31-يوليو-2021

حالة من الغموض والتخبط في تونس (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

أعلنت حركة "النهضة " في بيان لها اليوم، السبت، أن "الإجراءات الاستثنائية التي لجأ إليها رئيس الجمهورية هي خرق للدستور والقانون، وتورط لمؤسسات الدولة في صراعات تعطلها عن القيام بواجبها"، وأضاف البيان أن "المخرج الفعال لهذه المشاكل لن يتم عبر الاستفراد بالحكم الذي يزيد في انتشار الفساد والمحسوبية. يجب الكف عن التجاذب السياسي وتغليب مصلحة الوطن والمواطن والدخول في حوار لا يقصي أحدًا". وختم البيان بالقول: "نجدد دعوتنا لرئيس الجمهورية بتغليب المصلحة الوطنية والعودة للشرعية والتزام القانون، وندعو كل القوى الوطنية للتوافق على حد أدنى يضمن العودة للحياة الدستورية ويحمي استقرار البلاد، ونحن ملتزمون بمواصلة الدفاع عن مصالح الشعب والعودة للعمل الطبيعي للمؤسسات وتقديم تنازلات لذلك".

أعلنت حركة "النهضة " في بيان لها اليوم، السبت، أن "الإجراءات الاستثنائية التي لجأ إليها رئيس الجمهورية هي خرق للدستور والقانون، وتورط لمؤسسات الدولة في صراعات تعطلها عن القيام بواجبها"

وفي مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية كتب زعيم حركة النهضة ورئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، أن بلاده  في السابق كانت دكتاتورية ولا يمكن أن تعود إلى ذلك الوضع، وذكر أنه فوجئ وزملاؤه النواب المنتخبون ديمقراطيًا، صباح يوم 26 تموز/ يوليو، بدبابات الجيش تحيط بمبنى البرلمان وأن مدخل النواب كان مغلقًا بأمر من الرئيس قيس سعيد. مضيفًا أنه سبق هذا المنع  خطاب متلفز للرئيس التونسي في الليلة السابقة، أعلن فيه مجموعة من الإجراءات، كان أكثرها إثارة للدهشة تعليق عمل المجلس التشريعي المنتخب وتجريد أعضاء البرلمان من الحصانة البرلمانية وإقالة رئيس الوزراء وتعزيز السلطة القضائية والتنفيذية بيده. وواصل الغنوشي أنه "من خلال القيام بذلك، يسعى سعيد إلى قلب نتائج عقد كامل من العمل الشاق الذي قام به التونسيون الذين ناضلوا من أجل الإصلاحات الديمقراطية، وأعتقد أن أفعاله غير دستورية وتهدد الديمقراطية التونسية".

اقرأ/ي أيضًا: سعيّد يواصل سياسة التعيينات والمجتمع المدني سيقدم خارطة لإنقاذ المسار السياسي

 وأضاف زعيم حركة النهضة أنه اعتصم أمام مبنى البرلمان لكنه قرر في النهاية المغادرة وحثّ أنصاره على ذلك لأنه كان قلقًا من أي مواجهة محتملة قد تؤدي إلى إراقة الدماء، ومع ذلك مرّ ما يقرب من أسبوع وما زالت البلاد في طريق مسدود، واختتم مقاله بالقول "يجب أن نبني على ما حققناه، بدلًا من نبذ الديمقراطية، فقد رأينا في الماضي كيف أن جمع كل السلطات في يد شخص واحد أدّى ببلدنا إلى الانزلاق في الظلام واليأس بسبب الدكتاتورية. لقد تجاوزت تونس مشاكلها بالحوار الوطني في الماضي، ونحن قادرون على فعل ذلك مرة أخرى".

في المقابل قال الرئيس التونسي أثناء استقباله عدد من صحفيي "نيويورك تايمز" الأمريكية، "أردت أن أقابلكم اليوم لدحض وتفنيد الشائعات التي تروج لها بعض وسائل الإعلام، ليس للقيام بحوار صحفي بل هي رسالة لكل التونسيين وللعالم أجمع بأن تونس برغم الأزمة التي تعيشها، تعمل على ضمان الحقوق والحريات". وأكد سعيد على الإجراءات التي اتخذها وقال: "ما تم هو جزء من الدستور وليس خارج الدستور، حرية التعبير مضمونة ولا مساس بالحريات". وواصل بالقول "أعلم النصوص الدستورية جيدًا وأحترمها ودرستها ولن أتحول بعد هذه المدة كلها إلى ديكتاتور".

في نفس الوقت هاجم قيس سعيد أعضاء مجلس النواب التونسي الذي قام بتمجيده، قائلًا: "عبث من كان بالمجلس بمقدرات الدولة التونسية ما حتم علي اتخاذ قرار استثنائي وكل دولة تتخذ قرارات استثنائية، ومن يتحدث عن خرق في الدستور فهو كاذب". وأكد الرئيس التونسي أنه استشار رئيس الحكومة المقال هشام المشيشي ورئيس مجلس النواب المجمد راشد الغنوشي، وختم "لن أبدأ في هذا السن مرحلة جديدة من حياتي تبنى على الديكتاتورية"، قائلًا: "لم يتم اعتقال أحد لكن لن أتركهم ينهبون الشعب التونسي ويضربون الدولة التونسية ويهددون المؤسسات"، مشددًا على أن نزول بعض القادة السياسيين إلى الشارع أو الاحتكام إليه غير دستوري.

