تحتضن العاصمة القطرية الدوحة، اليوم الاثنين، جولة جديدة من المحادثات حول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وسط ترقب لإمكانية إبرام هدنة طويلة الأمد، وفقًا لتصريحات المبعوث الأميركي لشؤون الرهائن آدم بولر.
يُذكر أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة انتهت مطلع أذار/مارس الجاري، دون أن توافق إسرائيل على الانتقال إلى المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.
كشف القيادي في حركة "حماس عبد الحكيم عزيز حنيني، عن تفاصيل الاجتماعات مع الوفد الأميركي، مشددًا على أن الحركة طالبت بضمان التزام إسرائيل بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار
غضب في تل أبيب بشأن المفاوضات
في المقابل، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن غضب في تل أبيب من الطريقة التي تدير بها واشنطن المفاوضات مع حركة حماس، حيث أشارت تقارير إلى أن المحادثات المباشرة التي يقودها بولر مع الحركة أثارت استياءً في الأوساط السياسية الإسرائيلية.
ونقلت القناة 13 العبرية عن مسؤولين إسرائيليين كبار قولهم إن "هناك غضبًا من سلوك واشنطن في المفاوضات". وأوضحوا أنه في حال توصّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى اتفاق مع حماس، فسيكون من الصعب على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضه، مشيرين إلى أن الإدارة الأميركية تدرك ذلك جيدًا. وعبر هؤلاء المسؤولون عن استيائهم من عجز بنيامين نتنياهو عن رفض توجهات ترامب في هذا الملف.
حـ ـماس أشارت إلى وجود "مؤشرات إيجابية" لبدء المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، ودولة الاحتلال تعلن استعدادها للمفاوضات بشأن هذه المرحلة.
اقرأ أكثر: https://t.co/0nRQ6plfHQ pic.twitter.com/BcQj53BJmx— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 9, 2025
وذكرت وسائل إعلام الإسرائيلية أن هناك محاولة لفرض مسار تفاوضي دون إتاحة مجال واسع للمناورة، في إشارة إلى الضغوط الأميركية والإقليمية لإحراز تقدم في المباحثات الجارية.
وفي وقت لاحق، ذكرت هيئة "البث الرسمية" الإسرائيلية أن تل أبيب توصلت إلى تفاهمات مع واشنطن لضمان التنسيق المسبق بشأن أي محادثات مع حماس.
تهديد بالعودة إلى القتال
وفي سياق متصل، وقبل وصول الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة لاستئناف المفاوضات، جدّد نتنياهو تأكيده التزامه بالقضاء على قدرات حركة حماس، مشددًا على أن العمليات العسكرية ستتواصل لتحقيق هذا الهدف.
من جانبها، نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش تأكيده على أن إسرائيل ستعود قريبًا إلى القتال في قطاع غزة، في إشارة إلى احتمال تصعيد عسكري جديد.
ووجّه سموتريتش انتقادات لرئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي، متهمًا إياه بعدم الشفافية خلال اجتماعات "الكابينت"، وبتقديم معلومات وصفها بأنها "غير دقيقة".
وأضاف أن رئيس الأركان الجديد أكثر صرامة، ويدعم تنفيذ عملية عسكرية واسعة في غزة، تهدف إلى فرض السيطرة الكاملة على القطاع وتدمير قدرات حركة حماس.
تفاصيل اللقاءات بين "حماس" والجانب الأميركي
في حديث إلى "التلفزيون العربي"، كشف القيادي في حركة "حماس عبد الحكيم عزيز حنيني، عن تفاصيل الاجتماعات مع الوفد الأميركي، مشددًا على أن الحركة طالبت بضمان التزام إسرائيل بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.
وأوضح أن الإدارة الأميركية أدركت أن حكومة الاحتلال لا ترغب في إعادة أسراها أو وقف العدوان، مؤكدًا أن حماس أبدت انفتاحًا على الحوار مع واشنطن، لكنها متمسكة بضرورة تنفيذ الاتفاق بالكامل.
وأشار حنيني إلى أن الاتفاق ينص على تمديد المرحلة الأولى تلقائيًا إذا استمرت المفاوضات حول المرحلة الثانية، مؤكدًا أن إسرائيل لم تلتزم ببنود الاتفاق وخرقت العديد منها.
▶️ "من أربعة ضلّ واحد"، و"عرفته من شعره"..
أمٌّ غزية تتابع انتشال جثمان نجلها الشهيد من بين أكثر من 70 شهيدًا، ضمن عملية انتشال لنقلهم من مستشفى "كمال عدوان" وإعادة دفنهم شمال قطاع #غزة.📸 وفاء أبو حجاج @palestineultra pic.twitter.com/gj7AAQdF9v
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 8, 2025
مقترح للهدنة ودور أميركي محتمل
نقلت هيئة "البث الرسمية" الإسرائيلية عن المبعوث الأميركي آدم بولر قوله إن حركة حماس قدمت مقترحًا لهدنة تتراوح بين 5 و10 سنوات، تتضمن تفكيك جناحها العسكري وانسحابها من المشهد السياسي.
