31-مارس-2019

جيف بيزوس، رئيس شركة أمازون ومالك صحيفة واشنطن بوست (Getty)

لم يكن الكشف عن تورط الرياض في التجسس على جيف بيزوس، رئيس شركة أمازون، ومالك صحيفة واشنطن بوست، الحادثة الأولى التي تشير فيها أصابع الاتهام للمملكة العربية السعودية فيما يخص اختراق هواتف البعض ممن تراهم أعداءها، أو تسعى لإسكاتهم عبر الاطلاع على بياناتهم الشخصية وتسريبها للصحف، بهدف ابتزازهم.

كان جيف بيزوس، رئيس أمازون، آخر ضحايا التجسس السعودي بسبب تغطية واشنطن بوست التي يملكها لقضية اغتيال خاشقجي

جيف بيزوس، رئيس شركة أمازون ومالك صحيفة واشنطن بوست كان آخر ضحايا السعودية بسبب التغطية القوية التي قامت بها الصحيفة لقضية اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي

اقرأ/ي أيضًا: إدوارد سنودن: السعودية استعانت بخبرات إسرائيلية لتعقب خاشقجي والتجسس عليه

ووفقًا للتحقيقات التي أجرها جيفين دي بيكار، المحقق المعروف والمستشار الأمني، لبيزوس، فإن ما تم تسريبه من رسائل شخصية تخص جيف بيزوس إلى صحيفة "ناشيونال إنكوايرر" المتخصصة في فضائح المشاهير، تسببت في طلاقه من زوجته في كانون الثاني/يناير الماضي، كان للرياض علاقة بها.

وربط المحقق الأمر بطريقة تناول صحيفة واشنطن بوست، التي يملكها بيزوس، لقضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده بإسطنبول، والتي لم تكن السعودية راضية عنها بطبيعة الحال.

وخلال الأشهر الماضية دارت شبهات أثبتت بتحقيقات أجرتها صحف ومؤسسات معنية، حول تورط السعودية ومن خلفها الإمارات في حوادث تجسس على معارضين وشخصيات سياسية وحكومية وعامة، ترتبط معها الرياض بأزمات، وتصنف بعضها كمعارضين وأعداء لها.

انتقامًا من واشنطن بوست

المحقق الأمريكي دي بيكر، أشار إلى أن المعلومات التي خلص لها تم تسليمها إلى مسؤولين فدراليين أمريكيين. وعبر مقال نشرته صحيفة ذا ديلي بيست الأمريكية، أكد على أن المحققين والخبراء السعوديين سعوا إلى إيذاء بيزوس، لأنه يمتلك صحيفة الواشنطن بوست، التي تصدرت الصحف العالمية في الضغط على الإدارة الأمريكية للبحث في حقيقة اغتيال خاشقجي في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وقال دي بيكر في مقاله: "من الواضح أنّ محمد بن سلمان يرى أن واشنطن بوست عدوًا رئيسيًا".

قضية جمال خاشقجي
يعتبر محمد بن سلمان واشنطن بوست عدوًا رئيسيًا بسبب تغطيتها لقضية اغتيال خاشقجي

وبالرغم من أن المحقق لم يعلن تفاصيل التحقيق، ولم يحدد الجهات الحكومية السعودية التي قامت باختراق هاتف موكله، لكنه أكد تورط السعودية، قائلًا: "لدى محققينا وعدة خبراء، ثقة كبيرة في أن السعوديين تمكنوا من الوصول إلى هاتف بيزوس وحصلوا على معلومات خاصة. وتم تسليم النتائج لمسؤولين في الإدارة الفيدرالية".

وأعلن الملياردير الأمريكي ومؤسس موقع أمازون، ومالك واشنطن بوست، جيف بيزوس، وزوجته ماكينزي، طلاقهما في كانون الثاني/يناير الماضي. وعقب إعلان الانفصال، ذكرت مجلة "ذا ناشونال إنكوايرر" الأمريكية، أنها عملت على تحقيق عن بيزوس لمدة أربعة أشهر، خلصت فيه إلى أنه كان يخون زوجته مع عشيقته لورين سانشيز، وهي مذيعة سابقة في محطة "فوكس" المحلية بلوس أنجلوس. 

من جانبه وجه بيزوس اتهامات بالابتزاز للشركة الناشرة لمجلة ناشونال إنكوايرر. وأشار إلى أن ناشر الصحيفة ديفيد بيكر، هدده بنشر صور إضافية إذا لم يوقف التحقيق بشأن كيفية حصول مجلة الفضائح على لقاءاته الخاصة مع عشيقته، والتي تبين أنها حصلت عليها عن طريق اختراق جهة أخرى لهاتفه. 

