19-يونيو-2018

تشهد السوشال ميديا في لبنان حربًا بين جماهير منتخبي البرازيل وألمانيا (يوتيوب)

رغم انطلاق مونديال روسيا 2018 مساء الخميس الماضي بمباراة الافتتاح التي اكتسحت فيها مضيفة البطولة روسيا، المنتخب السعودي، بخماسية نظيفة، ورغم المباراة الكبيرة بين إسبانيا والبرتغال وتعادلهما بعد تألق رونالدو، ورغم لعب الأرجنيتن وميسي مباراتهما الأولى؛ ولعب المنتخبات العربية كلٌ مباراته الأولى، إلا أن شريحة كبيرة من جماهير كرة القدم في لبنان، كانت تترقب مساء الأحد 17 حزيران/يونيو، لمشاهدة الانطلاقة الفعلية والحقيقية للمونديال بالنسبة إليهم، حيث تلعب ألمانيا حاملة اللقب مباراتها الأولى ضد المكسيك، فيما تستهل البرازيل، صاحبة الرقم القياسي بالتتويج، مشوارها باللعب ضد سويسرا.

يحظى منتخبا ألمانيا والبرازيل بشعبية جارفة في لبنان، وبينهما تقتصر متابعة، ومنافسة، الجماهير اللبنانية في المونديال الحالي

يحظى منتخبا ألمانيا والبرازيل بشعبية جارفة في لبنان، وقد ساهم خروج المنتخب الإيطالي من التصفيات، في حصر معركة الحشد والحضور بين العملاقين الأوروبي والأميركي الجنوبي.

اقرأ/ي أيضًا: لعنة حامل اللقب.. ألمانيا عاشر بطل يفشل في أولى مبارياته في المونديال

والحديث عن المونديال يختلف إلى حد ما عن الحديث حول الدوريات الأوروبية والمسابقات المحلية. المونديال هو عرس عالمي يشارك فيه الجميع، لست بحاجة لأن تكون من عشاق الكرة أو من المطلعين عليها لكي يجذبك المونديال. إنه كرنفال يعطي متعة مجانية للجميع، يشارك الجميع في عرض الصور والملصقات والنتائج والمعلومات. تتشكل دوائر ومجموعات تضم مشجعي كل فريق، من يختلف معك في السياسة قد يتفق معك في المونديال، وبالعكس. إنه شهر إجازة من الشحن السياسي والمذهبي، والاستمتاع بسحر كرة القدم.

اللبنانيون المشجعون لألماني كانوا قد قد أطلقوا خلال مونديال 2014 في البرازيل هاشتاغ "#مش_قاريينكن"، في إشارة إلى الثقة الزائدة بالمنتخب الألماني، والاستخفاف بالمنافسين الآخرين. وقد حمل في تغريداته وتدويناته الكثير من الفويقة واستفزاز جماهير المنتخبات الأخرة؛ فالحرب على مواقع التواصل الاجتماعي لا تخضع لأي ضوابط. الاستفزاز والاستفزاز المضاد، واستعراض العضلات ومكامن القوة، وإظهار ضعف الآخر والإشارة إلى كبواته وسقطاته، هي أبرز وجوه هذه الحرب.

الفوز الكاسح لألمانيا على البرازيل قبل أربع سنوات، أمام جماهيرها في البيلو هوريزنتو، بسبعة أهداف مقابل هدف، ترك ندوبًا كبيرة في الكبرياء الكروي البرازيلي، وأعطى الجمهور الألماني شحنةً هائلة من الثقة.

وقبيل انطلاقة المونديال ظهر هاشتاغ "#اشحنوا_المونديال_عالريو" في إشارة إلى مدينة ريو دي جينيرو البرازيلية. وقد تداوله بكثرة الجمهور البرازيلي في لبنان. كذلك أعادوا نشر صور من مونديال 2002، عندما توّج راقصو السامبا بلقبهم الخامس، ضد ألمانيا بالذات، وبهدفين من رونالدو دا ليما، في مرمى العملاق أوليفر كان، الذي تسبّب بالهدف الأول. الرد الالماني كان جاهزًا على الدوام، بالـ7-1 المدويّة بحجمها وبظروفها، وكانت تفي بالغرض على الدوام.

