07-أغسطس-2017

تخوف من إفلات الأستاذ المتحرش من العقاب كحالات عديدة سابقة (صورة أرشيفية/أحمد إسماعيل/الأناضول)

موجة من الغضب اجتاحت الأوساط الشبابية والطلابية بعد انتشار تسجيلات صوتية لأستاذ جامعي بكلية الإعلام جامعة القاهرة يُدعى ياسين لاشين، وهو يُجبر فتاة جامعية على ممارسة الجنس معه داخل مكتبه تحت تهديد السلاح ويجبرها على تصويرها عارية، هذا ما جاء في التسجيلات الصوتية التي تم تسريبها وانتشرت بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا أحد يدري بالتحديد كيف سُجّلت تلك المقاطع أو من المسؤول عن تسريبها.

موجة من الغضب اجتاحت الأوساط الشبابية والطلابية بعد انتشار تسجيلات صوتية لأستاذ يُجبر طالبة على ممارسة الجنس وتصويرها عارية

انتشر وسم #حاكموا_ياسين_لاشين للمطالبة بمحاكمة الأستاذ الجامعي المسؤول عن الحادثة، وبدأ بعض الطلاب بالتدوين عنه والاعتراف بسمعة ياسين لاشين السيئة في الجامعة وأن تلك الأفعال ليست غريبة عنه ولم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها بالسوء للطالبات، أو التي يطلب فيها رشاوى من الطلاب مقابل النجاح.

اقرأ/ي أيضًا: #أول_محاولة_تحرش_كان_عمري.. شهادات مرعبة!

ياسين لاشين..سمعة مشينة، والجامعة تتبرأ

دكتور ياسين لاشين، المنسوبة إليه التسجيلات الصوتية، صاحب سمعة سيئة في الأوساط الأكاديمية، وتم اتهامه سابقًا بطلب الرشوة والهدايا من الطلاب مقابل نجاحهم أو إلغاء أجزاء من المنهج المقرر، وقدم طلاب كلية الإعلام مذكرة ضده إلى عميد الكلية من قبل يتهمونه فيها بطلب هدايا معينة من الطلاب مقابل اجتياز الامتحانات، وفي نيسان/ أبريل الماضي، عقد معه الإعلامي وائل الأبراشي حلقة تلفزيونية من أجل مواجهته بتلك الاتهامات، ونفى ياسين لاشين الاتهامات المنسوبة إليه وأرجع ذلك لأنه معارض سياسي وهناك أيادٍ خفية وراء هذه الاتهامات تريد النيل منه، بينما تمت مواجهته بأكثر من مداخلة تليفونية من طلاب بالكلية يؤكدون تلك الاتهامات.

بعد تداول تلك الاتهامات والمقاطع الصوتية بشكل واسع، صرحت الدكتورة جيهان يسري، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة، على الصفحة الرسمية للكلية، أن الدكتور ياسين لاشين موقوف عن العمل منذ نيسان/أبريل الماضي للتحقيق في واقعة سابقة، ومحال إلى مجلس التأديب، وأشارت إلى أن "الواقعة المتداولة جرت خارج أسوار الجامعة، لذا لا دخل للجامعة فيها، ويجب الحذر وتحري الدقة من زج اسم الكلية في تصرفات غير مسؤولة"، حسب تعبيرها.

 

وشكك البعض في أن يلقى ياسين لاشين العقاب المناسب، فهناك حالات عديدة مشابهة في السنوات الماضية ولم يلق المدانون العقاب المناسب، فتم رصد حالات تحرش لأعضاء هيئة التدريس بالطالبات في جامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية وأسيوط وسوهاج وغيرها من الجامعات المصرية، وربما لذلك السبب والتشكيك في سير العدالة، دعا طلاب جامعة القاهرة إلى ما أسموه "ثورة ضد المغتصب ياسين لاشين".

شكك الطلاب في أن ينال الأستاذ المتحرش العقاب المناسب لتكرر حالات تحرش الإطار التعليمي في عديد الجامعات المصرية

اقرأ/ي أيضًا: المعنفات في مصر.. حزينات لا ينقذهن القانون

كيف يحمي الطلاب أنفسهم ؟ وما هو العقاب الإداري لعضو هيئة التدريس؟

تواصلنا مع الباحث محمد مصطفى، المسؤول عن ملف الحقوق والحريات الطلابية بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، الذي صرح لـ"ألترا صوت" أن "الإجراء الإداري في الحالات المشابهة متنوع ومتعدد، وأن مجلس التأديب هو الذي يحدد العقوبات ويقرها إذا ما ثبت تورط الأستاذ الجامعي، في البداية يتقدم الطالب أو الطالبة بشكوى لإدارة الكلية، ثم يتم التحقيق في الشكوى المقدمة، وإذا رأى رئيس الجامعة بعض الملابسات التي تتطلب التحقيق، يقوم بتحويل عضو هيئة التدريس إلى التحقيق، ولا أحد غير رئيس الجامعة له ذلك الحق، فالمادة رقم 26 من قانون تنظيم الجامعات، حددت اختصاصات رئيس الجامعة، والتي من بينها أنه إذا نُسب إلى عضو هيئة التدريس بالجامعة، أنه ارتكب عملاً من قبيل الإخلال بواجباته الوظيفية، فإن الاختصاص بإحالته للتحقيق ينعقد لرئيس الجامعة وحده".

