06-أغسطس-2018

جودي فوستر

طوال 52 عامًا من مسيرتها المهنية المعتبرة، اشتملت أدوارها على؛ طفلة تمارس البغاء، وعميلة في مكتب التحقيقات الفيدرالي، وامرأة بدائية متوحشة في الأدغال، وعالمة تتواصل مع الكائنات الفضائية، وأم تبحث عن طفلها المفقود، والدور الذي ربما يكون الأكثر شهرة، وهو دور امرأة لا يستطيع زوجها التواصل إلا من خلال دمية قماشية لقندس، لذلك لا يمكنك القول إن هناك دورًا نمطيًا تؤديه جودي فوستر باستمرار. إلا أنه، ومع ذلك، هناك تعبير نمطي مرتبط بفوستر. إذا فكرت في جودي فوستر وهي على الشاشة، فمن المحتمل أنك تتصورها وهي تحدق بشراسة إلى الأمام، بشفتيها الرقيقتين، وكل عصب بها يشع ويبرز بقوة صارمة. وبالنظر إلى حياة جودي فوستر الخاصة، يبدو ذلك ملائمًا.

التزمت جودي فوستر الصمت إزاء حياتها الجنسية وذلك خلال عقود من التكهنات، فقط لتفصح عن مثليتها وهي في الـ51 من عمرها

تخيل بجدية مقدار ضبط النفس الذي تحتاج إليه للنجاة والعيش في ظل حياة تشبه حياة جودي فوستر والبقاء رغم كل ذلك شخصًا سليمًا فعالًا. كأن تمر سالمًا من مرحلة طفولة حظيت فيها بنجومية كبيرة، ومواصلة الحياة بعد أن حاول رجل اغتيال الرئيس لأنه، كما يقول "كان يحاول إثارة إعجابك". ثم تتحول بعد ذلك إلى أدوار البالغين من خلال أخذ أدوار نصحك الآخرين بعدم تمثيلها، لأنها تنطوي على مخاطرة كبيرة، بما في ذلك دور المرأة التي اغتُصبت بوحشية في فيلم "المتهم - The Accused"، وتأدية شخصية كلاريس ستارلينغ في فيلم "صمت الحملان - The Silence of the Lambs"، حيث فازت جودي فوستر عن كليهما بجائزة الأوسكار.

اقرأ/ي أيضًا: جودي فوستر: نحن في عصر البحث عن الهوية!

وخلال كل هذا، التزمت جودي فوستر الصمت إزاء حياتها الجنسية وذلك خلال عقود من التكهنات، فقط لتفصح عن مثليتها وهي في الـ51 من عمرها، تمامًا مثلمّا أرادت، في خطاب ألقته خلال حفل جوائز غولدن غلوبز، أكدت فيه أنها كانت مثلية، وسخرت من فكرة أنها مدينة بذلك الاعتراف للجمهور وينبغي عليها إفشاء معلومة أنها مثلية لهم. قائلةً: "آمل ألا يخيب أملكم أنه لن يكون هناك خطاب اعتراف بالمثلية كبير هذه الليلة، لأنني أفصحت بالفعل عن مثليتي قبل حوالي ألف سنة خلال العصر الحجري... لكن الآن، يُقال، إنه من المتوقع أن يكشف كل المشاهير عن تفاصيل حياتهم الخاصة في مؤتمر صحفي وبرنامج واقعي يعرض وقت الذروة. أنا آسفة، لكن شخصيتي ليست هكذا". لا يستطيع أحد أن يخرج جودي فوستر عن المسار الذي اختارته.

تخبرني جودي فوستر عندما سألتها عن ضبط النفس قائلةً: "أعتقد أن المرء يُولد بشخصية معينة فحسب، وربما يريد بعض الناس أن يكونوا رواد فضاء، وبغض النظر عن مدى إتقانهم للطيران؛ فهم لا يمكنهم تحمل انعدام الجاذبية… أشعر وكأنني وُهبتُ شخصية قوية والتي تبقيني شخصًا فعالًا وسليمًا. إلا أنه هناك بالتأكيد أجزاء مجنونة مني".

