10-مارس-2017

من مسلسل جميل وهناء

متى يرتئي كاتب العمل الدرامي أو مخرجه تقديم جزء ثانٍ لمسلسل؟ هل يسبق ذلك دخول الأستديو والشروع بتصوير جزء أوّل يتناول أحداثًا مترامية في المكان والزمان ولا بد من متابعتها جميعها في جزء ثان أو أكثر، أم أن فورة "أدرينالين" النجاح الذي يرافق عرض الحلقات على الشاشة تلهب القلوب لاستتباع النجاح بآخر.

يشكّل مسلسل "يوميات جميل وهناء" أحد أبرز الأعمال الكوميدية "المشغولة" بإتقان

في المبدأ، وقبل إصابتها بعدوى "الإسهاب" من المسلسلات التركيّة رغبةً بالمجاراة على "نيّة" المنافسة مع وجود ميزانيات مقبولة نسبيًا في الأعمال العربية المشتركة، أُخرجت المسلسلات العربية من مواقع التصوير إلى بيوت المشاهدين في ثلاثين حلقة. قد تُضاف إليها حلقة أو اثنتان على الأكثر، إذا ما دعت الحاجة لذلك فيتسمّر العرب في أول وثاني أيام العيد أمام التلفاز لمشاهدة الحلقتين المتممتين للمسلسل، باعتبار أن شهر رمضان هو التوقيت الذي يتوخاه كل منتج لعرض أعماله الجديدة.

اقرأ/ي أيضًا: دراما الثورة السورية (1).. سنعود بعد قليل

مسلسل "يوميات جميل وهناء" يشكّل أحد أبرز الأعمال الكوميدية "المشغولة" بإتقان، أكان لجهة النصّ الخفيف والظريف، أم لجهة التصوير والإخراج في مساحتين أساسيتين هما منزل عائلة "جميل الحمصي" والمديرية مكان عمله.

ومع عرض أولى الحلقات في رمضان العام 1997، باتت شخصيات كل من الثنائي أيمن زيدان (جميل) ونورمان أسعد (هناء)، بالإضافة إلى جارتهما التي تجمع صفات البخل والفضول والنكد أم محمود (ولعبت دورها القديرة سامية الجزائري)، حديث الناس والإعلام الذي اقتصر في ذلك الحين على وسائله التقليدية قبل سنوات من "ثورة" مواقع التواصل. 

وقد طبعت المتابعة الحثيثة واليومية لمشاهدة الحلقات في أوقات عرضها وإعادتها، أحداث المسلسل والمواقف التي شهدها في ذاكرة من شاهدوه وهم كثر. وهي تُعاد وتُستعاد بين الحين والآخر بعرض مفاجئ على هذه المحطة أو تلك.

"ألو جميل، ألو هناء" مثّل نوعًا من "السقوط" الدراماتيكي للمسلسل الكوميدي

في عام 2001، جاء القرار بتصوير جزء ثان من المسلسل تحت عنوان "ألو جميل، ألو هناء" بنص كتبه المؤلف نفسه زياد نعيم الريس، لكن نُفذ هذه المرة وفق رؤية مخرج آخر هو محمد الشيخ نجيب بدلًا من هشام شربتجي الذي أخرج "اليوميات"، فجاء العمل المستنسخ عن الجوهر، في "لوكيشن" اختلف تمامًا ومع وجوه نَدُر من لم يطلْها التبديل، وأحداث خارجة عن السياق واستُخدمت للحشو (كالانتخابات في المديرية، وفوضى الوظيفة الرسمية)، فضلًا عن أداء مبالغ فيه لكل من الثنائي أيمن ونورمان، تهريجيًا لا مضحكًا، ووصل إلى حدّ الاضجار مع كثرة "الملح والبهار".. مع أهمية الإشارة هنا إلى حفاظ الجزائري على "روحية" شخصية أم محمود وإن كانت في الجزء الأول أكثر عفوية واستفزازًا في آن.

اقرأ/ي أيضًا: 10 مسلسلات سورية للنقد والمتابعة في رمضان

و"السقوط" الدراماتيكي للمسلسل الكوميدي في نسخته المعدّلة، ظهر عند عرضه. فالسذاجة التي عكستها سطحية النص والصورة "المبهرجة" التي نقلها المخرج لتواكب مطلع الألفية الثالثة، لم تكن قاصرة عن جذب المشاهدين فحسب، بل نفّرت كل من تحمّس لمتعة إضافية في يوميات مطبّات الحب ومقالب الغيرة.

على "يوتيوب" يحتفظ كل من جميل وهناء بمكانتيهما على الرغم من مرور عشرين عامًا على ظهورهما الأول على الشاشة. غير أن الفارق الشاسع بين الانكباب على متابعتهما في الجزء الأول في مقابل إهمال ذلك في الثاني يظهر جليًا على الموقع بدءًا من الحلقة الأولى حتى الأخيرة. فاليوميات تحافظ على نسبة تفوق المليون ونصف المليون على امتداد الحلقات. بينما تشهد هذه المتابعة انتكاسةً في الجزء الثاني تلي الحلقة الأولى وتصل إلى نحو 500 ألف مشاهدة لا تلبت أن ترتفع قليلًا لتعاود الانخفاض، وصولاً إلى الحلقة الأخيرة حين تُظهر الأرقام متابعةً أعلى نسبيًا، فيشكف الخط البياني للمشاهدة قفزًا متعمّدًا فوق عدة حلقات "لا طائل منها" لمعرفة مآل الحيرة والغيرة في علاقة الزوجين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

جمال سليمان: السوق لا يريد أن يتحدث عن سوريا

باب الحارة... "العرصات" تتكاثر