22-ديسمبر-2017

أحد مراكز العلاج في دوما في أكتوبر 2017 (حمزة الأجوح/أ.ف.ب)

فصلٌ جديد من فصول سلطة الأمر بالواقع التي ينتهجها جيش الإسلام في منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة بريف دمشق تصدّرت مواقع التواصل الاجتماعي مرة أخرى، بعدما أقدمت قوة أمنية تابعة له على اختطاف رئيسة قسم الحواضن في مدينة دوما، غصون مرشد، موجهًا إليها عدة اتهامات، من بينها "قتل الأطفال الرضع لصالح النظام السوري"، على الرغم من أن الممرضة كانت تعمل في مستشفيات دوما منذ ما قبل اندلاع الثورة السورية، ورفضت الخروج من المدينة بعد أن فرض النظام السوري حصارًا عليها اعتبارًا من عام 2013.

تشير الدراسات حول جيش الإسلام إلى عمله على الحد من حركة النشطاء المدنيين والتضييق على المنظمات المدنية والإغاثية التي لا تتبع مؤسساته في الغوطة

جيش الإسلام يريد ترهيب الناشطين

وفي تفاصيل الحادثة، أقدمت قوة أمنية تتبع لجيش الإسلام في الـ13 من الشهر الجاري على اختطاف غصون مرشد دون أن تصدر مذكرة توقيف عن مجلس القضاء الأعلى في المدينة، وبعد ساعات من اختفائها، كشف جيش الإسلام عن تواجدها في أحد مكاتبه الأمنية للتحقيق معها بالتهم الموجهة إليها، وهو ما اعتبره النشطاء محاولة للنيل من مواقف غصون مرشد المعروفة بانتقاداتها الحادة لانتهاكات جيش الإسلام التي يمارسها بحق النشطاء المدنيين بشكل متكرر.

ويعتبر جيش الإسلام من أكبر الفصائل المتواجدة في منطقة الغوطة الشرقية، تأسس في أيلول/ سبتمبر 2011 تحت مسمى سرايا الإسلام بقيادة زهران علوش، قبل أن يتحول في عام 2013 إلى جيش الإسلام، وتشير الدراسات المرتبطة بنشأة هذا الفصيل لتشكيله ما يقرب 23 فرعًا أمنيًا بهدف التضييق على العمل المدني، والحد من حركة النشطاء المدنيين، وعمل المنظمات المدنية والإغاثية التي لا تتبع للمؤسسات التي أنشأها في المنطقة.

أما فيما يخص قضية غصون مرشد، وبحسب ما ذكر أحد نشطاء دوما لموقع درج فإن جيش الإسلام يتهمها بقتل الأطفال المتواجدين في الحواضن عمدًا، فيما تناقل نشطاء عبر موقع فيسبوك حديثًا نُسب لزياد خاتم، أحد القضاة التابعين لجيش الإسلام، يتهم مرشد بـ"إهمال متعمد أدى لقتل عدد من أطفال المسلمين السنة في الغوطة الشرقية، وكذلك العثور على كتب للشعوذة والسحر لديها، وضبط مواد إباحية في جوالها الشخصي".

بحسب ناشطين من دوما، فإن جيش الإسلام، وفقًا للتهم التي وجهها لغصون مرشد، قد يتجه لإعدامها

وبحسب الناشط الذي تحدث لموقع درج فإن التهم الموجهة للممرضة غصون مرشد "ستؤدي حتمًا إلى إعدامها على يد جيش الإسلام الذي سيتذرع بأنه نفذ حكم الشرع"، غير أنه من المعروف عن مرشد جرأتها في المواقف السياسية، وتوجيهها انتقادات حادة لجيش الإسلام بسبب سلوكه الأمني والعسكري، فضلًا عن تلميحها الدائم لوقوفه خلف حادثة اختطاف نشطاء دوما الأربعة عام 2013، والذين اختفت قضيتهم بمقتل زهران علوش عام 2015 جراء غارة روسية استهدفت اجتماعًا كان يعقده مع قيادات جيش الإسلام في منطقة الغوطة الشرقية.

اقرأ/ي أيضًا: مرة أخرى.. جيش الإسلام يفتح نيرانه على فصائل المعارضة في الغوطة الشرقية

مجلس القضاء الأعلى ينتقد المطالبين بالإفراج عن مرشد

مديرية الصحة في دمشق وريفها التابعة للحكومة السورية المؤقتة، أصدرت بيانًا أعلنت خلاله أن اعتقال غصون مرشد جاء دون أن تصدر بحقها أي مذكرة قضائية أو أمنية وفق الأصول القانونية المتبعة، ووصفت إقدام جيش الإسلام على اعتقال غصون مرشد بـ"العمل غير المسؤول"، ودعت للإفراج عنها بشكل فوري، وإحالتها "للقضاء في حال وجود جرم يستوجب الإيقاف الاحتياطي على ذمة التحقيق".

