29-أغسطس-2022
lebanon crisis

أزمة الكهرباء في لبنان تزيد من خطورة الطرقات (Getty)

بعد أيام على انقضائها، لا تزال صور والأخبار المرتبطة بالحادث المروّع الذي تعرّض له الفنان اللبناني جورج الراسي وأودى بحياته هو وصديقته، تقض مضاجع اللبنانيين وتفتح باب النقاش حول السلامة المرورية في لبنان على مصراعيه.

شقيقة الراسي: هل يعقل وجود بلوك باطون في منتصف الاوتوستراد، ولا يوجد أي ضوء أو أي دليل على وجوده؟

فسيارة الراسي اصطدمت بفاصل إسمنتي في منتصف الطريق على الحدود اللبنانية مع سوريا، بعد عودته ليل السبت من حفل فني أحياه هناك، وقد أظهرت الصور المتداولة تضرّر الجانب الأمامي من السيارة بشكل كبير بسبب ارتطامها بالساتر المتواجد في منتصف الطريق المظلم، كما هي حال معظم الطرقات اللبنانية في ظل انقطاع الكهرباء. في المقابل، لم تتوفر أية إشارات تحذيرية قبل الساتر الإسمنتي لتنبيه المواطنين، كالمطبات الفوسفورية والأعمدة المطاطية، لتدفع عائلتا جورج الراسي وصديقته الثمن، وينضمان للائحة طويلة من اللبنانيين الذين قضوا نحبهم على طرقات لبنان غير الصالحة للسير.

دعوى ضد الدولة اللبنانية

فور شيوع االخبر، أعلن وكيل عائلة جورج الراسي المحامي أشرف الموسوي، أن العائلة في صدد التقدّم بشكوى أمام القضائين المدني والجزائي ضد الدولة اللبنانية، وكل من يظهره التحقيق في جرم مخالفة أبسط قواعد السلامة العامة على طريق المصنع ما أدى الى مقتل الراسي بحادث سير نتيجة اصطدام سيارته بالحاجز الوسطي.

تجمّع الشباب للتوعية الاجتماعية " اليازا "، وهي جمعية حاصلة على علم وخبر من وزارة الداخلية اللبنانية، متخصصة بحملات التوعية من حوادث السير، تابعت قضية جورج الراسي، فنشرت عبر صفحتها على تويتر مقطع فيديو يظهر المكان الذي تعرّض فيه الراسي للحادث، وأكّد وجود خلل كبير في غياب الحماية على الفاصل الوسطي، كان له دور في المأساة التي وقعت فجر السيت وأدت إلى وفاة الفنان جورج الراسي والشابة زينة المرعبي.

غرفة الحكم المروري أعلنت الأحد عن حصيلة صادمة للّبنانيين، إذ إشارت إلى وقوع 13 حادثًا خلال 24 ساعة، أسفرت عن سقوط خمسة قتلى من بينهم الراسي والمرعبي، وإصابة 12 آخرين بجروح مختلفة، بينما بلغ عدد ضحايا السير خلال عام 2022 في لبنان 208 ضحية. عدد الأيام التي لم يسقط فيها ضحايا خلال هذا العام هو ثمانية فقط!

تقاذف المسؤولية

وكما هي العادة في الحوادث المماثلة في لبنان، تقاذفت الجهات المعنية المسؤولية حول حوادث السير التي تزداد بشكل كبير مؤخّرًا، فوزارة الأشغال تطالب وزارة الطاقة تأمين الكهرباء لإنارة الطرقات، والبلديات تطالب وزارة الأشغال بتأهيل الطرقات ووضع اللافتات التحذيرية والأعمدة المطاطية وردم الحفر، فيما يرى الأهالي أن للبلديات مسؤولية في تعويض غياب الدولة، من خلال إنارة الأعمدة بواسطة المولدات الكهربائية، والعمل على صيانة الطرقات وإعادة تأهيلها.

