14-ديسمبر-2020

لويز غلوك نوبل للآداب 2020

طوت جائزة "نوبل" للآداب في هذا العام صفحة أزماتها السابقة التي أثارتها خلال عامي 2018 - 2019. أو، على الأقل، نجحت في صرف الانتباه عنها عبر تفادي الجهة المانحة لها، الأكاديمية الملكية السويدية، إثارة أزمة جديدة تعيد إلى الواجهة ما سبقها من أزماتٍ هددت مصداقيتها، ووضعتها على المحك.

الفضيحة الجنسية التي ضربت الأكاديمية الملكية السويدية سنة 2018، وتسببت حينها بحجبها واستقالة عددٍ من أعضائها، بالإضافة إلى أزمة منح الجائزة للكاتب النمساوي بيتر هاندكه، صاحب المواقف السياسية المتطرفة، عام 2019؛ طويت صفحتهما هذا العام بعد إعلان الأكاديمية السويدية في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، فوز الشاعرة الأمريكية لويز غلوك بـ"نوبل" لعام 2020، وذلك تقديرًا لصوتها: "الشعري المميز الذي يضفي بجماله المجرد طابعًا عالميًا على الوجود الفردي"، وفقًا لما أعلنه ماتس مالم، السكرتير الدائم للأكاديمية.

طوت الأكاديمية الملكية السويدية صفحة أزماتها السابقة عبر منحها "نوبل" لشاعرة أمريكية لا تتجاوز شهرتها حدود بلادها

إذًا، استبدلت "نوبل" الجدل الذي عنونَ مواسمها السابقة بـ "مفاجأة" شغلت الصفحات الثقافية لمختلف الصحف العالمية، إذ إن الشاعرة الأمريكية المتوجة لم تكن ضمن لوائح الترشيحات أو التوقعات الموسمية، بالإضافة إلى أن شهرتها لا تكاد تتجاوز حدود بلادها، على العكس تمامًا مما هو عليه حال المرشحين الدائمين للجائزة، مثل بول أوستر، ومارغريت أتوود، ونغوغي وا ثيونغو، وهاروكي موراكامي، وميشيل ويلبيك، وغيره.

اقرأ/ي أيضًا: "نوبل" لويز غلوك وضرورة إعادة النظر في علاقتنا بالشِّعر

لا يمكن أن ننسى في سياق الحديث عن الأسماء الأدبية المرشحة للفوز بـ "نوبل"، ذكر الكاتب التشيكي-الفرنسي ميلان كونديرا الذي ضلت الأكاديمية السويدية الطريق إليه مجددًا. ولكن مؤلف "كائن لا تحتمل خفته" قد لا يبدو مكترثًا بالتتويج بأرفع جائزة أدبية في العالم، بقدر اكتراثه بمسألة استعادة اعتباره في بلده الأم، وهو ما بدا أنه تحقق من خلال استعادته لجنسيته التشيكية العام الماضي، بعد نحو أربعين عامًا على سحبها منه، بالإضافة إلى نيله جائزة "فرانز كافكا" التي تنظمها "جمعية كافكا" وبلدية العاصمة التشيكية براغ.

لا شك في أن ميلان كونديرا جدير بالفوز بالجائزة التي حملت اسم مواطنه كافكا، ومما لا شك فيه أيضًا أن تتويجه بها بعد كل هذه السنوات، وعقب عامٍ واحد فقط على استعادته لجنسيته الأم، خطوة إضافية من خطوات التكفير عما لحق به خلال الحقبة السوفياتية وما تلاها. وإذا كان السبب الأخير هو السبب المُضمر غير الظاهر للعلن، فإن السبب العلني لمنحه الجائزة، بحسب رئيس "جمعية كافكا" فلاديمير سيليزني، هو: "مساهمته غير العادية في الثقافة التشيكية، والتأثير الذي لا يمكن تجاهله في الثقافة الأوروبية والعالمية".

