06-أبريل-2016

وقفة تأبينية واحتجاجية أمام السفارة المصرية في روما (Getty)

"وجدت شرور العالم كله على وجه جوليو في صورة بعد قتله، كان باحثًا يحبّ عمله، لم يكن صحفيًا أو جاسوسًا أو أي شيء آخر، والشيء الوحيد الذي وجدته في صورته هو طرف أنفه، لأنهم نصحونا في مصر بعدم رؤية الجثة.. عذَّبوه، وقتلوه كما لو كان مصريًّا".

قالت باولا ريجيني أمام البرلمان الإيطالي: عذَّبوه، وقتلوه كما لو كان مصريًّا

وصفت باولا ريجيني أمام البرلمان الإيطالي الوجه القبيح لريجيني، الذي لم يظهر، ولو ظهر.. لأصبح أيقونة وثورة أكثر من وجه خالد سعيد. قالت: "ما تعرض له ابني في مصر لم يتعرض له إيطالي منذ الحقبة (النازية-الفاشية) في أوروبا".

اقرأ/ي أيضًا: اسم الله عليكِ يا مصر

من قتل جوليو ريجيني؟.. سؤال وثماني روايات. الرواية الثامنة سيقولها الوفد المصري المتجه إلى روما غدًا، وهي الرواية الوحيدة الرسمية، التي يتبناها مصدر مصري، بدلًا من تسريبات الإعلام والأمن، التي ضاعت الحقيقة على جسورها.. لكن الجانب الإيطالي وصل إلى الحقيقة، سجَّل مكالمات بين ضباط مصريين، سرَّبتها له شركة اتصالات مصرية، ووصل إلى صور، وفيديو، ورواية اقتنع بها عن "دم ريجيني".

سيقول الوفد المصري -وفق معلومات مبدئية- إن "ريجيني" ضحية ضابط طائش، وليس جهاز أمن "غبي". سيحاول تكذيب ما قالته "باولا" عن "قتل ريجيني -بالنسبة للإيطاليين- حالة فردية، ولكن للمصريين ليس كذلك، وسأستمر في مطالبتي بمعرفة الحقيقة كاملة عن قتل جوليو".

أخيرًا، "مصر هتعمل الصح"، ستفعل ما كان عليها أن تفعله منذ اليوم الأول لسقوط طالب إيطالي، لم يكن اسمه معلومًا، ولا أصبح قضية رأي عام تهزّ البرلمان الإيطالي، والمصري، والأوروبي، وتهدد مستقبل القاهرة، أن تضحي برجل أمن مقابل أن تعيش أجهزة الأمن كلها في سلام، لم تعد الآن مجرمة، إنما أجهزة تطهِّر نفسها من "عناصر خبيثة".

بالنسبة إلى الوفد المصري، بعدما فشلت كل الروايات المسرّبة، سيعلن الرواية -شبه الحقيقية- أن "جثة ريجيني" حالة فردية، لا الأمن المصري قاتل، ولا الأجهزة تطارد نشطاء حقوق الإنسان، والعمال، واليسار، لكن ضابط اشتبه فيه، وعذَّبه، لأنه ضابط غبي، وليس لأن التعذيب في مصر "عقيدة وإيمان"، والقتل "وجهة نظر".

بالنسبة إلى الوفد المصري، بعدما فشلت كل الروايات المسرّبة، سيعلن الرواية -شبه الحقيقية- أن "جثة ريجيني" حالة فردية

أعزائي الطليان، صدّقوا، لأنكم لو رفضتم هذه الرواية، وهي آخر ما عندنا، سنضرب بقبضة أيادينا على المكتب، ونثور، ونخرج من المؤتمر، ونأخذ أول طائرة إلى القاهرة، وعلينا وعلى أعدائنا.. سنقتل كل رعايا روما في مصر. طالما اختلفنا، سنؤذي كل رجالكم هنا، فالقتل والإخفاء القسري صار عاديًا في مصر. في ظروف تدفعك إلى قتل المختلفين، والتحريض عليهم، وقوانين لا تسجن إلا المغفلين، وتكرم المجرمين، والقتلة، وتجار الجثث، ونواب عزرائيل.

اقرأ/ي أيضًا: يسقط السيستم

لو ظهر الوجه القبيح -الجميل سابقًا- لجوليو ريجيني، سيتحوّل إلى أيقونة تعذيب، والأب الروحي لحملة عالمية ضد القتل، سيتحول إلى رمز، لقد عذبوه وقتلوه بدون رحمة.. هكذا يموت الناس في القاهرة.

سيكون شعار الحملة "عذَّبوه، وقتلوه كما لو كان مصريًّا". هذه الجملة -في بلد لا يزال قادرًا على الإحساس- ستتحوَّل إلى حالة تمرّد عامة.. وإذا قالتها أم ريجيني، هل يستطيع أحد رجال الوفد المصري تقديم ردود منطقية؟

العالم يضرب بنا المثل في طرق القتل!

جملة "باولا" تروي ما جرى لـ"ريجيني"، الحقيقة لا الكذبة ولا الأكاذيب التي بذلت السلطات في مصر مجهودًا مميتًا -لا جزاهم الله خيرًا ولا شكرًا عليه- لنشرها، وهي أن ضابطًا في "حجز" أو قسم أو مقر "أمن دولة" أجبره على خلع ثيابه تمامًا، رشّه بجرادل المياه في برد يناير، ووضع "كوع كهرباء" مشحون لآخر درجة في جسمه، فلم يتحمَّل التيار الذي زلزله بالطريقة التي يتحمّل بها المصريون. 

خطيئة الضابط، الذي سيعلن عنه "وفد القاهرة" غدًا، ليست تعذيب "ريجيني" إنما اعتقاده بأن "الجلد الطلياني" يتحمَّل نفس "فولتات الكهرباء" التي يتحملها المصري، فعذبه كما لو كان مصريًا!

اقرأ/ي أيضًا:

وثائق بنما.. ساسة الفساد المالي حول العالم

كواليس النصب باسم الرئيس