25-نوفمبر-2019

تضمن بيان حزب العمل البريطاني وعودًا بفرض عقوبات على السعودية (Getty)

في التقرير أدناه، المترجم عن صحيفة الغارديان البريطانية، توضيح لأهم المحاور التي تضمنها بيان حزب العمال البريطاني، ووعوده في حال فاز في الانتخابات القادمة، التي تظهر الاستطلاعات تراجعه فيها إلى الآن، لصالح حزب المحافظين.


أطلق جيرمي كوربن أكثر برامج حزب العمال البريطاني جذرية منذ عقود، يعد فيه بحرب خاطفة من الاستثمار العام وبتغيير كل ركن من أركان بريطانيا، جالبًا عليه سخط المليارديرات والشركات الكبرى وملاك الأراضي.

بشأن القضية الفلسطينية، أكد بيان حزب العمال البريطاني رفض "أي اتفاق لا يقوم على القانون الدولي ولا يعترف بقرارات الأمم المتحدة وحقوق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم"

وفي خطابه المتفائل في مدينة بيرمنغهام حيث وقف الطلاب والنشطاء في الشرفات رافعين شعارات حزب العمال، دعا كوربن الجمهور للتصويت "للأمل" في الانتخابات المزمع عقدها بعد ثلاثة أسابيع. في القلب من هذا المانيفستو الجديد الذي جاء بعنوان "حان وقت التغيير الحقيقي"، وعد كوربن بزيادة كبيرة في الاستثمار العام تموله ضرائب جديدة تفرض على الشركات وأصحاب المداخيل المرتفعة.

اقرأ/ي أيضًا: مظلة "العمال البريطاني" لا تفتح في القدس

أصر كوربن على أن الزيادة الجديدة في الضرائب لن تؤثر على 95% من دافعي الضرائب وأولئك الذين يزيد دخلهم عن 80 ألف جنيه استرليني في العام هم وحدهم من سيتأثرون بها. وستمنح حكومة حزب العمال العاملين في القطاع العام زيادة قدرها 5% لمواجهة آثار الحد الأقصى الأجور البالغ 1% الذي فرض لسنوات عدة.

ولعل أبرز ما جاء في البرنامج الجديد هو تركيزه على تحويل الاقتصاد البريطاني إلى اقتصاد أخضر لمواجهة آثار التغير المناخي، وذلك بفرضه ضرائب على الأرباح الهائلة غير المتوقعة لشركات النفط والغاز تبلغ في مجملها 11 مليار جنيه إسترليني، ستستخدم في تمويل تحول اقتصاد البلاد دون فقدان الكثير من الوظائف.

قال كوربن في خطابه: "لم يعد بوسعنا إنكار الأزمة المناخية. نراها حولنا في كل مكان، ولنا في الفيضانات الأخيرة في يوركشاير وشرق ميدلاندز خير مثال. لم يعد لدينا وقت لنضيعه. فالأزمة تتطلب إجراءات حاسمة، لكن ليس من المعقول أن نحمل تكلفة الأزمة المناخية  للممرضة والعامل والبنّاء".

لم تكن ضريبة الأرباح غير المتوقعة هي البند الوحيد المفاجئ في برنامج حزب العمال، بل جاءت وسط سلسلة من الإعلانات المهمة الأخرى خلال الحملة الانتخابية، منها عزم الحزب توفير إنترنت مجاني للجميع، تموله عبر فرض ضريبة على شركات التقنية متعددة الجنسيات والتأميم الجزئي لشركة الاتصالات البريطانية BT. والتعهد ببناء 150 ألف وحدة سكنية في كل عام بحلول نهاية الفترة البرلمانية. وتقديم ستة أعوام من التدريب المجاني للبالغين.

في ظل هذا المانيفستو، يبدو أن حزب العمال مصر على نقل المعركة الانتخابية المقبلة بعيدًا عن البريكسيت إلى القضايا المحلية ومن بينها عزمه على مواجهة أزمة المناخ، في حين يركز بوريس جونسون على الوعد بإنهاء أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

في المقابل جاء موقف الحزب تجاه الهجرة أقل ليبرالية من وثيقة الحقوق المفتوحة التي اعتمدها في مؤتمره في برايتون. ينص المانيفستو على أنه "في حال بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، ستستمر حرية الحركة، وإذا غادرت بريطانيا الاتحاد، سيكون الأمر مرهونًا بالمفاوضات، لكننا نعترف بالمنافع التي حققتها حرية الحركة بالنسبة لمواطني الاتحاد الأوروبي في بريطانيا والمواطنين البريطانيين في الخارج وسنسعى لحماية هذه الحقوق".

نشر حزب العمال أيضًا "كتابًا رماديًا" مع المانيفستو يفصل فيه كيفية تمويله لوعوده. فالزيادات الضريبة الموعودة ستحقق زيادة في عائدات الحكومة قدرها 82 مليار جنيه استرليني، 9 مليارات منها ستجنيها الحكومة من الضرائب على المعاملات المالية وبيع وشراء الأسهم.