مهارات "الغرافيك ديزاين" و"الفوتوشوب" والتلاعب بالكلمات، تظهر بكثرة؛ فكل طرف يبذل قصارى جهده للخروج بأفكار مبتكرة فيها فن وإبداع، والكثير من السخرية والاستهزاء.

فتداول مشجعو البرازيل صورة للمهاجم فيرمينو وكتبوا عليها: "أكبر راس فيرمينو"، كما نشروا صورة لطفل يلبس الزي البرازيلي، وقد كُتب عليها: "بإجرنا منرقص العالم". كذلك لم تغب صور نجم باريس سان جيرمان نيمار عن الواجهة، وهو اللاعب الذي تُعلق عليه جماهير السيليساو آمالًا عريضة.

اشتعلت الحرب بين جمهوري ألمانيا والبرازيل في لبنان على مواقع التواصل الاجتماعي، بالصور والفيديوهات الساخرة

في المقابل عاد جمهور المنتخب الألماني  إلى وسم "#مش_قاريينكن" مرة أخرى، والذي حمل لهم السعد في المونديال الماضي. الجمهور يثق بقدرة الفريق تحت قيادة يواكيم لوف على التتويج باللقب الخامس، ومعادلة رقم البرازيل.

اقرأ/ي أيضًا: البرازيل تهزم ألمانيا ودّيًا في برلين.. فهل تستعيد كبرياءها المفقود؟

ثم خسرت ألمانيا مباراتها الأولى أمام المكسيك، فاشتعلت مواقع التواصل: "ماريا مرسيدس (نسبة لبطلة المسلسل المكسيكي الشهير الذي عرض في لبنان في التسعينات) تهزم المرسيدس الألمانية". و"خسارة تاكيلا (تعني ثقيلة) للألمان"، نسبةً للتاكيلا المكسيكية الشهيرة.

الجمهور البرازيلي الذي شمت بالألمان، كان يمني النفس بتحقيق انطلاقة قوية، لكن منتخب سويسرا وقف لهم بالمرصاد، فانقادوا إلى تعادل إيجابي 1-1.

أما جمهور ألمانيا الذين لم يستوعبوا الخسارة المفاجأة من المكسيك، لم يجدوا مخرجًا أفضل من تعثر البرازيلين لاستعادة ماء وجههم. فنشر الجمهور الألماني أغنية "وزع شوكولاتة وطعمينا" في إشارة إلى الشوكولا السويسرية. وقبل المباراة نشر البرازيليون صورة لأم كلثوم مع عبارة "هذه ليلتي"، سخر منهم الألمان، بعد تعثرهم ونشروا الصورة نفسها مع عبارة "فات الميعاد".

خسارة ألمانيا المفاجئة عززت من احتمالية تواجه قطبي كرة القدم في الدور الثاني، في نهائي مبكر، علمًا بأن الفريقين لم يتواجها من قبل في المونديال قبل نصف النهائي. قد يبدأ الجمهوران من الآن التحضير لمعركة على وسائل التواصل الاجتماعي، لا تقل ضراوة عن المعركة في أرض الملعب.

حرب السوشال ميديا بين مشجعي ألمانيا والبرازيل في لبنان، لا ضوابط لها، وأسلحتها الصور والفيديوهات الساخرة والتاريخ المؤلم أحيانًا

ويبقى في النهاية القول، إن الكلام مجاني ولا ضريبة عليه، أما الحكم والفيصل فهو للميدان. فهل يشحن البرازيل الكأس إلى الريو؟ أم يتوج الألمان مرة ثانية ويثبتون أنه من حقهم أن لا "يقرأوا" أحداً؟ أم سيكون لفريق ثالث رأي آخر؟ فلننتظر ونرَ.

 

اقرأ/ي أيضًا:

العرب وكأس العالم.. تاريخ متواضع وطموحات كبيرة في المونديال المقبل

قصة كأس العالم 1974.. كأسٌ جديدة ومفاجئات حاضرة في التصفيات