05-مارس-2019

تسعى بريطانيا من خلال التدخل في اليمن إلى فرض تطلعاتها الإقليمية (Getty)

الترا صوت - فريق التحرير

في زيارة هي الأولى لمسؤول خارجي رفيع، وأول زيارة لوزير خارجية، إلى اليمن منذ العام 2015، عقب اندلاع الصراع بين القوات التابعة للرئيس هادي، المدعومة من التحالف السعودي الإمارتي من جهة، ومسلحي جماعة الحوثيين، المتهمين بتلقي دعم إيراني، من جهة أخرى، وصل وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هنت إلى العاصمة المؤقتة عدن، "جنوب البلاد".

تعبر زيارة هنت لعدن ولقائه قبل ذلك بالرئيس هادي، وتصريحات السفير البريطاني في اليمن مايكل آرون حول ضرورة تطبيق اتفاق ستوكهولم، عن نبرة مختلفة، تنبئ عن تغير في الموقف البريطاني

زار هنت الذي وصل يوم الرابع من آذار/مارس 2019، ميناء عدن، بالإضافة إلى أنه التقى مسؤولين في حكومة هادي، بينهم نائب رئيس الوزراء حسن الخنبشي، وحذر من ازدياد حدة الصراع في اليمن، إذا لم يتم تنفيذ اتفاق ستوكهولم خلال الأسابيع المقبلة، والذي تم التوصل إليه برعاية الأمم المتحدة نهاية العام الماضي.

اقرأ/ي أيضًا: مارتن غريفيث في صنعاء مجددًا.. قفزة في هواء اتفاق ستوكهولم

وأضاف في مقطع فيديو من على ميناء عدن نشره في حسابه على تويتر، قائلًا "نحن الآن أمام فرصة أخيرة لنجاح عملية ستوكهولم للسلام، العملية قد تموت في غضون أسابيع إذا لم نر التزامًا من الجانبين بالوفاء بالتزاماتهم طبقا لاتفاق ستوكهولم".

وخلال الأيام الماضية، بدأ هنت جولة مباحثات خليجية، لدعم جهود الأمم المتحدة وتنفيذ اتفاق السويد، ومحاولة الضغط على حكومة هادي، والتحالف الداعم لها، للقبول بالاتفاق. فيما لقيت الزيارة القصيرة إلى مدينة عدن، ردود أفعال في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث علق ناشطون وصحفيون على زيارته التي تعد أول زيارة يقوم بها وزير خارجية بريطاني لليمن منذ عام 1996، متسائلين عن غايتها وأهدافها.

لقد أثارت التحركات البريطانية، تساؤلات عدة في أوساط الناشطين اليمنيين والسياسيين لجهة التوقيت الذي اختارته بريطانيا، المتزامن مع تجدد المواجهات العنيفة في محافظة الحديدة غربي اليمن، بالإضافة إلى أن آخرين اعتبروا ذلك رغبة بريطانية بإعادة هيمنتها على اليمن مرة أخرى.

عودة الإنجليز

وفي سياق ردود الفعل، اعتبر الصحفي مأرب الورد تلك الزيارة، محاولة لتجديد الهيمنة البريطانية على مدينة عدن، التي سبق وأن كانت لعقود خاضعة للاستعمار البريطاني.

من جهته رأى المحلل السياسي ياسين التميمي أن زيارة هنت لعدن تعبر عن مستوى استثنائي من الاهتمام من جانب لندن، بحماية ‎اتفاق الحديدة من الانهيار، مستدركًا: "لكن ما الذي سمعه السيد هنت من رئيس الوزراء ولم يسمعه من رئيس الجمهورية، أم هي مبادرة بريطانية لرد الاعتبار لسلطة شرعية مشتتة ومسلوبة القرار".

وفي تقدير التميمي فإن الزيارة لا تحتمل أكثر من هذين البعدين، ولا يمكن لدبلوماسي في الخارجية البريطانية أن يجري في العاصمة المؤقتة للسلطة الشرعية، محادثات مع الجماعات الانفصالية في هذا النسق من الأزمة اليمنية شديدة التعقيد.

بدوره اعتبر الصحفي علي الفقيه، أن زيارة هنت لعدن ولقاءه قبل ذلك بالرئيس عبد ربه منصور هادي بالرياض، وتصريحات السفير البريطاني في اليمن مايكل آرون حول ضرورة تطبيق اتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة، تكشف عن نبرة مختلفة، تنبئ عن تغير في الموقف البريطاني تجاه القضية اليمنية.

وتساءل في صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "هل لذلك علاقة بفتور العلاقة البريطانية مع إيران، خاصة إذا ربطنا الأمر بقرار بريطاني قبل يومين بشأن إدراج حزب الله اللبناني على قوائم الإرهاب؟".

أما السفير اليمني لدى بريطانيا ياسين سعيد نعمان، فقال إن تلك الزيارة تحمل دلالات سياسية ودبلوماسية ذات أهمية كبيرة، وهي لا تأتي من باب التلهي والشجن كما يحلو للبعض أن يسميها، ولكنها تأكيد على أن المراوغات الحوثية بالحديث عن السلام لإطالة أمد الحرب، لم تعد مقبولة لدى الجهد الدولي لإنهاء الحرب بإنهاء أسبابها، حسب وصفه.

مضيفًا أن "الوزير هنت من وجهة نظري شخصية جادة ولديه حضور قوي في القضايا الدبلوماسية التي يوليها اهتمامه، ولقد لمست منه الاهتمام بالقضية اليمنية من خلال الحديث معه في أكثر من مناسبة".

