22-نوفمبر-2016

من الاعتصام أمام السفارة الفرنسية في بيروت (صفحة الحملة على فيسبوك)

لن تمر ذكرى الاستقلال عادية هذه المرة. احتجاج النساء اللبنانيات المتزوجات من غير لبنانيين، جاء مدويًا. صراخ بصوت واحد: "جنسية أولادي حق لهم ولي". وهذه خطوة استكمالية لحملة كانت قد انطلقت منذ ثماني سنوات، تطالب بـ"إعطاء" الجنسية اللبنانية لأولاد المرأة اللبنانية.

لكن الحال، أن الاحتجاج لن يثمر كثيرًا. لا سيما أن الحكومة، المطلوب تأليفها لم تنته صيغتها بعد، ولا أحد يعرف ماذا ستتبنى في بيانها الوزاري، وأي جهة ستذهب إليها. في ظل "تكهنات" أن تكون المرأة غير ملحوظة في اهتمامات الحكومة القادمة. وفي وقت، من المنتظر أن يكون فيه للتيار العوني تأثير واسع النطاق على "عقلية" الحكم، ولن يقبل بتمرير أي قرار يسمح بإعطاء الجنسية لأولاد رجال غير لبنانيين، خصوصًا الفلسطينيين والسوريين. وهو ما عبر عنه مرارًا وزير الداخلية (رئيس التيار العوني)، جبران باسيل.

حملة جنسيتي حق لي ولأسرتي تشكك في "استقلال" لبنان على ضوء القانون المجحف الذي لا يعطي الجنسية لأبناء المرأة اللبنانية

وتحت شعار: "لا استقلال حقيقي دون تعديل قوانين من عصر الانتداب أو الاستعمار"، نظّمت حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي"، اعتصامًا رمزيًا أمام السفارة الفرنسية من أجل المُطالبة بقانون جنسية "وطني ومنصف للرجال والنساء معًا".

واتخذت النسوة من عيد الاستقلال مناسبة للتذكير بالقانون الذي ينتقص من مواطنتهن وينزع عن أبنائهن الانتماء إلى البلد، الذي "نعرفه أكثر من أي لبناني آخر مُغترب"، على حدّ تعبير إحدى النساء الناشطات في الحملة. شعارات كثيرة رُفعت خلال الاعتصام، كان أبرزها شعار "أولادنا مش أجانب..قوانينكم أجنبية"، في إشارة إلى أن قانون الجنسية من "مُخلّفات الاستعمار". من هنا، كانت مُطالبة هؤلاء بـ "قانون جنسية صُنع في لبنان".

اقرأ/ي أيضًا: زياد الرحباني وكعوب النساء

وألقت منسقة الحملة كريمة شبو كلمة قالت فيها إن "قانون الجنسية الذي وضعه المفوض الفرنسي الجنرال ساراي في العام 1925 لا يزال ساري المفعول حتى يومنا هذا، وبالتالي استقلالنا لا يزال منقوصًا ولن يكتمل إلا بتعديل قوانين من عصر الانتداب والاستعمار"، وطالبت رئيس الجمهورية بـ"وضع قانون لبناني منصف وعادل"، قائم على المساواة التامة بين النساء والرجال على حد سواء ويضمن حق النساء اللبنانيات بمنح الجنسية لأسرهن، وسألت: "كيف يمكن السماح بوجود قانون الجنسية الحالي الذي يخالف الدستور اللبناني؟".

من جهتها، أكدّت رئيسة المجلس النسائي اللبناني المحامية إقبال دوغان أننا "لا نقف هنا ضد السفارة الفرنسية وخصوصًا أن فرنسا قد غيرت وعدلت قانون الجنسية في بلدها وأعطت الحق للنساء بمنح جنسيتها لأسرتها، بل نحن هنا للتوجه للدولة اللبنانية ولمحاربة العقلية الذكورية، التي تمنع عن النساء اللبنانيات منح جنسيتهن لأسرهن".

وذكّرت الحملة بــ"الفقرة السابعة" من الدستور اللبناني التي تنصّ على أن "كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالحقوق المدنية والسياسية ويتحمّلون الفرائض والواجبات العامة من دون فرق بينهما"، داعية إلى ترجمة ما نصّ عليه الدستور واقعًا وبالتالي "إزالة التناقض الواقع في قانون الجنسية الذي يُميّز بين الرجال والنساء". وتساءلت الحملة في هذا الصدد: "كيف يُمكن السماح بوجود قانون جنسية يُخالف الدستور اللبناني؟". وختمت الحملة بيانها بالقول إنه "كما جرى جلاء الجيوش الاستعمارية والمعدات الحربية عن الأراضي اللبنانية، نُطالب بسحب وإجلاء قانون الجنسية الحالي فورًا".

تطالب حملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي" بتعديل الدستور اللبناني وإعطاء الجنسية لأولاد المرأة اللبنانية

وفي مقابل، هذه الحملة، كانت انطلقت صفحة على "فيسبوك" العام الماضي، بعنوان "معًا ضد قانون إعطاء المرأة اللبنانية الجنسية لزوجها وأولادها" لم تسجل حضورًا كبيرًا، ورافقها العديد من النقاشات وتعليقات من أشخاص يدعون دعمهم حقوق المرأة، لكن بعيدًا عن حق إعطائها الجنسية لأولادها"، وفق ما جاء في تعريف الصفحة، متحججين بغياب فرص العمل واحتمال تغير الأوضاع الديموغرافية في لبنان.

وفي مقابل هذه الحملة الإلكترونية، كانت هناك حملة إلكترونية مضادة، انطلقت في حينها، طالبت بسحب الجنسية اللبنانية من أعضاء اللجنة الوزارية، التي كانت مكلفة بمناقشة هذه المسألة في العام 2013، والذين رفضوا إقرار قانون الجنسية، شارحة أن "رفض إقرار القانون يعتبر تمييزًا فاضحًا في الحقوق بين الرجل والمرأة، على الرغم من أنه ليس التمييز الوحيد، الأمر الذي يعتبر التفافًا على المادة السابعة من الدستور اللبناني والتي تنصّ على أن كل اللبنانيين سواء لدى القانون، ويتمتعون على السواء بالحقوق المدنية والسياسية". وكانت دراسة ميدانية أنجزها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العام 2009، قد بيّنت أن هناك 77400 متضرر من جراء قانون الجنسية، بين عامي 1995 و2008، بينما قُدر عدد الأبناء المتضررين بحوالى 41400 متضرر.

اقرأ/ي أيضًا:

جنوب لبنان تحت سطوة المطاوعة

"نقشت".. حفلة تسليع للمرأة اللبنانية