وأضاف بولر أن الاتفاق المحتمل سيشمل دورًا أميركيًا، إلى جانب أطراف أخرى، لضمان عدم وجود أنفاق أو أنشطة عسكرية في غزة، ومنع مشاركة حماس في أي ترتيبات سياسية مستقبلية.
ورغم وصف بولر للمقترح بأنه "جيد"، إلا أن حركة "حماس لم تصدر أي تعليق رسمي حوله، لكنها أكدت في أكثر من مناسبة رفضها التخلي عن سلاحها طالما استمر الاحتلال الإسرائيلي.
مناورة عسكرية في حال تعثرت المفاوضات
من جهة أخرى، يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي لاحتمال فشل مفاوضات تبادل الأسرى مع حركة حماس، وسط تحضيرات لعملية عسكرية جديدة في قطاع غزة، رغم أن فرص تنفيذ هذه المناورة تبقى منخفضة وفقًا لتقديرات أمنية.
وبحسب المراسل العسكري لصحيفة "معاريف"، آفي أشكنازي، فإن المؤسسة الأمنية في إسرائيل تعتقد أن هناك مساحة إضافية للضغط على حماس قبل اللجوء إلى خيار عسكري موسّع. في هذا الإطار، يعمل الجيش الإسرائيلي على تعزيز جهوزيته من خلال تحسين التدريبات، واستكمال النقص في الأسلحة، وصيانة المعدات القتالية، استعدادًا لأي تصعيد محتمل. وأوضح أشكنازي أن رئيس الأركان الجديد، الجنرال إيال زامير، وافق الأسبوع الماضي على خطط القيادة الجنوبية، التي تهدف إلى تصعيد الضغط العسكري على حماس في حال انهيار المفاوضات.
ومع ذلك، فإن القرار السياسي بشن عملية برية جديدة في غزة يواجه تحديات كبيرة، أبرزها الضغط الشعبي الداخلي، حيث لا يحظى هذا الخيار بتأييد واسع بين الإسرائيليين، إضافةً إلى التوقيت الحرج مع اقتراب عيد الفصح اليهودي وأيام الذكرى التي تليه مباشرة، وهو ما قد يجعل الحكومة الإسرائيلية مترددة في اتخاذ قرارات تصعيدية خلال هذه الفترة. من جانب آخر، يشكّل الموقف الأميركي عائقًا إضافيًا، إذ تُفضّل إدارة دونالد ترامب التركيز على إنجاز صفقة تبادل الأسرى عبر التفاوض بدلًا من الانخراط في موجة جديدة من التصعيد العسكري، وهو ما يضع قيودًا إضافية على الحكومة الإسرائيلية.
في السياق نفسه، أشار أشكنازي إلى أن مطالب حماس بالإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين مقابل كل محتجز إسرائيلي لا تزال مرتفعة، وهو ما يثير تساؤلات داخل إسرائيل حول مدى إمكانية الموافقة عليها.
تحركات عائلات المحتجزين
تصاعد الغضب الشعبي داخل إسرائيل، حيث نظّم ناشطون وعائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة تظاهرة في تل أبيب، طالبوا فيها الحكومة الإسرائيلية بالتحرك سريعًا لإبرام صفقة تبادل تضمن عودة ذويهم.
"هنا تساؤل لم يُحسم بعد: من الذي سيمول إعادة الإعمار؟ ومن الجهة التي ستشرف على تلك المشروعات؟ وهل الجهات الممولة سيكون لها الحق في المتابعة والاعتراض والتقييم أم سيتوقف دورها عند الدعم وفقط؟ وماذا لو تعارضت مطالب الممول مع بنود الخطة المفصلة؟".
تقرؤون المزيد في مقال عماد عنان:… pic.twitter.com/tOAtGlGY9e
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) March 7, 2025
وأغلق المتظاهرون شارع بيغن المؤدي إلى وزارة الأمن الإسرائيلية، ونصب المحتجون خيام اعتصام في محيط الوزارة، معلنين نيتهم المبيت هناك لمواصلة الضغط على الحكومة، معربين عن استيائهم من تعامل الحكومة مع قضية المحتجزين.
وخلال المظاهرة، وجّه المحتجون انتقادات حادة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، متهمين إياه بتعطيل المفاوضات والتسبب في استمرار معاناة الأسرى وعائلاتهم. كما دعوا الإدارة الأميركية إلى التدخل لإنهاء الأزمة، مطالبين ترامب بممارسة مزيد من الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لدفعها نحو إتمام الصفقة في أسرع وقت ممكن.