وإلى جانب "نوبل" و"كافكا"، لا بد من التوقف أيضًا عند جائزة "غونكور" التي حصدتها هذا العام رواية "خلل" (غاليمار)، لمؤلفها الفرنسي هيرفي لوتيلييه. ولعل المفاجئ في نسخة "غونكور" لهذا العام، بالنسبة إلى البعض، هو إعلان لجنة تحكيمها اسم الفائز عبر تقنية البث المباشر، بعيدًا عن مقهى "دروان" الذي اعتادت لجان تحكيم الجائزة على التوجه إليه لإشهار عنوان العمل الذي وقع اختيارهم عليه، الأمر الذي بدا بعيدًا عن متناول اليد هذا العام، بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي التي فرضتها تداعيات تفشي وباء كوفيد – 19.

وفي الوقت الذي أُعلن فيه عنوان العمل الفائز بـ "غونكور" لهذا العام، كانت لجنة تحكيم جائزة "رونودو" بدورها تفعل الأمر نفسه، حيث منحت الجائزة للكاتبة الفرنسية ماري هيلين لافون عن روايتها "قصة الابن" (بوشيه شاستيل)، فيما توجت رواية "القلب الاصطناعي" (سيول) لمؤلفتها كلوى دلوم بجائزة "ميديسيس"، ونالت رواية "الطبيعة البشرية" (فلاماريون) لصاحبها سيرج جونكور، جائزة "فيمينا"، ليختتم بذلك موسم الجوائز الأدبي الفرنسي الذي أغلق أبوابه بعد الإعلان عن الفائز بجائزة "رونودو" المذكورة أعلاه.

اقرأ/ي أيضًا: نوبل للآداب.. تاريخ من التسييس المتأصل والخروقات

وعلى صعيد الجوائز الإسبانية، أعلنت لجنة تحكيم جائزة "ميغيل دي ثربانتس" فوز الشاعر والأكاديمي الإسباني فرانسيسكو برينيس بالجائزة للعام (2020)، مُرجعةً سبب فوزه إلى نوعية مسيرته الأدبية والإبداعية التي راكم خلالها، وعلى مدار 60 عامًا، ما مكنّه من حجز مكانة مميزة لنفسه داخل المشهد الأدبي الإسباني، بالإضافة إلى: "تجاوزه ما هو مجسد إلى الميتافيزيقي والروحاني، إلى مقاصد الجمال". بينما يعيد برينيس سبب ولعه بالشعر إلى اعتقاده بأنه يمنح الإنسان الرغبة بالمعرفة، تلك التي تجعله أكثر وضوحًا، ويعطيه الشغف الذي يجعله أكثر قوة وصلابة، عدا عن أنه وسيلة نجاة، وطريقة للعيش بشكلٍ أفضل، على الأقل بالنسبة له.

وبالإضافة إلى جائزة "ميغيل دي ثربانتس" التي يقال إنها النسخة الإسبانية من "نوبل" للآداب، تحظى جائزة "أميرة أستورياس" بمكانةٍ لا تقل أهمية عن سابقتها، خصوصًا خلال العقود القليلة الأخيرة. هذه السنة، حصدت الجائزة الكاتبة والشاعرة الكندية آن كارسون، وهي ثالث امرأة تفوز بالجائزة على التوالي خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بعد الفرنسية فرِد بارغس (2018)، والأمريكية سيري هستفيدت (2019).

حصد الكاتب التشيكي – الفرنسي ميلان كونديرا جائزة "فرانز كافكا" تقديرًا لمساهمته غير العادية في الثقافية التشيكية

وأعادت لجنة تحكيم الجائزة سبب تتويجها لكارسون إلى أنها، في مجمل كتاباتها المختلفة: "وصلت إلى مستويات من الكثافة والملائمة الفكرية تضعها بين أبرز الكتّاب المعاصرين. فمن خلال دراستها للعالم اليوناني – اللاتيني، قامت بتأسيس شعرية مبتكرة نعثر فيها على حيوية الفكر الكلاسيكي العظيم الذي يمتدّ مثل خريطة تساعدنا على فهم تعقيدات اللحظة الراهنة". وأضافت اللجنة في بيانها: "إن عملها يحافظ على الالتزام بالعطافة والفكر، مع دراسة للتقاليد والوجود المتجدد للإنسانيات كوسيلة لتحقيق وعي أفضل لعصرنا".