لكن في كل الأحوال لم يمر برنامج الحزب دون بعض الملاحظات والاعتراضات من نقابات العمال التي تمثل النواة الجماهيرية والمالية الأساسية للحزب، إذ أصرت على أن التقدم في خطة خفض العوادم إلى الصفر بحلول عام 2030 لا يجب أن تكون على حساب العمال ويجب في المقابل توفير ما يقارب من مليون وظيفة في الصناعات الخضراء.

وفي الشمال قد تواجه ضريبة الأرباح غير المتوقعة معارضة في اسكتلندا حيث يخشى العمال في صناعات الغاز والبترول في البحر الشمالي من تأثير هذه الضرائب على أعمالهم، وهي المخاوف التي يحاول الحزب تهدئتها عبر صندوق التحول العادل. قال كوربن في خطابه: "عمال الغاز والنفط في البحر الشمالي زودوا البلاد بالطاقة لعقود وكثيرًا ما عملوا في ظروف خطيرة. ولن نتركهم وحدهم".

يرى بعض نقاد البرنامج أنه بعيدًا عن هذا الخطاب النخبوي، يعرض المانيفستو الخطوط العامة لحكومة كوربن المقبلة، فتحت حكم حزب العمال سيتوسع دور الدولة البريطانية وستصبح أكثر شمولية وستمتد سيطرتها في كل الجبهات ابتداء من إمداد المياه والإنترنت وصولًا لمقدار الأجر الذي يطلبه مالك الأرض من المستأجر. ستتعمق الدولة في الخدمات العامة التي تقدمها متجاوزة التعليم والصحة لتصل إلى الرعاية المجانية للأطفال والخدمة الوطنية لرعاية المسنين.

أما بخصوص البريكست فقد قال الإعلان إن حزب العمال سيمنح الناخبين الكلمة الأخيرة في مسألة البريكسيت. سيسعى الحزب أولًا للوصول إلى اتفاق معقول مع الاتحاد الأوروبي في غضون ثلاثة أشهر من وصوله للسلطة، ثم سيعرض الاتفاق على الجمهور في استفتاء شعبي يكون من ضمن خياراته البقاء في الاتحاد الأوروبي.

خلال المفاوضات على اتفاق البريكسيت سيسعى حزب العمال للوصول إلى اتحاد جمركي شامل ودائم مع الاتحاد بالإضافة إلى اصطفاف ديناميكي معه في قضايا حقوق العمال وحقوق المستهلكين وحماية البيئة. وستستمر بريطانيا في المشاركة في وكالات الاتحاد وبرامج التمويل خصوصًا تلك المتعلقة بالعلوم والبيئة والثقافة مع التزامات واضحة تجاه المسائل الأمنية.

كوربن والشرق الأوسط

قد يحمل فوز كوربن أخبارًا سيئة بالنسبة للمملكة العربية السعودية فعلى الرغم من معارضته لأي تدخل عسكري في الخارج إلا أنه يدعم فرض عقوبات ضد المملكة العربية السعودية بسبب حرب اليمن. لكن مجريات السياسة الواقعية قد تجبره على اتباع نهج سابقيه، فحظر بيع الأسلحة إلى السعودية قد يجلب عليه غضب اتحادات العمال التي يعتمد عليها حزبه في التمويل والدعم الجماهيري. كما حجم التعاون الاستخباراتي والأمني مع السعودية سيدفع الوكالات الأمنية في بريطانيا للضغط عليه للاحجام عن هذا المسعى.

اقرأ/ي أيضًا: حرب لوبي إسرائيل ضد جيرمي كوربن .. تهمة معاداة السامية ثمن الانتصار لفلسطين!

أما في يخص القضية الفلسطينية فقد سعى الحزب لتخفيف لهجته الخطابية ضد إسرائيل على إثر الاتهامات المتكررة له ولكوربن بمعاداة السامية، فقد تجنب البيان الصادر ذكر كلمات مثل المقاطعة. في المقابل يرى المراقبون أن هذا البيان أعطى الضوء الأخضر لطرح مواضيع إشكالية تدفع بالحزب ليتماهى أكثر مع الموقف المتشدد لجيرمي كوربن ضد إسرائيل. فقد أدان البيان جهود الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية لتخريب أفق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وقال إن "الحزب يعارض أي اتفاق لا يقوم على القانون الدولي ولا يعترف بقرارات الأمم المتحدة وحقوق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم".

أصر كوربن  على أن الزيادة الجديدة في الضرائب لن تؤثر على 95% من دافعي الضرائب وأولئك الذين يزيد دخلهم عن 80 ألف جنيه استرليني في العام هم وحدهم من سيتأثرون بها

في الانتخابات الأخيرة مثل إصدار المانيفستو نقطة تحول في حملة الحزب، حيث أدى عدد من السياسات العامة إلى تعزيز أداء الحزب في الانتخابات. يأمل الحزب أن يحصل على دفعة مماثلة في الانتخابات المقبلة حيث تظهر استطلاعات الرأي حتى الآن تأخره عن حزب المحافظين بـ 12 نقطة.