 

ردًا على بيان مديرية الصحة، أصدر مجلس القضاء الأعلى بيانًا تعقيبيًا أدان خلاله ما وصفه بـ"الأسلوب الذي استخدمته مديرية الصحة، والتعامل بفوقية، وعدم احترامها للمؤسسات القضائية الرسمية"، وحمّلها في البيان مسؤولية "كافة الإشكالات الناتجة عن اتخاذ هكذا خطوة، والتي من شأنها أن تعطل مجريات التحقيق في القضية"، ومن المعروف أن جيش الإسلام يسعى منذ فترة طويلة للسيطرة على مفاصل القرار في منطقة الغوطة الشرقية، واستلام إدارة المؤسسات المدنية والخدمية العاملة فيها، علاوة على ملاحقته للنشطاء الذين ينتقدون انتهاكاته الدائمة.

يسعى جيش الإسلام للسيطرة على مفاصل القرار في الغوطة الشرقية، واستلام إدارة المؤسسات المدنية والخدمية العاملة فيها

 

 

 

 

وليست هذه المرة الأولى التي يمارس فيها جيش الإسلام سلطة الأمر الواقع في المنطقة، وهو حتى الآن لا يزال متهمًا باختطاف نشطاء دوما الأربعة (رزان زيتونة، سميرة خليل، ناظم حمادي، ووائل الحمادة) حيث اختفوا في مناطق سيطرته، بالإضافة لما حصل مؤخرًا من نفيه الطبيب محمود الحسكي من دوما إلى القطاع الأوسط في الغوطة الشرقية، وتهديده للأستاذ عزو فليطاني بنفيه هو الآخر في حال لم يتوقف عن توجيه الانتقادات لانتهاكات جيش الإسلام.

اقرأ/ي أيضًا: المعتقلون قضية وليسوا ملفًا.. تلك هي المسألة!

عريضة مفتوحة للتوقيع لإدانة انتهاكات جيش الإسلام

وقّع النشطاء على عريضة أدانوا من خلالها الأفعال التي يمارسها جيش الإسلام من نفي أو تهديد، وكافة عمليات الخطف والاعتقال والترهيب التي يمارسها بحق المدنيين في دوما

وعلى خلفية الانتهاكات المتكررة لجيش الإسلام في مدينة دوما، وقّع نشطاء مدنيون على عريضة أدانوا من خلالها الأفعال التي يمارسها جيش الإسلام من نفي أو تهديد بتنفيذه، وكافة عمليات الخطف والاعتقال والترهيب التي يمارسها بحق المدنيين والمؤسسات المدنية العاملة في مدينة دوما، ونوّه النشطاء في العريضة إلى أن جيش الإسلام يهدف من وراء هذه الممارسات للسيطرة على مختلف المؤسسات المدنية العاملة في مدينة دوما.

 

 

كما اعتبرت الناشطة رزان غزاوي أن اتهام غصون مرشد بـ"السحر والشعوذة يهدف لنزع مصداقيتها كامرأة في الحقل الطبي، وتهمة قتل الأطفال السنة تسعى لمحو نضالها كممرضة منذ سنين تحت الحصار، ويالي حكو كتار عن رفضها للرحيل خارج الغوطة المحاصرة"، مضيفًة أن غصون مرشد تواجه حاليًا خطرًا على حياتها "نتيجة الحملات الفاشية والإجرامية لـ"جيش الإسلام" وقضائه لنزع مصداقيتها بسبب آرائها السياسية المعارضة".

 

 

أما الصحفي فادي كحلوس فقد نوه في منشور كتبه قبل أيام إلى أنه عندما تأسست نقطة حواضن الأطفال في مدينة دوما عام 2013 كانت غصون مرشد هي ممرضتها الرئيسة، ودرّبت العديد من الممرضات على العمل في حواضن الأطفال، وأن غصون مرشد "واجهت الحصار بشجاعة وتعاونت مع الكادر الطبي على التأقلم والتكيف مع ظروف الحصار لإبقاء النقطة تعمل دون توقف"، إضافة لأن غصون مرشد كانت إحدى الممرضات الرئيسيات في حملات اللقاح واستخدمت كل ما لديها من خبرات لإنقاذ الناس، وأنها "تلقت العديد من العروض المادية للعمل في نقاط طبية أخرى ورفضت واستمرت بعملها".

 

 

فيما كشف حساب على موقع فيسبوك لشخص يدعى بسام خبية أن جيش الإسلام يهدف من خلال اعتقاله غصون مرشد للسيطرة على المكتب الطبي الموحد في مدينة دوما، والاستحواذ على الدعم المادي الذي يأتيه من الخارج، مضيفًا أنه سيتم عرض مقطع مصور للممرضة غصون مرشد تعترف فيه بالاتهامات، وتعترف أيضًا على بعض الأطباء بأمور باطلة، مجبرة عليها تحت التهديد بالقتل.

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

مناطق المعارضة السورية دون "طلعنا عالحرية"

زهران علوش.. اغتيال محرج للسعودية