ما يجول في ذهني الآن هو تصور جودي فوستر وهي ساهرة طوال الليل، تحتسي تيكيلا وترقص على وقع طبول "موسيقى الرقص الإلكترونية EDM"، لذلك طلبت منها بعض التفاصيل حول هذه الأمور المجنونة. قالت: "حسنًا، أعتقد أن الكثير من الناس سيقولون إنني مهووسة بضبط النفس". أقول لها: لذا، فإن الطريقة التي تقنعينني بها بأنك لست خاضعةً لضبط النفس كليًا؛ هي من خلال إخباري بأنكِ مهووسة بضبط النفس؟ تضحك وتقول: "هناك أمور أصبح فيها عصبية، أعدك!"، أسألها، مثل ماذا؟ ترد قائلةً: "لدي طريقة تفكير سحري، بأنني يمكنني التعامل مع أي شيء، وهذا ليس أمرًا صحيًا". مرة أخرى، يبدو هذا وكأنه طريقة أخرى لوصف ضبط النفس، لكن يبدو من الظلم السخرية من جودي فوستر بسبب امتلاكها الخاصية التي جعلت حياتها ممكنة.

أتحدث مع جودي فوستر عبر الهاتف وذلك أثناء قيادتها إلى منزلها في لوس أنجلوس بعد غداء عمل. عرف. ذلك اليوم فوضى في المكالمات الهاتفية، مع عدم قيام جودي فوستر بالاتصال لمرتين خلال الأوقات التي حُددت للاتصال من قبل. ولكن بدلًا من القيام بما سيقوم به معظم المشاهير الكبار في هذه الظروف -كأن يتجنبوا ذكر الأمر أو يقوموا بإلقاء اللوم على شخص آخر- تقضي جودي فوستر أول 30 ثانية من مكالمتنا وهي تعتذر عن "اللخبطة"، وتتحمل مسؤولية أنها "حصلت على رقم هاتف غير صحيح، أنا آسفة جدًا". هناك صراحة جذابة في شخصية جودي فوستر، لدرجة أنني أتصور، أنه في بعض الأحيان لم تساعدها هذه الصفة في عالم هوليوود، ولكنها عملت لصالحها على المدى الطويل.

هناك صراحة جذابة في شخصية جودي فوستر، لدرجة أنني أتصور، أنه في بعض الأحيان لم تساعدها هذه الصفة في عالم هوليوود

السبب الذي يجعلنا نتحدث اليوم هو تألقها في فيلم الإثارة والخيال العلمي "Hotel Artemis"، وهو أول دور تمثله جودي فوستر منذ خمس سنوات، منذ أن كانت ممثلة مساعدة مع مات ديمون في فيلم "Elysium". وفي غضون ذلك، قامت بإخراج فيلم (Money Monster، بطولة جورج كلوني وجوليا روبرتس) والعديد من الحلقات التلفزيونية، بما في ذلك حلقتان من مسلسل "Orange Is the New Black"، وحلقة من مسلسل "House of Cards"، وحلقة أخرى من الجزء الأخير من مسلسل "Black Mirror".

اقرأ/ي أيضًا: سينا ميلر: شغفي بالتمثيل لا حدود له

تقول جودي فوستر: "أن تكون في الخمسينيات من عمرك -تبلغ فوستر من العمر 55 عامًا- فإن هذا بمثابة فترة انتقالية بالنسبة للممثلين، فأنت لست كبيرًا بما فيه الكفاية لأداء أدوار الشخصيات الكبيرة في السن، ولست صغيرًا كذلك بما فيه الكفاية لأداء أدوار الشخصيات الصغيرة في السن، لذا شعرت أنه، حسنًا، هذا هو الوقت لممارسة مهنة الإخراج".

