واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي خرق اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، الذي دخل حيز التنفيذ فجر الأربعاء، وذلك لليوم الثاني على التوالي. إضافةً إلى منعه سكان البلدات الجنوبية من العودة إلى منازلهم، وفرضه حظر تجول لمدة 14 ساعة يوميًا. يأتي ذلك بينما يستمر انتشار الجيش اللبناني في مدن وبلدات الجنوب، في إطار التزام لبنان بتنفيذ القرار الأممي رقم 1701.
وكان اتفاق وقف إطلاق النار قد حدد مهلة 60 يومًا لانسحاب جيش الاحتلال من البلدات الجنوبية التي توغل فيها. لكن تقارير عبرية أفادت بأن حكومة الاحتلال أبرمت مع الولايات المتحدة اتفاقًا جانبيًا، بات يُعرف بـ"وثيقة الضمانات الأميركية"، ويتضمن أحد بنوده "احتفاظ إسرائيل بحقها في التحرك ضد أي انتهاكات للالتزامات في أي وقت"، وهذا "التحرك" يشمل عمق الأراضي اللبنانية وصولًا إلى المعابر الحدودية التي تربط لبنان بسوريا.
وفي سلسلة منشورات متكررة، حذر المتحدث باسم جيش الاحتلال للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، سكان ما يزيد على 70 بلدة جنوبية تتبع لقضاء صور وبنت جبيل من العودة إلى منازلهم. كما فرض حظر تجول على السكان الذين يتواجدون داخل القرى، يبدأ من الساعة الخامسة مساءً حتى السابعة صباحًا، وسط تحليق مكثف للطائرات المسيّرة. ويشير هذا إلى محاولة الاحتلال الإسرائيلي إعادة رسم خارطة جديدة للشريط الحدودي، شبيهة بما كان قبل عام 2000 عندما كان جنوب لبنان تحت الاحتلال.
يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي خرق اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، الذي دخل حيز التنفيذ فجر الأربعاء، لليوم الثاني على التوالي
وقالت وكالة "الأناضول" إنها رصدت 18 خرقًا من جانب جيش الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار منذ بدء سريانه فجر الأربعاء وحتى مساء الخميس. تمثلت هذه الخروقات في أعمال عسكرية بالأراضي اللبنانية، كان أبرزها شن غارة جوية قرب بلدة البيسارية في قضاء صيدا جنوبي لبنان. وادعى جيش الاحتلال أن الغارة استهدفت "منشأة لحزب الله" قال إنها كانت تُستخدم لتخزين صواريخ متوسطة المدى. وبحسب موقع "أكسيوس"، فإن الولايات المتحدة كانت على علم بالغارة الجوية.
كما اختطف جيش الاحتلال أربعة لبنانيين بعد ساعات من بدء سريان وقف إطلاق النار، زاعمًا أنهم اقتربوا من موقع تمركز قواته في جنوبي لبنان. وادعى رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أنهم ينتمون إلى حزب الله، بينهم قائد محلي في الحزب. من جهة أخرى، قال "التلفزيون العربي" إن جيش الاحتلال أطلق النار على مجموعة صحفيين في بلدة الخيام بقضاء مرجعيون خلال تغطيتهم لعودة الأهالي والانسحاب الإسرائيلي من البلدة، ما أدى إلى إصابة اثنين بجروح متفاوتة.
وفي مقابلة مع القناة الـ14 العبرية، وصف نتنياهو الحدود السورية اللبنانية بأنها "محور فيلادلفيا الشمالي"، مؤكدًا مواصلة جيش الاحتلال "قصف المعابر الحدودية". وحذر رئيس النظام السوري بشار الأسد، قائلاً: "أنت تلعب بالنار"، مضيفًا أن "الزمن سيحدد ما إذا كان قد تلقى هذه الرسالة". ويُفهم من تصريحاته أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى لفرض مراقبة على المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، على غرار معبر فيلادلفيا (صلاح الدين) في قطاع غزة.
وفي سياق اتفاق وقف إطلاق النار، قال نتنياهو: "لقد أُزيل تهديد الغزو البري، وأنا واثق من أن سكان الشمال يشعرون الآن بالأمان ولن يواجهوا تكرارًا لما حدث في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023"، في إشارة إلى عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة. لكنه أضاف: "في حال حدوث انتهاك جسيم للاتفاقية، أصدرت تعليماتي للجيش بالاستعداد لحرب طاحنة"، بحسب موقع "ألترا فلسطين".
العدوان الإسرائيلي على #لبنان أدى إلى استشهاد 3823 شهيدًا وشهيدةً، بالإضافة إلى 15859 جريحًا وجريحة، بحسب وزارة الصحة اللبنانية.
اقرأ أكثر: https://t.co/yHQvSRwhV7 pic.twitter.com/9uoiYFzdjW— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 28, 2024
من جهته، قال الجيش اللبناني في بيان مقتضب عبر منصة "إكس": "بتاريخي 27 و28 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وبعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، أقدم العدو الإسرائيلي على خرق الاتفاق عدة مرات، من خلال خروقات جوية واستهداف الأراضي اللبنانية بأسلحة مختلفة". وأضاف البيان أن قيادة الجيش تتابع "هذه الخروقات بالتنسيق مع المراجع المختصة".
وبحسب مراسل "التلفزيون العربي"، عبد القادر عبد الحليم، فإن "جيش الاحتلال، بالإضافة إلى المسؤولين الإسرائيليين، يحاولون إثبات أن هذا الاتفاق يجب أن يُطبّق بالنار". وأضاف أن "إسرائيل لا تريد اتفاقًا مشابهًا لعام 2006 حين كان منصوصًا عليه دون تطبيق فعلي على الأرض، وبالتالي تسعى لتطبيق الاتفاق أيضًا من خلال استمرار الخروقات والقصف". وأشار إلى أنه من المحتمل أن نشهد "تدخلًا وانتشارًا أكبر للجيش اللبناني خلال الأيام المقبلة".
من جانبه، قال حزب الله في بيان عبر تطبيق "تليغرام": "تؤكد غرفة عمليات المقاومة الإسلامية أن مجاهديها ومن مختلف الاختصاصات العسكرية سيبقون على أتم الجهوزية للتعامل مع أطماع العدو الإسرائيلي واعتداءاته. وستبقى أعينهم تتابع تحركات وانسحابات قوات العدو إلى ما خلف الحدود، وأيديهم على الزناد، دفاعًا عن سيادة لبنان وكرامة شعبه".