وفي السياق، قال المذيع محمد البيضاني، إن بريطانيا تسعى بقوة لصناعة حلّ هشّ في اليمن، والذي من خلاله تمنح الحوثيين فرصة التمدد على حساب الدولة والاستقرار، وتطلعات اليمنيين في السلام. وتعليقًا على تصريحات الوزير البريطاني الذي قال "إن عملية السلام في مدينة الحديدة اليمنية قد تموت خلال أسابيع إذا لم تُبذل جهود صادقة من الجانبين". رد الصحفي "مأرب الورد" قائلًا، إنها ولدت ميتة ويجب نعيها رسميًا بدلًا من القول إنها تحتضر. 

  هجوم حوثي

في السياق عينه، شنت قيادات بارزة في جماعة الحوثي هجومًا سياسيًا كبيرًا على جيرمي هنت. وفي بيان رسمي نشره رئيس اللجنة الثورية للجماعة محمد علي الحوثي جاء ردًا على ما وصفها بتهديدات الوزير البريطاني التي أطلقها من عدن، اعتبر المسؤول الحوثي أن هناك نية مبيتة ربما لإعادة المعركة في مدينة الحديدة. وأضاف "أن المسؤول البريطاني بات يكذب علنًا أمام وسائل الإعلام، باتهام  جماعته بعرقلة تنفيذ اتفاق ستوكهولم رغم أن زعيم الجماعة أعلن استعداد جماعته الانسحاب من طرف واحد". وقال البيان "إن التحالف يتحمل مسؤولية ما أسماه فشل اتفاق ستوكهولم".

من جهته هاجم نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين، حسين العزي الوزير البريطاني،  قائلًا إنه "عندما تكون في حضرة اليمن العظيم فعليك أن تنتقي كلماتك جيدًا وأن تأخذ مكانك المناسب لإلقاء ما تريد، أن تقول كلامك هذا اليوم من مياهنا في عدن وحديثك بتلك الطريقة عن طرف يستند إلى 24 مليونًا يمني من أصل 27 مليونًا، و39 حزبًا سياسيًا من أصل 42 حزبًا يمنيًا، هو عمل مستفز للغاية".

تأتي هذه التطورات بعد نحو 42 ساعة من لقاء الناطق الرسمي لجماعة الحوثي محمد عبدالسلام، بوزير الخارجية البريطاني في العاصمة العمانية مسقط. حيث قال هنت بعد مغادرته عمان إنه لمس من ناطق الحوثيين تفاهمًا جديدًا بشأن اتفاق إعادة الانتشار بمدينة الحديدة، وأن "فترة تنفيذ اتفاق السويد بالكامل تحتاج إلى وقت أطول".

أهداف لندن

ترغب لندن في الوصول إلى حل سياسي لا ينهي قوة الحوثي، بل يضعفه، وهي ترى أن وصول القوات المدعومة من التحالف إلى داخل مدينة الحديدة، فرصة كافية للضغط على الحوثي، لتقديم تنازلات تفضي إلى الدخول في مفاوضات سياسية، وتلعب بريطانيا كما يرى مراقبون، دور تجميع الأطراف نحو هذا الهدف.

 ومع قرارها بشأن انفصالها عن الاتحاد الأوروبي، والتوقعات بشأن نفوذها دوليًا، وتركيزها على الجانب الاقتصادي، يبدو أن اليمن ستكون أحد اهتمامات لندن نظرًا لوجود العديد من الموانئ فيها، وتعتبر زيارة وزير الخارجية البريطاني، إلى ميناء عدن، دليل على ذلك، بحسب عديد من الآراء.  

في هذا السياق، علق الكاتب اليمني والصحفي محمد جميح في رده على كلمة هنت، إنه "كان يجب أن تخبر الحوثيين بأن السلام سيُعاد في اليمن، عندما يوقفون انقلابهم العسكري".

تجدد المعارك في الحديدة

تزامنت زيارة هنت مع تجدد المعارك بين الحوثيين والقوات الحكومية، في محافظة الحديدة غربي البلاد، عقب هجوم شنه الحوثيون على مواقع قوات هادي. وبحسب مصادر ميدانية فإن مواجهات عنيفة بين الحوثيين والقوات الحكومية المسنودة من التحالف السعودي الإماراتي تجددت في المدينة فجر الأحد، وتركزت في سوق الحَلَقة وأطراف شارع الخمسين وحي سبعة يوليو.

وجاءت الاشتباكات بعد قيام مسلحي الحوثي بخرق الهدنة وقصف مواقع للقوات الحكومية في عدة أحياء بينها حي 7 يوليوحي منظر، وقرب مدينة الصالح.

اقرأ/ي أيضًا: زيارات غريفيث المتكررة إلى صنعاء.. تراكم للفشل!

يأتي هذا بالتزامن  مع مواصلة  كبير المراقبين الأمميين مايكل لوليسغارد اجتماعاته بالأطراف بشكل منفرد للتباحث حول تطبيق خطة إعادة الانتشار التي تعثرت للمرة الرابعة.

في سياق ردود الفعل، اعتبر ناشطون زيارة هنت، محاولة لتجديد الهيمنة البريطانية على مدينة عدن، التي سبق وأن كانت لعقود خاضعة للاستعمار البريطاني

وغادر هنت بعد لقاء مع وزير الخارجية خالد اليماني ونائب رئيس الوزراء وزير الداخلية المهندس أحمد الميسري كما قام بزيارة إلى ميناء عدن، عقب جولة خليجية قام بإجرائها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حرب الإمارات ضد الشرعية اليمنية

مؤامرة ابن زايد.. الإطاحة بالشرعية في اليمن ضمن مهمات التخريب