يضيف محمد مصطفى، أن الطالب الذي يتعرض لأي شكل من الاضطهاد أو الابتزاز أو غيره من الأفعال المخلة بوظيفة الأستاذ الجامعي، فعليه أن يتقدم بشكوى رسمية لإدارة الكلية للتحقيق في الأمر ولحماية نفسه، غير أن الأمور لا تسير بشكل صحيح في حالات كثيرة، ويتشكل مجلس التأديب الذي يحاسب أعضاء هيئة التدريس من أحد نواب رئيس الجامعة، وأستاذ من كلية الحقوق، ومستشار من مجلس الدولة، وبناءً على التحقيق تتدرج العقوبات في مراتب خمس، تبدأ بالتنبيه، ثم اللوم، ثم اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة لفترة واحدة أو تأخير التعيين في الوظيفة الأعلى أو ما في حكمها لمدة سنتين على الأكثر، بعد ذلك عقوبة العزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة، وأخيرًا العزل مع الحرمان من المعاش أو المكافأة، وذلك في حدود الربع.

وكانت مؤسسة حرية الفكر والتعبير أصدرت دليلاً قانونيًا في تأديب أعضاء هيئة التدريس العام الماضي، من إعداد المحامي مهاب سعيد، والباحث محمد عبدالسلام، ومراجعة حسن الأزهري مدير الوحدة القانونية بالمركز.

تواصلنا كذلك مع أحد رؤساء اتحاد جامعة الأزهر السابقين، والذي أوضح أن "في الحالات المماثلة للحادثة المذكورة، من الأفضل أن يوكل الطالب أو الطالبة محاميًا ليحرر محضرًا في القضاء المدني باعتبارها خصومة شخصية، أمّا في حالة التعامل مع الأمر بالصفة الاعتبارية للأستاذ الجامعي، فستكون الدعوى ضد الكلية ويحكم فيها القضاء الإداري، وفي كل الحالات من الأفضل أن يكون هناك دليلاً ملموسًا وواضحًا يدين عضو هيئة التدريس".

ما دور وحدة مناهضة التحرش بجامعة القاهرة

كان لجامعة القاهرة السبق في إنشاء وحدات مناهضة التحرش الجنسي بالجامعات المصرية في عام 2014 بإشراف رئيس الجامعة وقتها، الدكتور جابر نصار، وسارت على دربها جامعة بني سويف بعد قرابة العام، وهي عبارة عن مبادرة لإنشاء وحدات بعدد من الجامعات المصرية لمناهضة التحرش الجنسي والعنف ضد المرأة بالتعاون مع مبادرة خريطة التحرش والمجلس القومي للمرأة، وتهتم برصد حالات التحرش الجنسي التي تحدث داخل الحرم الجامعي واتخاذ إجراءات حيالها، وتشجّع الطالبات على البوح بما يتعرّضن له وتقديم بلاغات ضد المتهمين بالتحرش، وكذلك تنظيم معسكرات تدريبية للطلبة والطالبات لإعداد كوادر طلابية لمناهضة العنف والتحرش.

وأعدت مبادرة خريطة التحرش مقترح سياسات لجامعة القاهرة لمناهضة التحرش وجاء فيه تعريف واضح للتحرش، وعرض 7 أشكال وأفعال مختلفة من التصرفات تندرج تحت مفهوم التحرش الجنسي، وكان أبرزها هو توجيه دعوات تحمل طابعًا جنسيًا بشكل ضمني أو علني مقابل فوائد أو خدمات أو استغلالاً للسلطة، وبهذا النص من المفترض أن الأستاذ الجامعي لم يعد معصومًا من العقاب.

ويعلّق الباحث محمد مصطفى على هذه النقطة موضحًا أن وحدات مناهضة التحرش والعنف ضد المرأة بجامعة القاهرة تستهدف التوعية والتعامل مع الشكاوى التي تتلقاها، ولكن هناك سلطة لأعضاء هيئة التدريس داخل المجتمع الأكاديمي تعيق عمل هذه الوحدة أو محاسبة الأساتذة بشكل كامل، وهناك حالات مشابهة في كل الجامعات المصرية تقريبًا، وكل ما يحدث هو حفظ التحقيق مؤقتًا، إما لعدم معرفة الفاعل، أو عدم كفاية الأدلة، وفي حالات أخرى يُحفظ التحقيق قطعيًا إما لعدم الصحة أو لعدم المخالفة أو لعدم الأهمية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

التحرش.. وسواس مدارس مصر

التحرّش الجنسي.. المسكوت عنه في تونس