أخبرها: لا يمر الممثلون بهذه الفترة الانتقالية، فقط الممثلات هنّ من يمرون بها، ألا تجد أن ذلك محبط؟ ترد قائلةً: "لا أعرف ما إذا لم يكن هذا هو الحال بالنسبة الرجال". أقول: حقًا؟، فتقول "هذا ما يحدث، وهذا أمر طبيعي. لا يوجد فقط الكثير من الأدوار المناسبة لهذا العمر. لكنني توقعت تلك الفترة وأشعر وكأنني صنعت الشهرة واغتنمت الفرصة في سنوات شبابي، وأستطيع التعبير عن نفسي الآن من خلال الإخراج. لكن بين الحين والآخر يأتي شيء أصيل ولا يكون مجرد امتياز آخر مثل غيره".

يعتبر فيلم "Hotel Artemis" بالتأكيد شيئًا أصيلًا. تؤدي جودي فوستر فيه دور ممرضة بأسلوب باربارا ستانويك اللاذع في الحديث "كان ذلك ممتعًا للغاية!" تدير في الدور مستشفى سريًا خاص بالمجرمين، الذين يؤدي أدوارهم جيف غولدبلوم، وستيرلينج كلبي براون، وتشارلي داي، وصوفيا بوتلة. فيلم ممتع، على الرغم من انهياره بشكل غير منطقي تمامًا قرب نهايته، ولكن تركز الكثير من الحديث حول الفيلم على مظهر جودي فوستر، حيث وُضع مكياج لها يجعلها تبدو أكبر من عمرها بحوالي 20 عامًا على الأقل. أسألها عمّا إذا كان صحيحًا أنها تعاركت مع المخرج من أجل السماح لها بالقيام بذلك.

تقولجودي فوستر: "فهمت الأمر. فعندما تتخذ خيارًا جريئًا، يجب عليك دائمًا الدفاع عنه والقتال من أجله، وكان هذا صحيحًا في الكثير من الشخصيات التي أديتها، كما هو الحال في فيلم "المتهم - The Accused"، بعض القرارات التي اتخذتها عندما أديت هذه الشخصية أخافت الناس".

لطالما كان لدى هوليوود رعب خاص من النساء اللواتي لا يظهرنّ بمظهر مثير على الشاشة

أسألها: هل ذلك لأن صناع الأفلام يقللون من شأن ما يريد أن يراه الجمهور؟ تقول: "أعتقد أنهم فقط خائفون لأنهم لا يفهمون عملية الإبداع، وهذا أمرٌ مفهوم... لكن بمجرد أن تكلمت مع المخرج حول هذا القرار، لم تكن لديه مشكلة بشأن ذلك الأمر". لكن المخرج -درو بيرس- هو من كتب السيناريو الخاص بالفيلم. هل كانت شخصيتها لا تبلغ السبعين من العمر في السيناريو الأصلي؟ صمتت جودي فوستر، كما لو أنه قُبض عليها على حين غرة، وردت: "لا لا، كان ذلك في السيناريو، لكنهم ارتعبوا فقط عندما شاهدوا تجارب الماكياج. أعتقد أنهم فضلوا... بل أرادوا التأكد من أن الجمهور لن يتفاجأ أو يُصدم. لكنني أمر بمثل هذا في كل فيلم".

اقرأ/ي أيضًا: براين كرانستون: الشهرة ورطة والتملّق مزعج!

