17-سبتمبر-2020

غلاف الرواية

الترا صوت – فريق التحرير

في سياق عملها على إعادة نشر كل روايات الكاتب البرتغالي جوزيه ساراماغو، أعلنت "منشورات الجمل" عن قرب صدور الطبعة الثانية من رواية "قصة حصار لشبونة"، التي سبق لطبعتها العربية الأولى أن صدرت في 2010 بترجمة علي عبد الرؤوف البمبي.

تتميز رواية "قصة حصار لشبونة" بتداخل الأزمنة والعوالم، وبالتجوال بين زمنين: القرن الثاني عشر والقرن العشرين

تعدّ الرواية التي صدرت بالبرتغالية عام 1989 من أهم روايات ساراماغو (نوبل 1998). تدور أحداثها حول الحصار الذي فرضه البرتغاليون عام 1147 على مدينة لشبونة المسلمة، وانتهى بسقوطها في أيديهم وطرد المسلمين منها.

اقرأ/ي أيضًا: رواية "نصب الدير التذكاري" لجوزيه ساراماغو.. عن تاريخ لا يتغيّر

بطل الرواية رايموندو سيلبا. مدقق في دور نشر، يقوم بمراجعة لغوية لكتاب تاريخي عنوانه "قصة حصار لشبونة"، ويخطئ في إحدى جمل الكتاب، حيث يضع "لا" مكان "نعم"، وبهذا تتحوّل الجملة من الإثبات إلى النفي، وتصبح هكذا: "لم يساعد الصليبيون البرتغاليين في حصار لشبونة"!.

تتميز الرواية بتداخل الأزمنة والعوالم، وبالتجوال بين زمنين: القرن الثاني عشر والقرن العشرين، وبانقلاب حياة شخصياتها بشكل جنوني.

ولد ساراماغو عام 1922. عمل كصانع أقفال، ثمَّ كصحافيّ لفترة طويلة قبل أن يتفرّغ للكتابة الأدبية. أصدر روايته الأولى "أرض الخطيئة" عام 1947، ثمّ توقف عن الكتابة لما يقارب العشرين عامًا، وعاد بعد ذلك ليصدر رواياته التي لا تنسى، مثل "العمى" و"انقطاعات الموت" و"كل الأسماء"... وغيرها، والتي ستقوده إلى نوبل. كما عُرف عنه وقوفه إلى جانب قضايا الشعوب، والانحياز التام للناس ضد مختلف أنواع الهيمنة، وقد قضى سنواته الأخيرة يدوّن أفكاره على الإنترنت في حالة تفاعل مع الأحداث الجارية. توفي عام 2010.


كيف فكّر ساراماغو بهذه الرواية؟

سئل ساراماغو: كيف أتتك فكرة "قصة حصار لشبونة"؟ فأجاب:

"فكرة كانت تراودني منذ 1972. فكرة الحصار لمدينة، لكن لم أحدّد ما هي المدينة. ثم تطورت لتكون قصة حصار حقيقية، والتي فكرت بأن تكون قصة حصار لشبونة من قِبل قشتالة في 1384. وأضفت إليها شيئًا من حصار آخر للمدينة ذاتها حصل في أواخر القرن 12، وكانت الرواية في النهاية خليطًا بين هذين الحصارين التاريخيين. تخيلت حصارًا مضى بفترة ما، وحال الأجيال المحاصرة، حصار اللاعقلانية، يمكنني أن أقول بأن الهدف لم يكن الوصف لحال الأناس المحاصَرة والآخرين المحاصِرين، أو أيًا كان ذلك.

في النهاية، انتهت الرواية كما أردت لها أن تنتهي، تأملًا في فكرة الحقيقة التاريخية. هل التاريخ حقيقة؟ هل ما نطلق عليه "تاريخ" يخبرنا بالقصة كاملة؟ التاريخ حقيقة هو خيال، لا أشترط القول بأن الوقائع مخترعة، بل إن الوقائع حقيقية، ولكن ترتيبها خيال. التاريخ مركّب ببعضه بوقائع مختارة، وتعطي بعد ذلك تسلسلًا للقصة. ومن أجل صناعة التسلسل هذا ينبغي تجاهل الكثير من الوقائع، هناك الكثير من الوقائع التي لم تدخل التاريخ، والتي بدورها سترسم منطقًا آخرًا للتاريخ إن كانت متواجدة به. التاريخ لا يجب أن يقدّم كدروس صلبة، لا أحد يستطيع القول بأنه كذلك، أو يضمن بأن هذه هي الوقائع كاملة.

"قصة حصار لشبونة" ليست مجرد تدريب على الكتابة التاريخية، إنها تأمل للتاريخ كحقيقة، أو شكوك بالتعبير الأصح، فالتاريخ ليس كذبة لكنه مخادع بشدة، تتحكم به كثير من الأمور، حياتنا الشخصية مثلًا، أو حياة خيالنا، أو حياتنا الأيديولوجية والمذهبية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

جوزيه ساراماغو.. أمثولة الكهف التي صارت حقيقةً

في زمن كورونا.. العمى بين ساراماغو ونبيل سليمان