04-يوليو-2022
ضغوط إيرانية لوقف العملية التركية شمال سوريا (Getty)

ضغوط إيرانية لوقف العملية التركية شمال سوريا (Getty)

طغت العملية العسكرية التركية المرتقبة في ريف حلب الشمالي على مباحثات وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان خلال زيارته دمشق وأنقرة، ضمن مساعي اعتبرها مراقبون محاولة إيرانية لتطويق توسع النفوذ التركي المحتمل عبر الطرق السياسية والدبلوماسية، مع انشغال روسيا في حرب أوكرانيا وتفوق تركيا وحلفائها عسكريا في مناطق الشمال السوري، مقارنة مع التشكيلات العسكرية الشيعية المدعومة إيرانيًا والكردية المدعومة أمريكيًا.

طغت العملية العسكرية التركية المرتقبة في ريف حلب الشمالي على مباحثات وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان خلال زيارته دمشق وأنقرة

وفي التفاصيل، أعلن  وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، من دمشق خلال لقائه بنظيره في النظام السوري فيصل المقداد، أن طهران "تعمل حثيثًا على إيجاد حلّ سياسي لثني تركيا عن شنّ العملية العسكرية التي تهدد بها، في شمالي سوريا". كما أشار إلى أن الحكومة الإيرانية أبدت استعدادها لنظيرتها التركية "لتقديم حلّ سياسي للأزمة، واستعدادها كذلك للمساعدة في هذا الصدد"، متابعًا القول "سنبذل قصارى جهدنا لمنع شنّ عملية عسكرية".

علمًا بأن الوزير الإيراني سبق وأن أعلن تفهم بلاده"لقلق ومخاوف الحكومة التركية بشأن القضايا الحدودية الخاصة بها، وحاجتها لعملية جديدة ضد  حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية، في شمال سوريا، لكننا نعتبر أن أي إجراء عسكري في سوريا هو عامل مزعزع للأمن في المنطقة".

كما أفاد الوزير الإيراني أنه تطرق أمس الأحد أثناء اللقاء الذي جمعه برأس النظام السوري بشار الأسد، إلى العملية العسكرية التي تلوّح بها أنقرة، قائلًا عبر تغريدة على حسابه في تويتر أنه أبلغ الأسد بـ"المخاوف الأمنية التركية التي طرحها معي رئيس جمهورية ووزير خارجية هذا البلد الرئيس رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو خلال زيارتي الأخيرة إلى أنقرة". مضيفا: "قلت صراحة إن موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو حلّ القضايا عبر الحوار والتعاون ونعارض استخدام القوة وأي عملية عسكرية ضد سوريا". ناقلًا عن الأسد دعمه لـ"أي حل يعتمد الحوار وبمساعدة الجمهورية الإسلامية" حسب تعبيره.

في ذات الإطار نقلت وكالة الأنباء التابعة للنظام "سانا" عن الأسد قوله خلال لقائه عبد اللهيان، إن "الادعاءات التركية لتبرير عدوانها على الأراضي السورية هي ادعاءات باطلة ومضللة ولا علاقة لها بالواقع، وتنتهك أحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وروابط حسن الجوار التي يُفترض أن تجمع بين البلدَين الجارَين".

وكانت أنقرة قد أعلنت منذ أكثر من شهر نيتها تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق ضد "قوات سوريا الديمقراطية" في ريف حلب الشمالي، وعلى نحو خاص في اتجاه بلدة تل رفعت ومحيطها. وبالنظر إلى مستوى التجهيزات التي قامت بها أنقرة ومن بينها نقل وحدات قتالية تابعة لفصائل المعارضة السورية المرتبطة بها إلى خطوط التماس في ريف حلب مع قوات النظام و"قسد"، فإنه من المتوقع أن تبدأ العملية في أي وقت.

ويرى مراقبون أن باعث التحرك الإيراني لثني تركيا عن عمليتها العسكرية الجديدة هو توجس طهران من أن تعزز العملية إذا نجحت من الحضور التركي في الملف السوري، خاصة  بعد تهديدات أنقرة باستهداف جميع القوى الموجودة في مناطق تل رفعت ومنبج ومناطق العمليات الجديدة. وهو ما يعني، حسب تلك المصادر "استهداف المليشيات الشيعية المرتبطة بإيران الموجودة في المنطقة ما لم تنسحب".

كما أن نجاح العملية التركية سيقرّب تركيا من تخوم مدينة حلب الشمالية، ما سيمكنها من وضع بلدتي نبّل والزهراء اللتين تضمان مليشيات إيرانية في مرمى نيران فصائل المعارضة السورية.

معالم مبادرة إيرانية جديدة

تحدثت وسائل إعلامية، بينها صحيفة العربي الجديد، عن معالم مبادرة إيرانية طرحها أمير عبد اللهيان على المسؤولين الأتراك، وتقوم هذه المبادرة على ركنين: الأول مشاطرة تركيا في مخاوفها من الواقع الآخذ في التشكل بشمال سوريا، نحو تأسيس كيان كردي مستقل مدعوم من الولايات المتحدة والغرب، والركن الثاني هو استعداد إيراني للوساطة بين أنقرة ودمشق لبحث حل بديل عن العملية العسكرية.

يرى مراقبون أن باعث التحرك الإيراني لثني أنقرة عن عمليتها العسكرية الجديدة هو توجس طهران من أن تعزز العملية إذا نجحت من الحضور التركي في الملف السوري

ويتمثل هذا الحل المقترح في التعاون الأمني المكثف لإضعاف الإدارة الذاتية (الكردية) وإنهاء الوجود الأجنبي في الشمال السوري. وذكرت المصادر أنه يوجد حاليًا مستوى محدد من التواصل الأمني بين النظام وتركيا، لكنه لا يرتقي إلى المستوى المطلوب، وأن أنقرة  "تشترط قبل أي شيء تحركًا ميدانيًا عسكريًا سوريًا ضد الإدارة الذاتية".