لطالما كان لدى هوليوود رعب خاص من النساء اللواتي لا يظهرنّ بمظهر مثير على الشاشة، لكن في مسيرتها الفنية لم ترتدي جودي فوستر أبدًا ثوبًا ناعمًا مثيرًا بلا سبب، أو قامت بفيلم حركة وهي ترتدي حذاء ذا كعب عالٍ سخيف. ولعل أشهر زي لها في الأفلام هو على الأرجح السترة البنية، والبنطلون الجينز، والحزام، وهو الزي الذي ارتدته في فيلم "The Silence of the Lambs". يؤكد فيلم "Hotel Artemis" بدون قصد مدى ندرة هذه الأدوار بالنسبة للممثلات، لأنه بينما تركض جودي فوستر عبر ممرات الفندق بشعرها الرمادي وتجاعيدها المزيفة، فإن الممثلة الأخرى الوحيدة في الفيلم، صوفيا بوتيلة، ترتدي بلا سبب واضح ثوبًا قصيرًا كاشفًا، وتضع مكياجًا جريئًا مثيرًا، إذًا ألا يزعج هذا النوع من السخافات جودي فوستر؟ قالت: "لا.. لا، أعتقد أن فستان صوفيا يمثل جزءًا من شخصيتها"، أخبرها، لكنها تؤدي دور قاتلة مأجورة دولية! تعقب جودي فوستر: "حسنًا، في السيناريو الأصلي كانت تحضر حدثًا فنيًا مسبقًا، لذلك كان هناك سبب لظهورها بذلك المظهر"، ما تزال مصرة على ألا تأخذ موقفًا. أقول لها لكن بحقك: لم ترتدي أبدًا أي شيء كهذا في أي من أفلامك. ردت جودي فوستر: "لا، لكن مهنة صوفيا ومهنتي مختلفتان للغاية. نشأت صوفيا وظهرت في عالم الخيال والفانتازيا، في حين كان عالمي أكثر ارتكازًا على الواقعية. لذلك هناك مرجعيات مختلفة".

تُعرف جودي فوستر بتجنبها الإدلاء بالتصريحات السياسيّة، وتملّصت بشكل متكرر وببراعة أثناء حوارنا من أي تعليقات مثيرة للجدل مثل قطة في الظلام. عندما أسأل كيف تعيش في الولايات المتحدة في ظل حكم ترامب، تقول: "إننا نعيش في وقت غريب للغاية على الصعيد العالمي"، وهذا صحيح بالتأكيد، ولكنها ليست إجابة صريحة. وعندما أسألها عما إذا كانت حملة #MeToo -والتي تعتبر أكبر حملة توقعها المتهمون ربما منذ أكثر من 30 عامًا على عدة أصعدة- غيرت هوليوود. تقول: "أصبح هناك وعي جديد. سيكون مثيرًا للاهتمام أن ننظر مرة أخرى على هذه الحقبة التي لم يسبق لها مثيل. أقول لنفسي، توقفي عندك يا جودي، ها أنت قادمة بقوة، ألستِ كذلك؟".

من الواضح أن لدى جودي فوستر آراء، لكن امتناعها عن مشاركتها طوال حياتها هو علامة أخرى على مدى ضبط النفس لديها. وكما قالت في حفل جوائز غولدن غلوب، فإنها لن تشارك في لعبة المشاهير المتمثلة في القيام بما هو متوقع منها، إذا لم ترغب في ذلك. دليل مفاجئ على ذلك كان هو صداقتها مع ميل جيبسون، واختيارها له ضمن طاقم تمثيل فيلم "The Beaver"، الذي أخرجته، بعد فترة طويلة من تحوله إلى شخص غير مرغوب به في هوليوود بعد فضائح عديدة تدور حول عنصرية، ومعاداة السامية والتحيز الجنسي.

جودي فوستر مع ميل جيبسون

تقول جودي فوستر: "أحبه، وعندما تمتلك صديقًا تحبه، فإنك تدعمه خلال صراعاته". أقول لها إنه كان لديه الكثير من الصراعات. تقول: "نعم، الكثير من الصراعات، وعليه أن يعيش مع تبعات أفعاله، وكان سيقول لكِ نفس الشيء". تعلم جودي فوستر أنكم على الأرجح تستنكرون ذلك، كما تعلم أن معظم الناس يستنكرون ذلك. لكنها لا تهتم.

ظهرت موهبة جودي فوستر بشكلٍ جلي على الفور، وأكثرها شهرةً ووضوحًا هو دور الطفلة التي تمارس البغاء في فيلم "Taxi Driver"

وُلدت جودي فوستر في لوس أنجلوس، وهي الأصغر بين ثلاثة أطفال. انفصل والداها قبل ولادتها وبدأت العمل عندما كانت في الثالثة من عمرها، وذلك عندما اختاروها بدلًا من شقيقها -بودي- للتمثيل في إعلان تجاري لواقٍ للشمس. (كتب شقيقها بودي لاحقًا كتاب سيرة ذاتية عن العائلة في التسعينيات، يكشف فيه تفاصيل خاصة دقيقة، مما دفع جودي فوستر إلى إصدار بيان نادر، مشيرةً إليه بصفته "أحد المعارف البعيدين"، إذ قالت "لم يفعل بودي أي شيء سوى كسر قلب أمنا طوال حياته").