ثم صرح بيزوس بأن ما حدث معه، يرتبط مباشرة بالحملة التي قادتها صحيفة واشنطن بوست ضد النظام السعودي المتورط الأول في اغتيال جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، معتبرًا أن ناشونال إنكوايرر، موالية للسعودية.

من جهته رد وزير الشؤون الخارجية في السعودية، عادل الجبير، على الاتهامات الموجهة لسلطات بلاده في هذه القضية، قائلًا: "قرأت عن تلك القضية في الصحف. إنه مجرد خلاف بين طرفين ونحن لا علاقة لنا به على الإطلاق".

المملكة السعودية للتجسس

تعد الرياض ومعها أبوظبي، من أبرز العواصم التي تستخدم التجسس على معارضيها أو من تعتبرهما أعداء لهما. ولهذا الحلف  تاريخ طويل من استخدام منصات وبرامج وشركات متخصصة في القيام بمثل تلك الأمور، خاصة في السنوات الأخيرة، بعد أن تفاقمت الأدوار المشبوهة التي تورطت فيها العاصمتين.

وسبق أن كشف تحقيق لصحيفة هآرتس العبرية، عن تعاون شركات إسرائيلية متخصصة في التجسس مع أنظمة وحكومات حول العالم، على رأسها السعودية والإمارات، بهدق التجسس على معارضيها.

وفي آب/أغسطس 2018 كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن توظيف الإمارات لشركة تجسس إسرائيلية لاختراق هواتف عدد من الشخصيات السياسية البارزة في المنطقة، من بين هذه الشخصيات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والأمير متعب نجل العاهل السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، ونحو 159 من أبناء العائلة الحاكمة في قطر. إضافة إلى التجسس على هاتف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وكذلك الناشط الإماراتي المعارض أحمد منصور. هذا إلى جانب مئات الناشطبن والحقوقيين العرب والمعنيين بالقضايا القائمة عربيًا. 

في المقابل، رفعت دعاوى قضائية ضد الشركة الإسرائيلية "NSO" العاملة لحساب أبوظبي، من بينها دعوى من مواطن قطري، وأخرى رفعها ناشط مكسيكي، وأخرى من صحفيين أجانب، أمام محاكم في تل أبيب وقبرص.

التجسس السعودي
للسعودية تاريخ طويل في التجسس على معارضيها ومن تعتبرهم أعداء لها

كما سبق وكشف تقرير أعده مختبر المواطن (Citizen Lab) التابع لكلية السياسة العامة والشؤون الدولية بجامعة جورج تاون الأمريكية، عن تورط السلطات السعودية في استخدم برنامج تابع لشركة "NSO" الإسرائيلية، وهو برنامج تجسس عبر اختراق الهواتف المحمولة يُسمى "بيغاسوس"، حاولت السلطات السعودية استخدامه لاختراق هواتف معارضين، منهم المعارض السعودي اللاجئ في كندا، عمر عبدالعزيز.

وتمكن الباحثون من تحديد مصدر تشغيل البرنامج، وكان بالفعل من السعودية. وحينها أعلنت وزارة الخارجية الكندية أنها ستنظر بجدية في تلك الاتهامات الموجهة للسعودية، حيث أن اعتراض الاتصالات الخاصة في كندا بلا ترخيص يُعد مخالفة للقانون الجنائي في البلاد. 

وفي آب/أغسطس 2018، قالت منظمة العفو الدولية إن هناك استهدافًا بالتجسس على هاتف معارض سعودي مقيم في لندن، يعمل في المنظمة، كما حدث نفس الأمر مع المعارض السعودي غانم الدوسري.

هذا ولم تكتف السعودية والإمارات بالشراكة مع الشركة الإسرائيلية، فمنذ 2016 عملت أبوظبي على توظيف بعض الخبراء الأمنيين السابقين في الاستخبارات الأمريكية للتأسيس لشبكة تجسس عالمية.

لم يكن تجسس السعودية على رئيس شركة أمازون الأول، فللسعودية تاريخ حافل تتشاركه مع الإمارات في التجسس 

 كما كشفت وكالة رويترز في تحقيق نشر في كانون الثاني/يناير الماضي، عن اخترق فريق أمني يعمل لحساب الإمارات، لأجهزة هواتف من نوع آيفون، تخص نشطاء ودبلوماسيين وزعماء سياسيين، كان من أبرزهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وكذلك أجهزة يستخدمها محمد شيمشك النائب السابق لرئيس الوزراء في تركيا، ويوسف بن علوي بن عبد الله، الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان، وكذلك توكل كرمان، الناشطة اليمنية الحاصلة على نوبل في السلام، وذلك عبر الاستعانة بأداة تجسس متطورة تسمى "كارما".

 

اقرأ/ي أيضًا:

مشروع "الغراب".. موظفو الاستخبارات الأمريكية في خدمة القمع الإماراتي

كيف ساعد "السيد هاشتاغ" السعودية في التجسس على المعارضين؟