بدورها، أعلنت جائزة "فيديريكو غارثيا لوركا" العالمية للشعر فوز الشاعرة الفنزويلية يولندا بانتين في دورتها لهذا العام، تقديرًا لتطويرها: "رحلة طويلة وعميقة بأدوات متنوعة في الخطاب الشعري، بدايةً من تجولها المبدئي في الشعر الحواري بلغات سنتمنتالية، حتى بَصمتها المطلقة التي ترسم ضبابات الشرط الإنساني وهشاشته". فيما حصدت الكاتبة الإسبانية إيفا غارسيا ساينز جائزة "بلانتيا"، ثاني أكبر جائزة أدبية في العالم بعد نوبل نظرًا لقيمتها المالية المرتفعة، والبالغة نحو 600 ألف يورو.

اقرأ/ي أيضًا: جوائز 2019 الأدبية في حصادها

أما بالنسبة إلى موسم الجوائز الأدبي البريطاني لهذا العام، حصدت رواية "قلق الأمسيات" للكاتبة الهولندية ماريكا لوكاس رينفيلد، جائزة "مان بوكر الدولية" التي تُمنح للروايات المترجمة إلى اللغة الإنجليزية، فيما ذهبت "مان بوكر"، النسخة المخصصة للروايات المكتوبة باللغة الإنجليزية، إلى رواية الكاتب الإسكتلندي دوغلاس ستيورات المعنونة بـ "شَغي باين".

والملفت للانتباه في نسخة العام الحالي من "البوكر" أن ماريكا لوكاس رينفيلد هي أول وأصغر كاتبة هولندية تفوز بالجائزة، فيما يُعتبر دوغلاس ستيورات ثاني إسكتلندي ينالها بعد مواطنه جيمس كيلمان الذي حصدها سنة 1994، بالإضافة إلى أن لجنة التحكيم، بتتويجها لستيورات، تكون قد توجت رواية أولى، باكورة، لأول مرة منذ نحو عشر سنوات.

وعلى صعيد الجوائز الأدبية الألمانية، مُنحت جائزة "جورج بوشنر" للكاتبة والشاعرة الألمانية إلكا إرب، فيما حصدت مواطنتها آنا فيبر جائزة "الكتاب الألماني" التي تُمنح على هامش معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، عن روايتها "أنيته، ملحمة بطلات" التي وصفت بأنها رواية استلهمت مؤلفتها الشكل الأدبي الشعري لكتابتها.

عربيًا، أعلنت "المؤسسة العامة للحي الثقافي – كتارا" في تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، عن أسماء الفائزين بجائزة "كتارا للرواية العربية" في نسختها السادسة، وهم، عن فئة الروايات العربية المنشورة: الموريتاني الشيخ أحمد البان عن روايته "وادي الحطب"، والفلسطيني – الأردني إبراهيم نصر الله "دبابة تحت شجرة عيد الميلاد"، واللبنانية فاتن المر "غبار 1918"، والتونسية فتحية دبش "ميلانين"، والمصري محمد المخزنجي "الرديف.

في المقابل، حصدت رواية "الديوان الإسبرطي" للكاتب الجزائري عبد الوهاب عيساوي "الجائزة العالمية للرواية – البوكر" لهذا العام، وسط دعوات عديدة لمقاطعة الجائزة على خلفية المواقف المشينة لدولة الإمارات العربية المتحدة، الجهة الممولة لها، لا سيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. أما بالنسبة لجائزة "الطيب صالح"، فقد مُنحت للكاتب المغربي عبد الباسط زخنيني عن روايته "الغراب"، في الوقت الذي أعلنت فيه جائزة "نجيب محفوظ" إرجاء موعد الإعلان عن أسماء الفائزين بها إلى إشعار آخر، وهي الخطوة التي اتخذتها أيضًا جائزة "الملتقى للقصة القصيرة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

النسخة 92 من الأوسكار.. مفاجآت وخيبات كما في السينما نفسها

أفضل وثائقي في "بافتا" لفيلم "إلى سما".. الجائزة رقم 53