وتسود حالة من التخبط  في ظل الغموض الذي يحيط بالبلاد جراء القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس قيس سعيد، فقد أكدت وسائل إعلام تونسية، اليوم السبت، أن "وحدة أمنية تولت ليلة أمس، الجمعة،  تنفيذ قرار صدر عن وزير الداخلية المكلف يقضي بوضع وكيل الجمهورية السابق للمحكمة الابتدائية بتونس البشير العكرمي تحت الإقامة الجبرية"، ونص القرار "على منع العكرمي من مغادرة مقر إقامته لمدة 40 يومًا قابلة للتجديد، ومنع الاتصال به إلا عبر وسيلة اتصال محل ترخيص ممن له النظر في تنفيذ قرارات السلطة العامة"، وكان العكرمي قد تولى التحقيق في قضية اغتيال كل من الزعيمين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.

 وفي وقت لاحق من نهار اليوم، أطلق سراح النائب عن ائتلاف الكرامة ماهر زيد بعد اعتقاله أمس، وذلك استنادًا إلى صدور منشور تفتيش ضده من المحكمة الابتدائية بمنوبة في الحكم الصادر بحقه بتاريخ 22 آذار/مارس 2018.

وفي نفس السياق، أعلنت أسرة النائب التونسي عن "حركة أمل وعمل" ياسين العياري، أمس الجمعة، أن رجال أمن بزي مدني قاموا باعتقاله من منزله، دون توضيح الأسباب، وكتب مطيع العياري شقيق النائب التونسي على  صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن "سيارات كثيرة تختطف أخي النائب ياسين العياري من أمام منزله بالقوة، لا نعرف هويتهم ولا أين أخذوه حاليًا"، فيما أكدت زوجة العياري سيرين فيتوري، أن زوجها تم بالفعل توقيفه.

وفي وقت متاخر من مساء أمس الجمعة، قالت وكالة الدولة العامة للقضاء العسكري التونسي في بيان لها، أن إيداع النائب ياسين العياري السجن جاء تنفيذًا لحكم قضائي صادر ضده بتهمة "إضعاف معنويات الجيش"، وذكرت أن هذا الحكم تم تأييده بقرار من محكمة التعقيب ويقضي بسجن ياسين العياري مدة شهرين اثنين بتهمة "المشاركة في عمل يرمي إلى تحطيم معنويات الجيش بقصد الإضرار بالدفاع والمس من كرامة الجيش الوطني ومعنوياته". في حين قال وليد الحجام، الملحق بالدائرة الدبلوماسية في الرئاسة التونسية، إنه لا دخل لرئاسة الجمهورية بإيقاف النائب ياسين العياري، وفقًا لتصريح له لقناة "التاسعة" التونسية.

لكن محامي النائب المعتقل مختار الجماعي، لم يستبعد أن يكون سبب القبض علي موكله ما كتبه في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قائلًا: إن "إيقاف موكلي كان من أجل تدويناته وما أبداه من رأي في سلسلة مقالاته الأخيرة". وكان العياري قد وجه انتقادات متكررة  للرئيس قيس سعيد واتهمه بتنفيذ انقلاب عسكري بتخطيط وتنسيق أجنبي.

وفي وقت سابق كشف مصدر قضائي تونسي عن إخلاء سبيل 4 أشخاص من أعضاء حركة "النهضة" ،الجمعة، بعد عرضهم على قاضي التحقيق بتهمة "محاولة تنفيذ أعمال عنف أمام البرلمان"، وأوضح المصدر بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة أن "4 أفراد من منتسبي حركة "النهضة" كانوا قد أحيلوا إلى قاضي التحقيق بمحكمة تونس من بينهم عضو بمجلس شورى للحركة وسائق سيارة رئيس الحركة وتم احتجازهم، بعد تلقي الأمن شكوى بمحاولة الأفراد الأربعة تنفيذ أعمال عنف أمام البرلمان"، وأشار المصدر إلى أن قاضي التحقيق أخلى سبيل الأربعة من دون المزيد من التفاصيل.

منذ 25 تموز/يوليو الجاري تتواصل حملة من الاعتقالات والإعفاءات والإقالات التي يقوم بها الرئيس قيس سعيد، فقد أصدر أمس الجمعة أمرًا جديدًا يقضي بإنهاء مهام محمد علي النفطي، كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية 

ومنذ 25 تموز/يوليو الجاري تتواصل حملة من الاعتقالات والإعفاءات والإقالات التي يقوم بها الرئيس قيس سعيد، فقد أصدر أمس الجمعة أمرًا جديدًا يقضي بإنهاء مهام محمد علي النفطي، كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج.