جيف بيزوس يتنبأ بمستقبل للبشر خارج الأرض.. هل يبدأ عصر "المدن المدارية"؟
5 أكتوبر 2025
ظهر جيف بيزوس، مؤسس أمازون ومالك شركة الفضاء "بلو أوريجن"، في مدينة تورينو الإيطالية خلال أسبوع التكنولوجيا، ليطلق تصريحًا يثير الخيال والجدل معًا: "ملايين البشر سيعيشون في الفضاء خلال العقود القليلة القادمة، ليس لأنهم مضطرون، بل لأنهم يريدون ذلك".
هذا التصريح، الذي جاء في جلسة حوارية مع جون إلكان، وريث عائلة أنييلي الإيطالية، لم يكن مجرد نبوءة فضائية، بل كان جزءًا من رؤية متكاملة لعالم جديد تتغير فيه علاقة الإنسان بالمكان، والتكنولوجيا، وحتى بالعمل نفسه.
خيال أم خطة؟
حسب ما نقلت صحيفة "فاينانشال تايمز"، فإن بيزوس لا يتحدث عن مستعمرات على المريخ كما يفعل منافسه إيلون ماسك، بل عن مدن مدارية تدور حول الأرض، حيث يعيش البشر في بيئات اصطناعية، بينما تتولى الروبوتات المهام الشاقة، وتعمل مراكز بيانات ضخمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي على إدارة الحياة اليومية. هذه المدن، وفق تصوره، ستكون امتدادًا طبيعيًا للتوسع البشري، وليست ملاذًا من كوارث الأرض.
بيزوس لا يتحدث عن مستعمرات على المريخ كما يفعل منافسه إيلون ماسك، بل عن مدن مدارية تدور حول الأرض
لكن رغم نبرة التفاؤل، لم يبدُ الحضور مقتنعًا تمامًا. فبحسب تقرير لموقع "تيك كرانش"، تبادل بعض الحاضرين نظرات متشككة، خاصة حين ختم بيزوس حديثه بالقول: "لم يكن هناك وقت أفضل للشعور بالحماس تجاه المستقبل".
فقاعة أم ثورة؟
في الجلسة ذاتها، دافع بيزوس عن الطفرة الاستثمارية في الذكاء الاصطناعي، واصفًا إياها بأنها "فقاعة جيدة"، لأنها صناعية وليست مالية. هذا التوصيف يضعه في مواجهة غير مباشرة مع المخاوف المتزايدة من أن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية، أو حتى تهديدات وجودية، كما يحذر بعض الباحثين.
لكن بيزوس يرى أن الذكاء الاصطناعي سيكون جزءًا من البنية التحتية للمدن الفضائية، حيث يعمل على تنظيم الطاقة، وتحليل البيانات، وحتى التفاعل مع البشر في بيئات معزولة.
تصريحات بيزوس تأتي في سياق تنافس محتدم بينه وبين إيلون ماسك، الذي سبق وتحدث عن نقل مليون شخص إلى المريخ بحلول عام 2050. بينما يراهن ماسك على استعمار كوكب بعيد، يفضل بيزوس البقاء في مدار الأرض، حيث يمكن بناء مستوطنات قابلة للحياة دون الحاجة إلى التكيف مع بيئة قاسية.
هذا التباين يعكس اختلافًا فلسفيًا في تصور المستقبل: ماسك يرى أن الأرض قد تصبح غير صالحة للسكن، ويجب الهروب منها، بينما بيزوس يراها مركزًا يمكن التوسع منه، لا التخلي عنه.
رغم أن بيزوس يتحدث عن "ملايين البشر"، فإن السؤال الحقيقي هو: من ستكون له القدرة على العيش في هذه المدن الفضائية؟ هل ستكون امتيازًا للنخب التكنولوجية؟ أم مشروعًا إنسانيًا شاملًا؟ وهل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعوض غياب الطبيعة، والتفاعل البشري الحقيقي، في بيئة صناعية بالكامل؟
هذه الأسئلة لا تزال معلقة، لكن تصريحات بيزوس تفتح الباب لنقاش عالمي حول مستقبل الإنسان، وحدود التكنولوجيا، ودور الشركات الكبرى في رسم ملامح الغد.