18-أكتوبر-2015

لا آمال معلقة على الوساطة الأمريكية (موسى الشاعر/أ.ف.ب/Getty)

"داي أوف رايج اغنست إسرائيل"هي العبارة التي اختارتها محطة "سي إن إن" الأمريكية" لوصف الغضب الفلسطيني يوم الجمعة في شوارع القدس المحتلة، ومدن الضفة الغربية، والمواجهات بين فتيان وشبان فلسطينيين مدنيين وجنود الاحتلال الإسرائيلي المدججين بالأسلحة. اختارت المحطة الأمريكية التسمية الفلسطينية "لأعمال العنف" التي تحدث عنها الرئيس باراك أوباما. على الرغم من إشارتها الى أن هذا الوصف ورد في بيان لحركة حماس المدرجة على لوائح الارهاب الأمريكية.

بعد أسبوعين من المواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي تمكنت الانتفاضة الفلسطينية من فرض نفسها بقوة خبرًا بارزًا على شاشات التلفزة الأمريكية والصحف اليومية الكبرى، كما انتشرت بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي صور الإعدامات وعمليات الاغتيال التي نفذتها فرق القناصة الإسرائيلية ضد الفتيان والشبان الفلسطينيين في ساحات وشوارع القدس ومدن الضفة الغربية وقطاع غزة. فالعلاقة الوطيدة بين الانتفاضة والسوشيال ميديا أحدثت فرقًا كبيرًا في الرأي العام الأمريكي. وما عاد بإمكان أي محطة تلفزيونية أو صحيفة تزعم لنفسها حدًا أدنى من المصداقية والموضوعية تجاهل مشاهد عمليات الاغتيال التي يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون.

احتلت صورة الفتى الفلسطيني الذي قتله جنود الاحتلال بدمٍ بارد قرب الخليل الصفحات الأولى لليوميات الكبرى

هكذا، احتلت صورة الفتى الفلسطيني الذي قتله جنود الاحتلال بدمٍ بارد قرب الخليل الصفحات الأولى لليوميات الكبرى وشاشات التلفزة في الولايات المتحدة. ربما لأن هذا النوع من الصور والمشاهد المصورة التي التقطها على الغالب الناشطون الفلسطينيون بواسطة كاميرات أجهزتهم التلفونية تشبه كثيرًا ما تعرضه المحطات الأمريكية من مشاهد لعمليات قتل مشابهة يتعرض لها شبان أمريكيون عزل على يد رجال الشرطة الأمريكية في  شوارع بالتيمور وفيرغسون والمدن الأمريكية الأخرى، التي تشهد ما يشبه الحرب الأهلية بين الأقليات من ذوي الأصول الافريقية واللاتينية وبين رجال الشرطة الأمريكية .

طبعًا لا يغيب عن وسائل الإعلام الأمريكية مقاربة الانتفاضة الفلسطينية من زاوية النظر الإسرائيلية وهي تتناول الحدث تحت يافطة المخاطر التي ستتعرض لها الحليفة المدللة جراء توسع المواجهات واشتداد حدتها، واندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة. وحاولت قناة فوكس نيوز الجمهورية تناول الانتفاضة من زاوية اليمين الأمريكي واستغلالها في السجال الداخلي. فانتقدت البيت الأبيض وتصريحات أوباما التي أدان فيها أعمال العنف من قبل الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي فاستنتجت أنه يتهم الجيش الإسرائيلي بالإرهاب.

المحللون الأمريكيون الذين استضافتهم أبرز المحطات التلفزيونية استبعدوا إمكانية السيطرة على الانتفاضة الفلسطينية الجديدة لأن أبطالها من الجيل الإلكتروني الفلسطيني الشاب المتمرس بتقنيات التكنولوجية الحديثة وأسرار شبكة الإنترنت. غاليبتهم في العقد الثاني أو الثالث من العمر. يعملون بمبادرات فردية وأحيانًا بالتنسيق مع مجموعات شبابية لا تتصل بقيادة مركزية ولا تتبع للسيطرة المباشرة من القيادات والمنظمات الفلسطينية التقليدية. هذا الجيل وفق هذه النظرة الأمريكية هو نسخة فلسطينية منقحة عن جيل شباب ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وسورية وليبيا وغيرها من الدول العربية.

وعليه، فإن هؤلاء المحللين لا يعلّقون آمالًا كبيرة على جهود الوساطة الأمريكية التي بدأت بالتحرك وإن كانوا يشددون على ضرورة القيام بها ومحاولة مساعدة إسرائيل للحد من خطر انتفاضة الإنترنت والسكاكين وعدم تحولها إلى انتفاضة فلسطينية شاملة، يتخوفون في واشنطن من أن تكون شرارة لحرب دينية مفتوحة في الشرق الأوسط.

اقرأ/ي أيضًا:

العربية تغزو أمريكا
دفع أمريكا لاستحضار صورتها