07-ديسمبر-2015

(آدم بري/أ.ف.ب/Getty)

مع انطلاق الهبة الجماهيرية في الأراضي الفلسطينية، ومع تزايد وتيرة الأحداث على الساحة منذ ما يقارب الشهرين، وجدت إسرائيل نفسها عاجزة أمام عمليات الطعن التي ينفذها الفلسطينيون ضد المستوطنين وجنود الاحتلال. تحدث العمليات يوميًا ومن دون أي سابق إنذار. الأمر الذي أدى إلى انعدام الأمن بين الإسرائيليين خوفًا على حياتهم.. فقد يتعرضون للطعن في أي وقت وفي أي مكان، تمامًا كما يفعلون بحيوات الفلسطينيين.

عمل ذلك على زيادة ضغط الشارع الإسرائيلي على حكومته، ما دفعها إلى زيادة التشديدات الأمنية في الداخل المحتل ونشر واستدعاء قوات كبيرة من جنود الاحتياط في الضفة الغربية وعلى الحواجز الفاصلة بين مدنها. ولكن ذلك لم ينجح فعليًا، لأنها لا تواجه جيشًا أو جهة منظمة. تواجه أفرادًا بنوايا مبطنة لا يعرفها إلا هم. وتعي إسرائيل خطر ذلك جيدًا. فأصبحت لا تفرق بين فلسطيني وآخر. وبدأت بقتلهم وتصفيتهم ميدانيًا بذريعة الاشتباه بهم أو محاولة تنفيذ عملية طعن، وتكتفي بإلقاء سكين بجانب جثمان الشهيد لإضافة المصداقية لروايتها، ما يثبت وحشية وتخبط الاحتلال ومؤسسته الأمنية.

عقدت نائبة وزير الخارجية هوتوفلي اجتماعات مع ممثلي شركات كل من يوتيوب وجوجل لفرض رقابة على مقاطع الفيديو

حاولت إسرائيل وما زالت تحاول البحث عن وسيلة توقف أو تقلص هذه العمليات على أقل تقدير. أنشأت قسمًا عربيًا جديدًا في وحدة "سايبر" التابعة للشاباك، والتي تعمل على اختراق وتتبع حسابات الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، لتعقب ما سمته "النوايا الجنائية" لدى الفلسطينيين، وهذا غير شرعي، لكن إسرائيل لا تعترف بالقوانين. ليس هذا وحسب، بل أطلقت أيضًا آلاف الحسابات على موقع "فيسبوك" باللغة العربية، للحصول على معلومات عن طريقها ومحاولة استدراج الفلسطينيين إلى زاوية تزويدهم بمعلومات أو نوايا عن أعمال قد يقومون بها ضد إسرائيل، عن طريق مراقبة المنشورات أو إجراء محادثات وتوجيه أسئلة قد تمكنهم من الوصول والتعرف إلى هويات كل من يضمر أو يخطط لعمليات ضدها.

لا يتوقف الأمر عند معرفة النوايا أو هوية من يحاول تنفيذ العمليات. ما يقلق إسرائيل أيضًا هو انتشار مقاطع فيديو يظهر من خلالها عمليات قتل وتصفية لشبان وشابات ادعت أن بحوزتهم سكينا لتنفيذ عمليات طعن، وهذا ما تنفيه بالتأكيد تلك المقاطع. كما أنها تظهر صورًا لوجوه جنود وضباط إسرائيليين قاموا بإجراء هذه الإعدامات، وهذا يزيد من قلق إسرائيل خوفًا من التعرف على هويات هؤلاء الجنود أو تقديمهم لمحكمة الجنايات الدولية هم وقادتهم.

 وتبعًا لذلك فقد عقدت نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي وعضو الكنيست تسيبي هوتوفلي اجتماعات مع ممثلي شركات كل من "يوتيوب وجوجل"، لإيجاد طرق للتعاون على فرض رقابة على مقاطع الفيديو التي ينشرها الفلسطينيون، لأنها "تحرض على العنف والإرهاب". يا للوقاحة.

تعاون جوجل ويوتيوب مع إسرائيل في مثل هذا الأمر يعتبر مشاركةً في جرائمها ضدّ الفلسطينيين

وقالت هوتوفلي -الوقحة- في مؤتمر صحفي لها أمام وسائل إعلام عبرية أن مثل هذه المقاطع تقود الأطفال الصغار للقيام بعمليات طعن وهجمات يومية ضد الإسرائيليين، وأن شبكات التواصل الاجتماعي تعتبر أكبر مصدر للتحريض اليومي، وتابعت قولها إن إدارة جوجل وافقت على تعزيز العلاقات الثنائية مع وزارة الخارجية الإسرائيلية، والتعاون معها ضمن آلية شراكة لرصد المواد المنشورة وفرض الرقابة عليها. لكن القرار ما زال هلاميًا، ويجب محاربته.

هذه التصريحات التي أدلت بها هوتوفلي، قد تحرك الموقف الشعبي الفلسطيني الذي من جهته سوف يقوم بالضغط على إدارة شركة "جوجل ويوتيوب" من أجل التراجع عن ذلك التعاون الذي يعتبر ضدهم، ويخدم مصالح إسرائيل علنًا، ضدّ الضحايا الأبرياء. وقد يضع هذا الموقف إسرائيل في موقع الشريك بالجرائم التي تنفذ بحقهم يوميًا.

اقرأ/ي أيضًا:
القيود الأمنية تخلق صحفًا متشابهة
أمن السلطة الفلسطينية يستهدف "العربي الجديد"