30-نوفمبر-2017

جلال برجس (فيسبوك)

ليست الرّواية عند الأردني جلال برجس (1970) إلا توريط اللغة والخيال في لملمة ملامح الإنسان والمكان في صراعهما من أجل أبعادهما الإنسانية، في عالم بات كلّ ما فيه ساعيًا إلى طمس هذه الأبعاد. وتنضاف روايته الجديدة "سيّدات الحواس الخمس" (المؤسّسة العربية للدّراسات والنّشر، 2017) إلى متونه السّابقة، خاصّة روايته "أفاعي النار/حكاية العاشق علي بن محمود القصّاد" الفائزة بجائزة "كتارا" عام 2015، في مقاربة هذا الرّهان.

يعاين جلال برجس، في روايته "سيدات الحواس الخمس"، الحياة عبر حوّاس الإنسان، معوّلًا على فكرة الاستشراف

يُعاين جلال برجس، في متنه الجديد، الحياة عبر حوّاس الإنسان، معوّلًا على فكرة الاستشراف. وبرؤية أثمرها ما ألمّ بالعالم العربي من تغيّرات لم تكن متوقعة في السّنوات الأخيرة. ينطلق من مدينة عمّان بصفتها نموذجًا للمدينة العربية، التي تعاني شتّى أشكال التغيير المتعلّق بملامح الإنسان وهويّته ونفسيته وتفكيره.

اقرأ/ي أيضًا: رواية "المُحجّبة" لجهاد بزّي.. حياة لا تحدث

أفرزت المرحلة نخبة من الفاسدين قامت بإجهاض أحلام الفنّان التشكيلي سراج عزّ الدّين، الذي يشرع في ترميز زوجته/ أنثاه، فتصبح هي الوطن في نظره، والتعامل مع حوّاسه الخمس، كما لو كانت كائناتٍ حيّةً. يسأل: "لماذا لم تكن لحواسي القدرة على التنبّؤ مسبقًا بما حدث لي؟". 

يغرق سراج في صدمة مفاجئة، ثم ينتشل نفسه بالهجرة إلى أمريكا، التي يتزامن وصوله إليها مع غرقها في صدمة 11 أيلول/سبتمبر عام 2001، فتظهر براعة الذّات الكاتبة في رصد ذهوله، وهو يعاين سقوط البرجين، من غير أن يدري هل هو سقوطه الشّخصي أم سقوط العالم؟

سيدات الحواس الخمس لـ جلال برجس

هنا، استفاد جلال برجس من تجربته الشّعرية في الوصول إلى أقاليم قصّية من الذات المكتوبة، بحيث ينسى المتلقي كونه ذاتًا قارئةً، فيتفاعل مع الشّخصية الرّوائية كما لو كانت تقوله/ تمثّله.

تصبح عمّان، جبل اللوبيدة تحديدًا، في هذه الحالة، الحضنَ الأجدرَ بالعودة إليه، هروبًا من مكان أجنبي يعاني هو الآخر انهياراتٍ خاصّةً به، وهذا ما فعله سراج عزّ الدّين عام 2010. وهي التّجربة التي تمنح السّرد طاقة تخييلية للاقتراب من واقع الإنسان العربي والخروج عليه في الوقت نفسِه.

يعاين بطل رواية "سيدات الحواس الخمس" سقوط برجي مركز التجارة، دون أن يدري أهو سقوطه الشّخصي أم سقوط العالم؟

يقول جلال برجس لـ"الترا صوت" إنّ ما فكّر فيه حينما اصطادت مخيلته فكرة هذه الرّواية أنه يمكن لنا أن نفاجأ بهشاشة ما نؤمن به، وبفداحة ما لم نتوقّع حدوثه من قبل.

اقرأ/ي أيضًا: أزهر جرجيس: ماذا يريد الغريب؟

وأضاف جلال برجس الحاصل على جائزة "رفقة دودين" للإبداع السّردي عن روايته "مقصلة الحالم" عام 2014: "إن الذي حدث في هذه الرواية هو كل ما يتعلق بحقيقة وجودنا الإنساني، وصراعنا مع فكرة العُش الدّافئ، ومع الأيادي التي تمتد إليه، وتبعثره، فيأتي الصقيع. الصقيع الموجع لا يأتي إلا في غياب العش".

في روايتي هذه، يقول جلال برجس، خمس حواس، وسادسَةْ، وسراج عز الدين، وخمس نساء، ووطن، وأيادٍ شرهة، ومصائر، وأمل يعوّل عليه، في زمن لا ينفع معه إلا الأمل. وفيها (غاليري الحواس الخمس) الذي بُني في الرواية على جبل من جبال عمّان، قبالة مجموعة سليمان الطالع التجارية. ليكونا مشروعين يتصارعان، الضّوء قبالة الظلام الجديد".

 

اقرأ/ي أيضًا:

دلدار فلمز.. الشعر في مشهديات

الطاهر وطّار.. يمنح بركته للروائيين الشباب