اقرأ/ي أيضًا: ديان لين: أحاول ألا ألفت الأنظار إليّ

ظهرت موهبة جودي فوستر بشكلٍ جلي على الفور، وأكثرها شهرةً ووضوحًا هو دور الطفلة التي تمارس البغاء في فيلم "Taxi Driver"، الدور الذي حصلت بسببه على أول ترشيح لجائزة الأوسكار خاص بها. اندهش روبرت دي نيرو بمهارتها لدرجة أنه شملها برعايته أثناء التصوير. أثنت جودي فوستر عليه وعزت إليه تعليمها "مهنة التمثيل".

لم يسبق لها أبدًا أن أدت هذا النوع من الأدوار اللطيفة المرتبطة بالأطفال تقريبًا. عوضًا عن ذلك، أدت شخصيات صعبة مثل: المغنية والمُومس في فيلم "Bugsy Malone"، والغامضة المنعزلة في فيلم "The Little Girl Who Lives Down the Lane". بعد إنهاء الدراسة في جامعة ييل، حيث تمت مطاردتها أولًا من قبل جون هينكلي جونيور، الذي حاول اغتيال الرئيس ريغان، ثم بعد ذلك من قبل إدوارد ريتشاردسون، الذي قال إن هينكلي أمره في حلمٍ بإنهاء ما بدأه، واستمرت على هذا المنوال خلال مرحلة البلوغ. لم تقم جودي فوستر أبدًا بأداء أدوار "الخليلة" أو "الزوجة" -"بشكلٍ صحيح"، تقول بكل تأكيد عندما أخبرها بهذا- لكن بدلًا من ذلك دائمًا ما تؤدي أدوار الشخصيات المعقدة والصعبة.

تقول جودي فوستر: "لم أكن أبدًا مهتمةً بالعمل في مهنة ما لمجرد العمل فحسب. أردت فقط أن أروي القصص التي أراها مثيرة، ولم أكن جيدة للغاية في دور الخليلة، لذلك، لا، لم أفعل ذلك أبدًا. كنت أعمل فقط عندما أجد شيئًا يحرك مشاعري ويؤثر فيّ".
من المحتمل أن ذلك لم يحدث في كثير من الأحيان، نظرًا لندرة الأدوار المثيرة للاهتمام الخاصة بالنساء. أقول لها، كم مرة يظهر لنا سيناريو يتناول قصة عميلة في وكالة الاستخبارات تطارد قاتل متسلسل بمساعدة من أحد أكلة لحوم البشر؟ تقول جودي فوستر: "هذا صحيح، ربما أعمل أقل من الآخرين، لكنني أفضل أن أكون أكثر تمييزًا. تغيرت الصناعة كثيرًا مؤخرًا، مع نهاية نظام التسجيل في الأستوديو، وصعود الأبطال الخارقين والبث المباشر. لكن الشيء الوحيد الذي أثق به هو جودة القصص، وقررت التركيز على ذلك. ربما لم تنجح بعض أفلامي، لكنني على الأقل تمسكت بنفس المبدأ. لهذا السبب لست الممثلة الأغنى، أو الأكثر نجاحًا. لكن أعتقد أنني صاحبة أطول حياة مهنية".

قامت براندي والدة جودي فوستر، بتوجيه مهنة ابنتها خلال فترة الطفولة، وتربط الاثنتين علاقة صداقة قوية. تقول جودي فوستر إنه أصبح لديها الآن فقط "تقدير كامل" لمدى حماية والدتها لها في هذا المجال ومساعدتها على الانتقال لتكون ممثلة ناضجة. تعاني والدتها الآن من مرض الخرف، لكن جودي فوستر تقول بمرح "إنها في الحقيقة تبلي بلاءً حسنًا، وستعيش أطول منا جميعًا، كما يمكنها الاستمتاع كليًا باثنتين من أنشطتها المفضلة: تناول الطعام ومشاهدة الأفلام".

