30-ديسمبر-2022
الزهاوي وديوانه

الزهاوي وديوانه

لُقِّب الشاعر العراقي الراحل جميل صدقي الزهاوي (1863 – 1936) بـ "شاعر العقل"، ورأى فيه الأديب المصري طه حسين "معرّي هذا العصر"، حيث كتب في رثائه: "لم يكن الزهاوي شاعر العربية فحسب ولا شاعر العراق بل شاعر مصر وغيرها من الأقطار. فقد كان مربيًا لهذا الجيل الشعري؛ إذ كان شاعر العقل، وكان معري هذا العصر".

ولد الزهاوي في بغداد عام 1863 لأسرة تعود جذورها إلى أصول كردية، وتلقى فيها تعليمه على يد والده محمد فيضي الزهاوي، مفتي بغداد وأحد أبرز علمائها. عمل مدرسًا، وعضوًا في مجلس المعارف، ومديرًا لمطبعة الولاية، ومحررًا لجريدة "الزوراء"، وعضوًا في محكمة استئناف بغداد، وأستاذًا للفلسفة الإسلامية في دار الفنون في إسطنبول. كما مثّل "حزب الاتحاديين" في مجلس المبعوثان، وعُيّن عضوًا في مجلس الأعيان بعد تشكيل الحكومة العراقية.

نظم الزهاوي الشعر باللغتين العربية والفارسية، وتميزت قصائده بخلفيتها الفكرية والفلسفية التي تجلت في المصطلحات العلمية والفكرية والفلسفية التي تضمنتها.


لَقَد طالَ يا لَيلى إليك نزوعي

فأَرسلت عَن بعد إليك دموعي

 

ثقي بدموعي في كتابي فإنني

بِنَفسيَ قد أَودعتهنَّ ولوعي

 

رَسائِل مشتاق الى من أَحبَّهُ

تخبر عَن وجد به وَنزوع

 

لَقَد صدعتني النائبات بوقعها

وَلَم تَلتَئم للَيوم بعدُ صدوعي

 

وَقَد ساءَني أن النوى أَخذت بنا

تشطّ وأن الشمل غير جَميع

 

تعشقتها سمراء يحلو حَديثها

وَما فيه من لحن لكل سَميع

 

رَمَتني بسهم رائش هُوَ نظرة

فأَصمت فؤادي وهو بين ضُلوعي

 

لَقَد هاجَت الوَرقاء شجوي بشدوها

عَلى دوحة الليمون بين فروع

 

إذا سجعت هبت تجيب حمائم

وَتكثر من أسجاعها لسجوع

 

وَلَو كانَت الوَرقاء خلوًا من الهَوى

لما هتفت في اللَيل بعد هزيع

 

وَما للهزار اليوم في الروض ساكتًا

كأَنَّ رَبيع الشعر غير رَبيع

 

وَبي قد يلم الموت في أَرض غربة

هنالك في قبر يَطول هجوعي

 

فتفرح أَعداء وَتأسى أَحِبَّة

وَتنهَمِر اللعنات فوق دموع

 

وَما أَنا من أَحزانهم ذو اِستفادة

وَلا أَنا من لعناتهم بجزوع

 

إذا كنت بعد المَوت للحس فاقِدًا

فَما ضر أَن القبر غير وَسيع

 

وَكَم فلّ هَذا الموت في غشيانه

جموعًا من الأقوام إِثر جموع

 

وَعاث بشعب مطمئن بأرضه

كَما عاث ذئب جائِعٌ بِقَطيع.