ضحايا حوادث السير انطلاقًا من الراسي وصديقته، وقضية السلامة المرورية في لبنان، استحوذت على اهتمام ناشطي وسائل التواصل في لبنان في الأيام الأخيرة،بالتزامن مع تشييع الراسي في منطقة جبيل، حيث انتشر وسم #جورج_الراسي، واستخدمه المغردون للتعبير عن حزنهم لوفاته، وغضبهم من السلطات اللبنانية بسبب إهمالها وتقصيرها ما يعرض حياة المواطنين للخطر بشكل يومي.

في أبرز التغريدات،كتب الإعلامي وسام برديدي، الذي سبق له أن خسر شقيقه الممثل عصام بريدي بحادث سير أيضًا في العام 2015، في رثاء جورج الراسي : " شو بوجع هالنهار يا جورج، قلبي عم يحترق من الوجع، ١٢ نيسان ٢٠١٥ دبحني واليوم كأني بهيديك النهار راسي رافض يصدق انو اليوم هيك صار ، ما قادر فكر باخواتك وأهلك. المسيح قام الله يرحم روحك".

ودعت الفنانة إليسا من خلال صفحتها على تويتر، إلى محاكمة الدولة اللبنانية بتهمة قتل مواطنيها، وقالت : " فوق كل العذابات اللي عم بيعيشوها الناس، طرقاتنا بالعتمة ومش مؤهلة عم تخطف الناس خطف. نحنا أعلى دولة عربية بمعدلات حوادث السير، وبدل ما تتحسن طرقاتنا، عم نفقد شبابنا".

الإعلامية إميلي حصروتي التي سبق لها أيضًا أن فقدت شقيقها في انفجار مرفأ بيروت، كتبت : " أكثر ما يوجع في موت جورج الراسي ومرافقته أنه كان يمكن أن لا يحدث وأن يكون اليوم يوماً عادياً في حياة عائلتيهما وأحبابهما… منظر السيارة المدمّرة فيه بشاعة كل فساد وإهمال الدولة اللبنانية، فيه رائحة ٤ آب وشهقات الأمهات على بوابات المغادرة في مطار بيروت.

وضمن السياق نفسه، تساءلت المغرّدة آمال خليل :" من هو المتعهد الذي نفذ طريق الشام الحدودية ولماذا ترك ورشه مفتوحة ولم يسلمها بالأصول منذ سنوات بحجة أن له في ذمة الدولة مستحقات؟ من هو المتعهد الذي كاد أن يصبح نائباً في ٢٠٢٢،ليتوج مجلس الفاسدين المنافقين؟

من هو جورج الراسي ؟

ولد جورج الراسي في العام 1982 وسط عائلة فنية، وبدأ الغناء في سنّ صغيرة، وأطلق عدة ألبومات وأغانٍ منفردة. واجهت الراسي عدة مشاكل خلال مسيرته، أبرزها كانت محاولة اغتيال على يد إحدى العصابات، بالإضافة إلى السجال الطويل مع طليقته عارضة الأزياء جويل حاتم، الأمر الذي تحوّل لمادة دسمة للصحافة على امتداد سنوات طويلة، وهو أيضًا شقيق الممثلة المعروفة نادين الراسي، التي اتهمت عبر تسجيل صوتي مع إحدى الإعلاميات، الدولة اللبنانية بشكل مباشر بقتل شقيقها، مؤكدة أن دمه لن يذهب هدرًا. كما تلقى الراسي العديد من الانتقادات بسبب إحيائه حفلًا فنيًا في مناطق تابعة للنظام السوري، حيث اتهم بالمساهمة في تبييض الجرائم التي يتهم بها نظام بشار الأسد في حربه المدمّرة على الشعب السوري. 

أما بالنسبة للفتاة التي كانت ترافق جورج الراسي في رحلته إلى سوريا، فهي الشابة زينة المرعبي من مدينة طرابلس، تعمل مديرة أعمال للراسي، كما أنها مسؤولة عن صفحاته عبر وسائل التواصل الاجتماعي.