رغم ذلك، وبقدر ما تركز جودي فوستر على المحور المبهج في طفولتها، أظهر عملها في بعض الأحيان بعض الازدواجية والتناقض. كان أول فيلم بارز أخرجته، Little Man Tate، تدور أحداثه حول عن طفل معجزة يعاني من ألمٍ عاطفي مروع؛ لأنه يشعر بأنه ممزق بين طموحه في الإيفاء بإمكانياته ورغبته في أن يكون طفلًا عاديًا. تقول جودي فوستر "نعم، كنت أحاول تجاوز وحل شيء ما في هذا الفيلم، ويبدو فيلم Little Man Tate بمثابة سيرة ذاتية بالنسبة لي".

في حين أنه في فيلم "Little Man Tate"، تريد الأم، التي قامت جودي فوستر بتأدية دورها، أن يعيش طفلها حياة طبيعية، أرادتها والدتها أن تعمل. أقول لها: لابد وأنكِ قد شعرت بأنك تحت ضغط غير عادي وفي صراع كبير مع نفسكِ عندما كنتِ طفلة.

تقول جودي فوستر إنها تشعر "بالأمومة" تجاه الأطفال النجوم الآخرين، خاصة أولئك الذين مثلت معهم

"أشعر بذلك الضغط في كل يوم من حياتي! أكافح لأكون تلك الابنة التي تريد رعاية أمها، وامرأة تريد أن تعيش بعيدًا". في ArkAngel -الحلقة التي أخرجتها جودي فوستر من مسلسل Black Mirror، والتي تستخدم فيها الأم شريحة من أجل تتبع تحركات ابنتها- "يوجد بها جزء كبير من السيرة الذاتية، بالإضافة إلى علاقة الأمهات وبناتهن".

اقرأ/ي أيضًا: جود لو: صدّقوا ما يفعله الفنّان لا ما يقوله!

تقول جودي فوستر إنها تشعر "بالأمومة" تجاه الأطفال النجوم الآخرين، خاصة أولئك الذين مثلت معهم، ومن ضمنهم كريستين ستيوارت، وسيث غرين، وكلير دينس. مضيفةً "لدينا نوع خاص من المصافحة لا يفهمه باقي الأشخاص، سأبحث عنهم وأساندهم عندما يواجهون أوقاتًا عصيبة. فأنا أفهم الأمر".

اتخذت جودي فوستر الخيار الراسخ بعدم وضع أطفالها على خشبة المسرح. أصبح لديها ولدان، تشارلي (20 عامًا)، وكيت (16 عامًا)، بينما كانت مع شريكتها السابقة سيدين بيرنارد -فوستر الآن متزوجة من المصورة ألكساندرا هديسون- وتقول إن إبقاءهم خارج دائرة الضوء كان "قرارًا واعيًا… أعلم أن مخاطر وجود والد منخرط بالفعل في شكل الفن الخاص بك كبيرة للغاية". وتضيف جودي فوستر بفخر "أصبح ابني الأكبر سنًا أكثر اهتمامًا بالتمثيل الآن، ويسعدني أنه اكتشف ذلك في وقت متأخر.. أما ابني الأصغر فهو حقًا خجول، ويمكنني أن أعدكِ بأنه لن يكون ممثلًا أبدًا".

في الوقت الحالي، لا يوجد لدى جودي فوستر مشاريع مرتقبة -وهذا الأمر لا يضايقها على الإطلاق. تقول" "أحب أن أنتظر وأتمهل.. أتعلمين، أنا متحمسة للغاية للتمثيل وأنا في الستينات والسبعينات من عمري. أعتقد أن الأدوار ستكون أكثر إثارة بكثير!" تقول ذلك بينما تطلق العنان لضحكة بلا ريب خالية من الهم وجامحة وهانئة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إيمي شومر: أعتمد في قراراتي على غرائزي

كيت بلانشيت: "لم أكن لأرضخ للتحرش الجنسي"