

دلالات: