13-أغسطس-2021

تحاول إثيوبيا عرقلة مساعي التسوية (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

تحدثت مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة عن اتصالات واسعة النطاق تقوم بها إثيوبيا مع عدد من العواصم الأوروبية بالإضافة للصين وروسيا، للحديث عن دور مصري وسوداني في دعم قوات التمرد في تيغراي وبني شنقول وقُمز، لاحتلال منطقة سد النهضة وبسط السيطرة عليه.

تحدثت مصادر دبلوماسية عن اتصالات واسعة النطاق تقوم بها إثيوبيا مع عدد من العواصم الأوروبية بالإضافة للصين وروسيا، للحديث عن دور مصري وسوداني في دعم قوات التمرد في تيغراي 

تتحدث تلك المصادر عن أن الجهود الإثيوبية تأتي استباقًا لجهود دبلوماسية تبذلها أطراف عدة، كان آخرها مبادرة الجزائر لحث الدول الثلاث على العودة إلى طاولة المفاوضات والوصول إلى اتفاق عادل وشامل وملزم، بشأن قواعد الملء وتشغيل السد في السنوات المقبلة.

اقرأ/ي أيضًا: سعي مصري لدعم أوروبي بشأن سد النهضة والسودان يتعهد بالوصول إلى اتفاق ملزم

ونقلت مصادر لصحيفة "العربي الجديد"، أن الرواية الإثيوبية تتقاطع مع التصعيد الأخير مع السودان المتهم من أديس أبابا بدعم متمردي  تيغراي. وكان السودان قد قام  باستدعاء سفيره من إثيوبيا الأحد الماضي للتشاور بعد اتهامات للخرطوم بالتدخل في أزمة تيغراي، وقال السودان إنه يعاني من آثار النزاع في الإقليم الإثيوبي وخاصة في ملف اللاجئين، مؤكدًا أن مبادرة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك تهدف لتشجيع الأطراف الإثيوبية على حل أزمة تيغراي سلميًا، وأن الاهتمام بحل الأزمة يأتي من الحرص على الاستقرار الإقليمي.

وتستند إثيوبيا في اتهاماتها إلى  تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ووزير خارجيته سامح شكري، عن استعمال جميع الحلول من قبل المصريين للدفاع عن حصتهم التاريخية في مياه النيل، لتستغل تلك التصريحات في مذكراتها المرفوعة إلى مجلس الأمن عن  احتمال تعرضها لاعتداء، وهو ما تجاوبت معه روسيا التي وجهت في كلمتها خلال اجتماع المجلس انتقادًا لما وصفته بالتهديد باستعمال القوة لحل النزاع بين الاطراف حول مشكل السد.

نفس المصادر قالت إنه لم يسبق للمسؤولين المصريين أو السودانيين أن تحدثوا عن أي تدخل أو دعم  لاحتلال المنطقة التي يقع فيها السد، وأضافت أنه سبق لمصر أن أبدت تحفظها على طرح أي مبادرة بشأن النزاع الإثيوبي الداخلي، والتركيز على قضية سد النهضة فقط، خلال لقاءات بين مسؤولين دبلوماسيين واستخباراتيين مصريين مع أعضاء في المجلس السيادي العسكري السوداني ودبلوماسيين من الخارجية السودانية، لكن الخرطوم ردت بأن  رئيس الوزراء أصر على إطلاق هذه المبادرة لإبداء حسن النوايا، وكذلك بموجب رئاسة السودان الحالية لمنظمة "إيغاد"، التي تضم إثيوبيا وإريتريا المنخرطتين في صراع تيغراي، بالإضافة إلى جنوب السودان وجيبوتي والصومال وكينيا وأوغندا.

