22-مارس-2023
getty

تتجه المعارضة التركية إلى قلب السياسة الخارجية التركية الحالية (Getty)

ظهرت تركيا في الأعوام الأخيرة، كلاعب سياسي إقليمي فاعل، مع محاولات أخرى للظهور على الساحة العالمية، ومنذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، والنجاح بالتوسط في اتفاق نقل الحبوب، بالإضافة إلى قضايا أخرى تدور حول الصراع مع اليونان والتواجد في سوريا والنفوذ في ليبيا، مع علاقات متوترة نسبيًا مع الدول الغربية.

تطلق المعارضة التركية الوعود بنيتها تغيير السياسة الخارجية لتركيا حال وصولها إلى الحكم

ما سبق، يأتي مع تصورات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أساسًا حول دور تركيا السياسي ومدى فاعليتها، فما يتزايد الاهتمام في هذا الجانب، مع اقتراب الانتخابات التركية 2023، والتي تمنح معظم الاستطلاعات تقدمًا لأحزاب المعارضة التركية، أقله داخل البرلمان، فيما تتكشف الأسئلة أكثر فأكثر عن دور تركيا في السياسة الخارجية حال فوز المعارضة التركية.

ركز تحالف المعارضة التركية المعروف إعلاميًا باسم "الطاولة السداسية"، على السياسة الخارجية التركية، وسعيه للتمايز عن مواقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وشملت محاولات التمايز معظم الملفات تقريبًا، مثل العلاقة المتوترة نسبيًا مع الغرب والموقف من النظام السوري -أردوغان نفسه بدأ يتراجع عنه-.

getty

التصورات السابقة، عبر عنها الدبلوماسي التركي السابق أونال تشفيكوز، وكبير مستشاري السياسة الخارجية لمرشح المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو، خلال حديثٍ مع صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية، حيث أشار إلى أن المعارضة في حال فوزها ستسعى لضبط العلاقة المتوترة مع الاتحاد الأوروبي، من خلال رفع التجميد عن مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد، بالإضافة للتخلي عن الموقف السلبي من انضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو، وذلك بالتخلي عن استخدام الفيتو. 

كما تعهد تشفيكوز بأن تنفذ المعارضة قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تطالب بالإفراج عن زعيم حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد وحقوق الإنسان صلاح الدين دميرطاش والناشط الحقوقي عثمان كافالا، وهما من أبرز وجوه المعارضة التركية في السجون. 

وأضاف تشفيكوز أن تركيا في ظل قيادة كليجدار أوغلو، ستواصل العمل كوسيط بين روسيا وأوكرانيا لتمديد صفقة الحبوب في البحر الأسود. أما عن العلاقة مع اليونان، أكد تشفيكوز أن هناك بيئة جديدة ستفتح أفقًا أمام البلدين.

ولم تخرج المواقف التي عبر عنها كبير مستشاري كليجدار أوغلو للسياسة الخارجية، عن  أبرز النقاط التي جاءت في وثيقة السياسات المشتركة لتحالف المعارضة التركية ـ"الطاولة السداسية"، والتي أعلن عنها بداية العام الحالي وفيما يلي عرض أبرز التصورات عن السياسة الخارجية التركية، التي ستتبعها المعارضة التركية حال فوزها بالانتخابات.

التدخل العسكري في شمالي سوريا والعراق

يشكل عامل الأمن أحد أعمدة السياسة الخارجية في عهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فقد كثفت القوات التركية من عملياتها في شمالي العراق لمحاربة حزب العمال الكردستاني، وفي الشمال السوري ضد وحدات حماية الشعب الجناح السوري للحزب الكردي. وإن اشتركت المعارضة التركية في الموقف من محاربة حزب العمال الكردستاني، لكن موقفها من العملية العسكرية في الشمال السوري يبقى غامضًا بالنظر للعلاقة التي تربط بعض أحزاب الطاولة مع النظام السوري، بالإضافة لمحاولة استمالتها للقاعدة الشعبية لحزب الشعوب الديمقراطية الكردي. كما أن المعارضة تنوي انتهاج خطوة نحو بناء علاقة مستقرة مع الولايات المتحدة، لذا فهي لا تقدم موقفًا واضحًا من مسألة الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب الكردية.

getty

الموقف من النظام السوري

عبرت أحزاب المعارضة التركية عن موقف مناهض لسياسة أردوغان فيما يخص سوريا، فقد أعلن أبرز أحزاب المعارضة عن تبني وجهة نظر النظام السوري من الثورة السورية وما تبعها من حرب للنظام على الشعب السوري، كما عارضت العمليات العسكرية التركية في الشمال السوري. 

وفي حين يراهن النظام السوري على فوز المعارضة لإطلاق حوار من أجل سحب القوات التركية من الشمال السوري، فقد أكدت المعارضة أنها "ستحترم استقلالية الدول وسيادتها ووحدة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وعدم الانحياز لأي طرف".

getty

اللاجئون.. البند الأبرز

لم يفوت مرشح المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو، أي فرصة للتحريض على اللاجئين والمهاجرين في تركيا من سوريا أو غيرها، متوعدًا بعودتهم إلى بلادهم في أقرب وقت، ويتجلى ذلك في برنامج المعارضة التركية.

تعهدت وثيقة السياسات المشتركة للمعارضة التركية على إعادة اللاجئين السوريين الذين يحملون "بطاقة الحماية المؤقتة" في أقرب وقت ممكن، كما ستعقد اتفاقيات مع البلدان التي يأتي منها أي مهاجرين. 

كما أكدت المعارضة على إعادة هيكلة المؤسسات المرتبطة باللاجئين، وأهمها مديرية إدارة الهجرة، مع عدم السماح بتشكيل تجمعات "غير منضبطة" للاجئين في الأحياء والمناطق والولايات التركية. وتعهدت المعارضة بإعادة النظر في الاتفاقية التي عقدتها الحكومة التركية مع الاتحاد الأوروبي عام 2016، والمتعلقة بتقاسم المسؤولية المشتركة والعبء بشأن طالبي اللجوء، الذين يدخلون دول الاتحاد الأوروبي عبر تركيا.

من جانب آخر، حملت وثيقة المعارضة، قرارًا  بإيقاف منح الجنسية التركية للأجانب مقابل شراء عقار أو وضع ودائع بالعملات الصعبة في المصارف التركية.

getty

العلاقة مع الغرب

تعهدت  المعارضة التركية بإعادة الحيوية للعلاقة مع الغرب التي شابها التوتر في عهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأشارت المعارضة التركية إلى أنها ستعمل على إكمال عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وتعهدت بالالتزام بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وتنفيذ قراراتها، مع مواصلة إسهامات تركيا داخل حلف الناتو، من خلال اتخاذ بعض المبادرات كإعادة دخول تركيا إلى مشروع تصنيع مقاتلات "F35".

تعهدت وثيقة السياسات المشتركة للمعارضة التركية على إعادة اللاجئين السوريين الذين يحملون "بطاقة الحماية المؤقتة" في أقرب وقت ممكن

ملف اليونان وقبرص

رغم التصريحات الإيجابية التي يطلقها قادة المعارضة تجاه اليونان وقبرص، مع عودة جزئية للحرارة في العلاقة بين تركيا واليونان عقب زلزال جنوب تركيا، لكن من غير الواضح كيف ستتعامل المعارضة التركية مع المسألة القبرصية، خاصة في ظل ربط الولايات المتحدة إعادة مشروع تصنيع مقاتلات "F35" في تركيا بحل المسألة القبرصية، وتخليها عن منظومة "S-400" الصاروخية الروسية.