تذهب تلك المصادر إلى أن أحد أسباب التحرك الإثيوبي هو  عجز أديس أبابا  عن الوصول إلى أي نقطة تفاهم مع الإدارة الأمريكية الحالية لحل الصراع في تيغراي. ولتجاوز هذه العقدة تسعى إثيوبيا إلى فتح جبهات أخرى لكسب  تعاطف عدد من  العواصم الغربية في ظل توقعات بأزمة اقتصادية ستشهدها البلاد، على الرغم من استمرار تدفق المساعدات الصينية والروسية والخليجية  بسبب تزايد الإنفاق العسكري على الحرب في إقليم تيغراي، والذي ساهم بشكل غير مباشر في غلق إثيوبيا عددًا من مقارها الدبلوماسية في عدد من العواصم الأفريقية والأوروبية والآسيوية، للحد من نفقات البعثات الديبلوماسية. وأشارت المصادر إلى أن  أديس أبابا تخلت عن  اللقاءات المباشرة لبعثاتها الدبلوماسية واستعاضت عنها بالتوسع في إقامة ندوات واجتماعات دورية مع  دبلوماسيين غربيين عن بُعد، لإطلاعهم على التطورات في عدد من القضايا المختلفة، ومنها ما تم مؤخرًا بإثارة موضوع اتهام  كل من مصر والسودان بالتدخل في الصراع الحالي في اقليم تيغراي.

من جهته، قال مصدر دبلوماسي مصري لنفس الصحيفة إن "اتهامات الإثيوبيين يجب أن تبرهن للعالم إفلاس حكومة آبي أحمد، وعدم جديتها في التعاطي مع أي مبادرة حقيقية لحل قضية السد، وأن القاهرة ما زالت ترحب بأي مبادرة، بشرط عدم وضع شروط إثيوبية تعجيزية تعرقلها". وأضاف المصدر أنه يمكن تفسير الاتهامات الإثيوبية الأخيرة باتجاه السودان، بأنها رد فعل على مطالبات جديدة قُدّمت لها من الصين تحديدًا في الفترة الأخيرة لإبداء مرونة في ملف سد النهضة، مع التعهد بتقديم دعم مالي كبير لمشاريع مستقبلية مقترحة للربط الكهربائي بين الدول الثلاث، وهو ما رحبت به مصر ليكون مدخلًا لتعظيم الاستفادة من السد كمورد تنمية لجميع الأطراف، كما تحمس له السودان الذي يعتمد على نسبة معتبرة من الكهرباء المستوردة من مصر وإثيوبيا.

وذكر المصدر أن الصين أكدت لمصر خلال الزيارات التي قام بها مسؤولون من بكين للقاهرة عن استعدادها للعمل على حل مُرضٍ لجميع الأطراف، مع الاستمرار في تعهدها السابق بتقديم الدعم الفني لتلافي وقوع أي ضرر على مصر خلال مراحل ملء السد المتعاقبة. وسبق أن كشفت مصادر دبلوماسية أن المبادرة الجزائرية لحل أزمة سد النهضة، تقوم في الأساس على التوفيق بين الدول الثلاث للجوء إلى المادة 10 من اتفاق المبادئ، المبرم في آذار/مارس 2015، لإيجاد وساطة ملزمة تنهي حالة الجمود في المفاوضات التي استمرت لعام ونصف و تخللها نجاح أديس أبابا في إنجاز مرحلتين من ملء السد.

تضمن المبدأ 10 من اتفاق المبادئ وجود وساطة دولية ملزمة، لكنه يتطلّب اتفاق الدول الثلاث على ذلك، وهو ما لم يحدث  في أي مرحلة من مراحل النزاع السابقة

ويتضمن المبدأ 10 من اتفاق المبادئ وجود وساطة دولية ملزمة، لكنه يتطلّب اتفاق الدول الثلاث على ذلك، وهو ما لم يحدث  في أي مرحلة من مراحل النزاع السابقة، فالخرطوم كانت تجدد ثقتها في إمكانية التغلب على الخلافات عن طريق استمرار المفاوضات، ثم عادت في الفترة الأخيرة لتطالب بالوساطة بعد فشل الاتفاق، أما أديس أبابا فهي ترفض اللجوء مرة أخرى إلى الرقابة أو الوساطة السياسية بحجة أن القضية أصبحت فنية فقط، أما القاهرة فتخشى استمرار إهدار الوقت من دون الوصول إلى اتفاق نهائي ملزم، خاصة  بعدما أصبح تحكم أديس بابا في السد أمرًا واقعيًا بعد إنجاز مرحلتين من الملء.